نائب أمير مكة يرأس اجتماعاً لبحث تطورات تنفيذ المشاريع المائية في المنطقة    وزير التعليم يُدشِّن أول مدرسة حكومية متخصصة في التقنية للموهوبين    تقييم الحوادث: التحالف لم يستهدف منزلا في صعدة    صحيفة الرأي الالكترونية توقّع شراكة مع جمعية يُسر بمكة لدعم العمل التنموي    شيبه: مسؤولية التعليم توجيه الأفكار للعقيدة السليمة    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل في المنطقة    الإسعاف الجوي بنجران ينقل مصابا في حادث انقلاب    وزير الموارد البشرية يشارك في تعزيز العمل العربي المشترك خلال اجتماعات التنمية الاجتماعية في البحرين    الأمير عبد العزيز بن سعود يكرم مجموعة stc الممكن الرقمي لمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    وزير الداخلية يعزز التعاوزن الأمني مع نائب رئيس وزراء قطر    استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية    لمطالبتها ب 300 مليار دولار.. سورية تعتزم رفع دعوى ضد إيران    تركي آل الشيخ يتصدر قائمة "سبورتس إليستريتد" لأكثر الشخصيات تأثيرًا في الملاكمة    بسبب سرب من الطيور..تحطم طائرة ركاب أذربيجانية يودي بحياة العشرات    ميدان الفروسية بحائل يقيم حفل سباقه الخامس للموسم الحالي    "التخصصي" يتوج بجائزة التميز العالمي في إدارة المشاريع في مجال التقنية    "سعود الطبية" تعقد ورشة عمل تدريبية عن التدريب الواعي    الشر الممنهج في السجون السورية    عائلة عنايت تحتفل بزفاف نجلها عبدالله    الإحصاء: ارتفاع مساحة المحميات البرية والبحرية في المملكة لعام 2023    الشكر للقيادة للموافقة على تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    أهلا بالعالم في السعودية (3-2)    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    رئيس بلدية خميس مشيط: نقوم بصيانة ومعالجة أي ملاحظات على «جسر النعمان» بشكل فوري    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.. والثقة في الأمن 99.77 %    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    سيكلوجية السماح    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حماس فوبيا
نشر في الشرق يوم 29 - 07 - 2014

ليست الأصولية الدينية هي فقط الملوثة بآفة المنطق المانوي وافتقاد أبجديات اللياقة في تشابكها مع الخصوم. لليبرالية الشوهاء في العالم العربي العاهات نفسها. هناك شيطنة، في الحالتين، تتبع كل اختلاف أيديولوجي. كلاهما يتمرغ في وحل الثنائيات. كلاهما محكوم بمنطق «المع أو الضد». الليبرالي، تماما كالأصولي، يمزج الاختلافات الفكرية بإجراءات النفي ومشاعر الكراهية التي تتخذ في حالتها القصوى شكل رهاب، ليبدو المختلف الآخر جهنميا، محض نقيض ليس من شأنه إلا أن يستثير شهية الشطب و «اللعنة».
على هذا النحو، تقرأ الليبرالية الشوهاء الأحداث الجارية اليوم في فلسطين. وعلى هذا النحو أيضا يمكننا أن نلاحظ كيف تشكلت ظاهرة «حماس فوبيا»، الظاهرة المألوفة لدينا بما أنها شبيهة بحالات أخرى من الفوبيا لا تقتصر على «الإسلام فوبيا» و «الإخوان فوبيا»، كما لا تختلف كثيرا عن فوبيا القطط والظلام والأمكنة المهجورة. إن «الإخوان فوبيا» هي القاعدة التي تقوم عليها «حماس فوبيا»، ليس للقرابة التنظيمية وحسب، وإنما أيضا للتوافق الأيديولوجي، الماثل في انحدارهما من «إسلاموية» متطرفة ومثيرة للرعب.
ولئن كان الرهاب صفة مرضية تمزج الوهم بشيء حقيقي، فستتكئ هذه القراءة على ما يبررها من جهة، وعلى تعميمات لتبرير التصفية من جهة أخرى، وهكذا فلأن حماس فصيل إخواني «تيار إسلاموي بغيض ومتطرف» فإن كل ما يترشح عنها ليس سوى «باطل» ونقطة على السطر، باطل يعمي، باطل لا يحتمل القسمة أو التردد، باطل يستنهض في الخطاب شهيته التأكيدية، ولكن للتخفيف من حدية الخطاب وتأكيديته الفاقعة ستلجأ القراءة إلى ضرب من التدليس الاتهامي العائم في بحر من تفتيش النيات التي لا يعلمها أحد، فخطيئة حماس لا تتمثل -فقط- في خياراتها الأيديولوجية، ستؤكد لنا هذه القراءة الواثقة في صيغة الحكم النهائي خطdzة أخرى، فحماس وكل إسلام سياسي هو حتما طابور خامس، كل فصائل الإسلام السياسي تعمل وفق أجندة خارجية، إنها متهمة دائما بصفتها أمميات بخيانة الوطني أو القومي..
إنه التخوين إذاً، العلامة الفارقة في كل قراءة مؤدلجة. التخوين والشيطنة والرهاب.. مآلات الشطب المتبادل في فضاء لا يعرف وسطا ولا إنصافا ولا استثناء. فضاء راديكالي غير مروض بأنصاف الحلول، بيئة طاردة للفضائل الأخلاقية التي تحد من غلواء التعميم وتفتح في الآن نفسهإمكانية لنحت تلك العبارات المتواضعة والحذرة: حماس ليست مجرد إسلام سياسي، والإسلام السياسي ليس كلا متجانسا، والأيديولوجيا لا تمنح الأجوبة نفسها في كل واقع موضوعي.. الخ.
هناك ما يشبه المقص يحيل التحليل الموضوعي إلى محض هذيان وأحقاد وغرائز. فالذات التي تسقط على الواقع خرابها وتفصله على مقاسها لا تنظر إلى الآخر إلا بعيون البغض والأحقاد، ذات ثملة بالكراهية لا يمكنها أن تقرأ إلا على نحو مانوي إقصائي، تستعير من الأصولي مقصه لتقيم المقصلة، تدين الضحية وتبارك الجلاد، ليس مستغربا إذن أن تنهمر بركات الليبرالية على نتنياهو، فقط لأنه يفعل ما عجزت عنه الحكومات العربية: «كثر خيرك يا نتنياهو، ربنا يكثر من أمثالك للقضاء على حماس، أس الفساد والخيانة والعمالة الإخوانية..» وليس مفاجئا أن تنهال علينا ترهات يحسبها أصحابها تحليلات موضوعية نزيهة، خذ مثلا الكاريكاتير الليبرالي المضحك للكاتبة الألمعية التي تجد أن من المنطقي حث حكومة نتنياهو على ضرب حماس عوض استهداف الأطفال والنساء والشيوخ، إذ ليس من اللائق تحميل حماس كل الوزر. لابد، للتعمية على أدلجة الخطاب وانحيازه، من جرعة اتهامية «خفيفة» على إسرائيل.. يا إلهي، كيف نحتمل كل هذا الهراء.
هناك كاتب آخر، لا أظنه ساذجا، كما لا أظنه بوقا لصوت نشاز في أوركسترا الهزيمة والتخاذل، إلا أن كراهية العدو قد أصابت فيه حيرة قاتلة، فحركة حماس إحدى حركات الإسلام السياسي، وهي لهذا السبب باعثة على الحيرة، أن تهزم حماس مصيبة، وأن تنتصر فالمصيبة أعظم، وهكذا كتب يقول: «هناك مسألة جوهرية لا يمكن إغفالها في تلك «المقاومات»، انتماؤها إلى الإسلام السياسي. إن هزيمة مقاومة إسلاموية مشكلة لأنها ستقود إلى تطرف أكبر، وانتصارها مشكلة أفدح لأنها ستقود إلى تطرف كامل وجذري» مدهش فعلا أن يرى كاتبنا في العدو الإسلاموي ما لا يراه في إسرائيل، مع أن الأخيرة ترتكز على أساس فكرة دينية استيهامية يتداخل فيها التاريخ والأسطورة، وتقترب كثيرا بل تكاد تكون صورة طبق الأصل لاستيهامات داعش التي تحلم باستعادة أمجاد الأندلس، لأن الإسلام وطئها ذات يوم، مع ذلك يتغافل الكاتب أو يتعامى عن خطورة التأسيس «الأصولي والصهيوني» لإسرائيل مكتفيا بالخطر الإسلاموي!.
في هذا الفضاء الإلغائي تكثر المفارقات، أصبح رد الفعل فعلا، والسبب نتيجة، صارت المقاومة عدوانا والاحتلال والحصار والاستيطان دفاعا عن النفس، توارت دعائيات حقوق الإنسان «حق تقرير المصير والدفاع عن الأرض بكل الوسائل» كما غابت الخطابات «الثورجية» وفتاوى التحريض وصيحات النفير، لتظهر على السطح دعاوى العقلانية والموضوعية والتخاذل، الدعاوى التي فضحتها اليوم عنجهية الاحتلال، كما تعاطف قوى المجتمع المدني في بريطانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها، قوى اليسار التي خرجت إلى الشارع مؤكدة أن آخر ما تحتاجه فلسطين هي المفارقات والسذاجة والتخاذل الليبرالوي و «الحماس فوبيا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.