اعتمدت مراكز التأهيل النفسية الحديثة على الرسم في عملية كشف خفايا شخصية الأطفال، حيث يتاح لهم فرصة التعبير بالرسم عما في داخلهم من انفعالات مختلفة، مفرحة كانت أم محزنة، فيشخص الأطباء حالة الطفل من خلال ما يقوم برسمه. تفريغ طاقة وأكد أستاذ علم النفس فتحي الشرقاوي، أن العلاج بالرسم هو أحد الأساليب التي يمكن الاعتماد عليها مع الأطفال الذين يعانون من خلافات والديهم المستمرة، وأعاد ذلك إلى كبتهم للصراعات النفسية التي لا يستطيعون التعبير عنها لفظياً، مبيناً أنهم يلجؤون إلى الرسم لتفريغ طاقة الانزعاج داخلهم، فيمكن التعرف على نوعية الصراعات داخل الطفل من خلال رسومه. وأوضح الشرقاوي أن لرسومات الأطفال دلالات، كالطفل الذي يميل لرسم نماذج التسلط والعنف في المنزل، فيطغى على رسمه جانب التشويه برسم الخطوط الكبيرة، مشيراً إلى أنه ليس كل رسوم الأطفال سلبية، بل هناك رسومات تعكس حالة الطفل الشعورية وسعادته وطموحه، كرسمه لمهنة الطيار والطبيب.
نفسيون ومدمنون وذكر الفنان التشكيلي في قسم التأهيل في مجمع الأمل، يونس القوز، أن العلاج بالفن لا يقتصر على الأطفال فقط، بل يفيد في تأهيل المرضى النفسيين والمدمنين، حيث يُتاح للمرضى فرصة التعبير عما في داخلهم، بالإضافة إلى تشجيع موهبة الرسم وتنميتها في داخلهم، بالتركيز على طريقة رسمهم لأنواع الخطوط واختيار الألوان، ومن ثم تعرض أعمال المرضى على المختصين لتخضع للدراسة، فيكشفون بذلك جوانب مختبئة في شخصية كل فرد.
دورات تحليلية ومن جانبه، ذكر اختصاصي السلوك أحمد آل سعيد تجربته في إقامة دورات تحليلية لرسم الأطفال، وبيّن أن هدفه الأساسي يكمن في معرفة سلوكهم من خلال رسومهم وخطوطهم، وقال «تعد عملية تحليل الرسم مقدمة لعملية تحليل العلاج السلوكي»، منوهاً إلى أهمية دور الوالدين في التوجيه والإرشاد لأطفالهم. وأكد آل سعيد في سياق حديثه عن دورته التدريبية إلى وجود مائة طفل بحاجة إلى تعديل سلوكياتهم، ووضح أن ذلك لا يتم إلا بالنقاش مع ذوي الطفل. مشيراً إلى أهمية تنمية موهبة الرسم عند الطفل، بحيث تترك الحرية له في رسم ما يحب، والتنفيس عما في داخله بدون ضغط أو جبر، مبيناً أن الهدف الرئيسي من ذلك هو إمتاع الطفل وترويحه عن نفسه.