في داخل أطفالنا تعج ضوضاء كبيرة، وبين أرواحهم مواقف ولحظات تسببت في إيذائهم النفسي، ومرُّوا بمشكلات تحملوها فوق طاقتهم. الأطفال ليسوا مثل الكبار فعادة لا يستطيعون البوح عن مكنوناتهم أو التنفيس عن المشاعر التي تحطمهم وتجعل منهم أطفالاً انطوائيين، لذلك يصعب أحياناً معرفة ما يعانيه الطفل وما يشعر به من ألم نفسي وحرمان ويبقى الألم بداخله في أطوار النمو إن لم يكتشف أحد هذا الأمر. لذلك فإن أحدى طرق العلاج النفسي هو «العلاج النفسي بالفن» ويندرج تحته قائمة طويلة من الفنون التي قد تكشف عما بداخل الشخص من أي اضطرابات نفسية قد يعاني منها، الرسم الحر أو (الشخبطة)، وأعمال الفخار والخزف. كلها فنون قادرة على اكتشاف ما بداخل الطفل والمريض النفسي بشكل عام لأنه علاج مطبق للكبار والصغار. ما يثبت هذا الأمر أن عديداً من الرسامين العالميين كانت لوحاتهم تنفيساً عن مشاعرهم وتصويراً لما بداخلهم من مواقف وذكريات، والفن تعبير غير لفظي لكنه يبوح بكثير عن الإنسان وما يشعر به. حلل الأطباء النفسيون اللغة الصامتة التي تنطق بالجمال عن الاختبارات الإسقاطية التي تجعل من الرسم إسقاطاً للشخصية لما في داخلها. فالمكتئبون عبَّروا عما بداخلهم من خلال لوحاتهم المظلمة المملوءة بالسواد انعاكساً لذاتهم الداخلية، والمفصومون رسموا الصور المجزأة والمكسورة البعيدة عن الواقع. الفن عالم جميل وتصوير دقيق ومرآة تعكس الإنسان وما يحمله داخل روحه، ابحثوا بين رسوم من تحبون فقد تكون هناك إشارات تعني رموزاً حبيسة بداخلهم.