أكد محافظ الأحساء، صاحب السمو الأمير بدر بن محمد بن جلوي آل سعود، أن منطقة الخليج ليست نفطاً، أو غازاً فقط، بل هي منطقة أدب وفكر وثقافة وحضارة عريقة، تنبع أصالتها من أصالة الإنسان الخليجي والعربي المسلم، ومن انفتاح أدبائه، وأدبياته وفق مناهج الأدب الحديثة، في زمن أصبحت فيه وسائل المعرفة وتقنية المعلومات متاحة للجميع، مبيناً أن مشهد التحول الكبير في الشأن الأدبي والثقافي، الذي تزامن مع نهضة دول مجلس التعاون في مجالات التعليم والعمران والاقتصاد، وغيرها من مناشط الحياة التي أسهمت في تأصيل كثير من القيم، سواء ما يتصل منها بالهوية الثقافية، أو الاجتماعية، أو ما يتصل ببعض الأعراف والعادات والتقاليد. وتبلورت في أذهان الكتاب والأدباء الخليجيين من الجنسين قناعات من أهمها أن الأدب هو الشكل التعبيري المفتوح، الذي استحضر كثيراً من قيم ومُثُل مجتمع الخليج العربي، وعالج ذلك بموضوعية ومسؤولية في كثير من جوانبه، مضيفاً أن رسالة الأدب توجيه وبناء الناس، وقوة تدفع بهم إلى العلا والنظام والتعاون والمودة والإخاء، بما يهذب النفوس، ويروي ظمأ المتعطشين للكلمة الجميلة والمعنى الهادف. جاء ذلك خلال رعايته أمس، “ملتقى جواثى الثقافي الثالث” الذي ينظمه نادي الأحساء الأدبي، وتستمر فعالياته لمدة يومين، بعنوان “الحركة الأدبية المعاصرة في الخليج العربي”، بحضور وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور ناصر الحجيلان، ومدير إدارة الأندية الأدبية بالمملكة عبدالله الكناني، وعدد من الشخصيات الأدبية والثقافية العربية والخليجية. وخلال كلمته، أكد رئيس النادي الدكتور ظافر الشهري أن الملتقى يأتي استجابة فورية لتطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي دعا إخوانه قادة شعوب دول الخليج، إلى الانتقال من مرحلة التعاون، إلى مرحلة الاتحاد والوحدة، معتبراً أن “الخليج أرضاً وإنساناً له حق علينا أرباب الأدب والفكر في صياغة أدب يليق به”. وأعلن الدكتور ظافر تشرف مجلس إدارة النادي بمنح محافظ الأحساء العضوية الشرفية ورئاسة أعضاء شرف النادي، تقديراً للدعم المتواصل من لدن سموه الكريم، وتفضل الوكيل الحجيلان بتسليم سموه لهذه العضوية. وخلال فقرات الحفل، تم عرض فيلم وثائقي عن مسيرة النادي، ثم ألقى وزير التربية والتعليم بدولة قطر، سابقاً، الدكتور محمد كافود كلمة الضيوف، مؤكداً أن أبناء الخليج في أشد الحاجة إلى هذا التواصل والتفاعل والاهتمام بقضايا مجتمعاتهم، لأن النسيج الثقافي المتماسك النابع من رؤية واضحة تجاه الأهداف والغايات، هو الحصن الحصين لتماسك المجتمع، ووحدته وتراث أبنائه، والحفاظ على هويته العربية الإسلامية، وهما العنصران الأساسيان في تكويننا الثقافي، مبيناً أن دول المجلس تمتلك كل مقومات الوحدة، متمثلة في أهم عناصرها ومكوناتها وهي اللغة، والدين، والجنس، وهي مقومات الوحدة الثقافية. وألقى الشاعر عبدالله الخضير قصيدة عن الأحساء، وبعدها كرَّم راعي الحفل أربع عشرة شخصية حاضرة في الملتقى. وكانت فعاليات الملتقى بدأت، مساء أول أمس، بأمسية شعرية لأربعة شعراء (امرأتان ورجلان)، وهم الكويتية سعدية مفرح، والسعودي مريع سوادي، والسعودية تهاني الصبيحة، وبسام دعيس من سوريا، وأدارها جمعان الكرت الغامدي، وألقت الشاعرة سعدية مجموعة من قصائدها. وبدأ الشاعر مريع سوادي أولى قصائده ب”لعبة ضمير”. وفضلت الشاعرة تهاني الصبيحة أن تبدأ بقصيدة “خبأت عنك تاريخ ميلادي”. وبدأ الشاعر بسام دعيس أولى قصائده بقصيدة “ثلاث حسان”. وفي الجلسة الثانية للملتقى التي بدأت، صباح أمس، حول محور الخطاب الشعري، وشارك فيها الدكتور محمد الربيع، ببحث بعنوان “الملك عبدالعزيز في الشعر الخليجي المعاصر”، أشاد شعراء الخليج بالملك عبدالعزيز، وتحدثوا عن إصلاحاته ومنجزاته الوحدوية والحضارية، ودفاعه عن أهل الخليج. وشارك الدكتور حاتم الفطناسي ببحث بعنوان “أين تأتي القصيدة يا ترى؟”. كما شارك الناقد محمد العباس ببحث حمل عنوان “المفردة البحرية في النصوص الشعرية الخليجية المعاصرة”، متحدثاً عن غياب المفردة البحرية على مستوى اللفظ، مقابل حضور مفردات اغترابية، نتيجة انهيار النظام الثقافي القديم، واغتراب الذات المعاصرة عن تاريخها وموروثها ومكانها.