أدى العصيان على الحكومة الذي قاده المعارض عمران خان إلى تفاقم الأزمة في باكستان، وباتت الأنظار مشدودة إلى الجيش الذي قد يعمد إلى القيام ب «انقلاب مخملي» لإيجاد حل لهذا المأزق. وكان بطل الكريكت السابق عمران خان المشهور بوسامته حظي قبل 3 سنوات بشعبية واسعة بفضل خطاباته النارية ضد حكومة متهالكة، لكنه لم يتمكن من الحفاظ على هذه الشعبية للفوز بالانتخابات النيابية في مايو 2013 التي أوصلت إلى السلطة نواز شريف المتمتع بدعم قوي في معقله البنجاب. وطالب عمران خان والمعارض الآخر الإمام طاهر القادري المقيم في كندا، الذي يرأس شبكة من المدارس والمساجد في باكستان، الأسبوع الماضي، باستقالة شريف، معتبرين أن عمليات التزوير أوصلته إلى الحكم. وكان هذان المعارضان توعدا ب «تسونامي» من مليون متظاهر للمشاركة في مسيرة إلى العاصمة إسلام آباد من أجل «الثورة» في رأي قادري ومن أجل «الحرية» في رأي خان. وإذ لم يتمكن خان وقادري من جمع مليون متظاهر، إلا أنهما تمكَّنا من الاحتفاظ بآلاف المتظاهرين إلى جانبهما، ونُقِلَ الاحتجاج بالتالي إلى «المنطقة الحمراء» المحاطة بتدابير أمنية مشددة حيث يقع البرلمان والسفارات ومقر إقامة رئيس الوزراء. وفيما بدأت المفاوضات خجولة بين المعارضين والحكومة، دعا عمران أنصاره في الأرياف للمجيء إلى العاصمة. وصباح أمس الجمعة، احتشد الآلاف من الأنصار تحت خيم كبيرة أقاموها أمام البرلمان على مرأى من جنود وعناصر من الشرطة ظهر الإعياء على وجوههم. ويدعو الجيش القوي، الذي قام ب 3 انقلابات منذ استقلال البلاد في 1947، حتى الآن إلى الحوار، لكنه قد يتدخل إذا استمر المأزق. ويقول بعض المعلقين إن خان والقادري ينفذان خطة الجيش أو على الأقل قسم من أجهزة الاستخبارات لزيادة الضغط على السلطة المدنية وتقليص سلطة نواز شريف. وقال الرئيس السابق لأجهزة الاستخبارات الباكستانية، حميد غول، إن خان والقادري يحاولان دفع الجيش إلى التدخل لكنه يبدي تحفظاً كبيراً رغم خلافاته مع نواز شريف. وعلاقة الجيش بشريف، الذي انتُخِبَ رئيساً للوزراء للمرة الثالثة، صاخبة وصعبة. وخلال ولايته الثانية في 1999، أطاح به برويز مشرف الذي تتهمه ب «الخيانة العظمى» محكمة أنشأتها حكومته، واعتُبِرَ هذا التدبير سابقة في تاريخ البلاد بالنسبة إلى جنرال سابق. وبالإضافة إلى قضية مشرف، ما زال الجيش يبدي تحفظاً على تقارب مع الهند، ويأخذ على «نواز» أنه انتظر طويلاً ليشن في منتصف يونيو الماضي هجوماً على معاقل طالبان في المنطقة المتاخمة للحدود مع أفغانستان. وإذا كان نواز شريف يريد البقاء في الحكم، فلا خيار آخر أمامه غير الإصغاء إلى الجيش، بحسب مراقبين. واعتبر الجنرال المتقاعد، طلعت مسعود، أنه إذا كان التدخل العسكري المباشر «محتملاً» رغم رفض البلدان المانحة لباكستان هذا السيناريو، فإن التدخل غير المباشر لفرض حل للأزمة يبقى «كثير الاحتمال». وقال مسعود «أشعر أن الجيش لن يبقى متفرجاً صامتاً إذا تطورت الأمور إلى الفوضى، ومن المحتمل جداً أن يمارس ضغوطاً على الفريقين لحملهما على تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن السلطة الحقيقية ستكون في أيدي العسكر». من جهتها، تتمسك الحكومة بالصبر وتعوِّل على الدعم الراسخ من الرأي العام للخروج من هذه الأزمة دون أضرار كبيرة.