شن الكاتب السعودي احمد عدنان في مقال له تحت عنوان أصدقاء (حزب الله) في السعودية ، المقال الاول من نوعه وغير المسبوق الذي جاء في سياق فضح التعاطف الذي يمرره بعض الكتاب والمثقفين السعوديين تجاه حزب الله ، وكيلهم بمكيالين في قضايا محلية عربية كثيرة . فعندما يكون حزب الله جزء من هذه القضايا يكون هناك تخاذل وهروب من اخذ موقف واضح ، بينما يأخذون مواقف اكثر صرامة مع بقية القضايا التي يقدمون فيها انفسهم كطليعيين ومنافحين عن الحريات ، بينما هم في الحقيقة لا يعدون جزء من ادبيات حزب الله في السعودية . المقال الذي وضع له احمد عدنان عنوان دون كيشوت السعودي: أصدقاء (حزب الله) وخصوم سعد الحريري ، هاجم فيه بقسوة الكاتب السعودي داود الشريان مسئول موقع العربية نت في السعودية والكاتب بصحيفة الحياة ، بحسب ما أوردته شبكة مصدر. ويقول احمد عدنان ..... بعض الكتاب السعوديين، حين يتناولون في طروحاتهم القضية اللبنانية، يحرصون على كيل النقد لحلفاء السياسة الخارجية السعودية، أو كيل الثناء لخصومها. ومنطلقات ذلك النقد وذاك الثناء، بعيدة عن المعايير الموضوعية. بعض الكتاب الليبراليين والقوميين (السعوديين) الذين يخاصمون الإسلام السياسي داخل الحدود السعودية، ويهاجمون جهاز "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بسبب أخطائه وتطرفه ووصايته على المواطنين، يوالون – في لبنان – (حزب الله) ويناصرون سياسة إيران وسوريا في المنطقة!. وفق أدبيات (حزب الله): هو وكيل الثورة الإسلامية في لبنان، ويعرّف نفسه ب "المقاومة الإسلامية في لبنان" لا "المقاومة الإسلامية اللبنانية"، وهو يؤكد بذلك انتماءه إلى خارج الهوية اللبنانية والعربية. ووفق المسمى، فإن الحزب ينتسب إلى الذات الإلهية، يستمد منها الشرعية والسلطة والقداسة، وهو ذات منطق دعاة وعلماء سعوديين متطرفين يصفون أنفسهم ب "العلماء الربانيين" ويزعمون أن "لحوم العلماء مسمومة"، لكن بعض الكتاب السعوديين يفندون – على حق – منطق دعاتهم وعلمائهم ويغضون الطرف عن (حزب الله) الذي ينتمي إلى نفس المنطق!. وعن الكتاب الليبراليين يقول احمد عدنان .. بعض الكتاب الليبراليين والقوميين، ينتقدون إقصاء المرأة الذي يمارسه التيار الإسلاموي في السعودية، وينسون أن (حزب الله) منع بث أغنية جوليا بطرس (أحبائي) – وغيرها – على قناة (المنار) بسبب سفورها، وما إلى ذلك من إجراءات رمزية وإقصائية معادية للمرأة: لم يرشح الحزب أي امرأة لتكون نائبا أو وزيرا!. بعض الكتاب الليبراليين والقوميين، ينتقدون سطوة الفتوى – في السعودية – على حساب سيادة القانون، لكنهم يغضون الطرف عن (حزب الله) حين يهيّج أتباعه بفتوى ويكبلهم بفتوى (راجع فتوى الحزب بوجوب التصويت للائحة وليد جنبلاط في دائرة "بعبدا – عاليه" بالانتخابات النيابية عام 2005). بعض الكتاب الليبراليين والقوميين، ينتصرون – عن حق – لمظلومية الطائفة الشيعية في السعودية وغيرها، لكن حين تتعرض الطائفة السنية في لبنان لأنواع من التحريض والاستهداف، يلزمون الصمت لأجل عيون (حزب الله)، وبالتالي فإن حديثهم عن "المواطنة" لا معنى له. المدعو ميشيل عون يزعم أن الفساد "بدعة" رفيق الحريري، أما حليف حليفه نبيه بري الذي يتصرف في ميزانية "صندوق الجنوب" كأنها ميزانيته الشخصية، وحليفه الجديد وليد جنبلاط الذي يتصرف في ميزانية "صندوق المهجرين" كميزانية للعائلة والطائفة، فلا يجرؤ المدعو (عون) أن يصفهما بعشر ما يصف به سياسة الرئيس الحريري (الأب والابن). حين غادر الرئيس إميل لحود قصر الرئاسة، كتب الموقع الإلكتروني ل "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه (عون) بأن أهالي منطقة (الطريق الجديدة) الموالية ل (الحريري) رقصوا فرحاً لأن رئاسة الجمهورية آلت إلى "سني" هو فؤاد السنيورة تجاهلاً لوقائع العهد الأسود للرئيس (لحود) ولحال موقع الرئاسة الذي لا يغري. ما دخل (عون) ب (حزب الله)؟ نعود إلى أدبيات الرئيس السوري بشار الأسد "عبدٌ مأمور لعبدٍ مأمور"، ف (حزب الله) حين يتحدث عن الفساد يقصد خصومه السياسيين وحدهم!، ومؤخرا تم اختيار رئيس الوزراء (نجيب ميقاتي) رغما عن إرادة الناخب اللبناني والسني تحديدا. بعض الكتاب الليبراليين والقوميين، يحاربون الطائفية، لكن ليس في كل مكان. خلال أزمة البحرين انخرط (حزب الله) بقيادة أمينه العام وقناته (المنار) في تغطية الحدث بأسلوب طائفي رخيص، هو نفس الأسلوب الذي اتبعته بعض القنوات السلفية الخليجية والعربية في التغطية. كلاهما مدان، لكن العور يكرّس الانتقائية. بعض الكتاب الليبراليين والقوميين، يعتنقون فكرة الدولة، وينادون بدولة المؤسسات، لكنهم تعاطفوا مع (حزب الله) حين انتهك سيادة مصر في أبريل 2009 بخلية تزعم مساعدة الفلسطينيين في غزة!. وهنا لا فرق بين (حزب الله) وأنظمة الاستبداد العربية، فالحزب لا يعترف بسيادة الدول بحجة القضية الفلسطينية، والأنظمة المستبدة تعتلي الرقاب وتفتح المعتقلات بذريعة القضية الفلسطينية!. حين اتخذت الحكومة اللبنانية قراراتها في 5 مايو (أيار) 2008، إقالة مدير أمن المطار (وفيق شقير) على خلفية الكاميرات التي نصبها (حزب الله) للمراقبة، وتفكيك شبكة اللاتصالات السلكية التابعة للحزب، قال أمين عام الحزب بأن هذه القرارات معادية للمقاومة، وتريد تحويل مطار بيروت إلى قاعدة أميركية، وبناءً على ذلك استباح الأعراض والحرمات والدولة ومؤسساتها ولوّث يده – وأيادي حلفائه – بدماء العشرات في بيروت والجبل، ثم قصف منزل الوزير غازي العريضي وغيره، وحاصر منزل سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط وغيرهم. حجج (حزب الله) جاهزة دائماً حتى لتغطية الجرائم: "استخدام السلاح ضد (إسرائيل)، ولحماية السلاح"!، في المقابل: لم يأبه ليبراليون وقوميون سعوديون بجرائم الحزب في 7 أيار، بل باتوا يباركونها، وهذا ليس مستغربا وهم يرددون أدبيات الحزب إزاء المحكمة الدولية، وينظرون باستخفاف إلى شهداء فريق الرابع عشر من آذار، ويتغاضون عن الدعم المطلق الذي منحه (حزب الله) لقمع المحتجين والمتظاهرين العزل في سوريا، ولا يدركون أنهم بذلك قتلوا كل معنى في حديثهم عن "العدالة" و"الإنسان" – في الداخل السعودي وغيره – بسبب التناقض والازدواجية. (حزب الله) لم يدن مجزرة (حماة) إما لأسباب طائفية، أو لأن التحالف معه – كما يظن – يعطي حلفاءه الحق في قمع الشعوب وسفك دمائها!. بعض الكتاب الليبراليين والقوميين (السعوديين)، حين تواجههم بأفعال (حزب الله)، يتلطون خلف حجة أنه الحزب الوحيد الذي يواجه (إسرائيل) في انعكاس لسذاجة فادحة و تراكم خيبات العرب المتتالية في الصراع العربي – الإسرائيلي. الرهان على (حزب الله) سيقود البعض إلى خيبة جديدة، فحال (حزب الله) في الآن الراهن كحال منظمة التحرير الفلسطينية خلال 1981 – 1982 في لبنان، لأن النصر على إسرائيل يتم أولاً بإرساء ثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية وإطلاق عجلة التنمية ومحاربة الفساد والتطرف، وما عدا ذلك انتصارات مؤقتة وزائفة، فالدولة الطائفية لا يهزمها حزب طائفي، بل يقويان بعضهما. مواجهة (إسرائيل) ليست حسنة كافية بحد ذاتها، أتذكر مثلاً لبنانياً: (قال لي: "براس النبي حلفتك تمسك راس الحية"، قلت له: "بشو حلفتني وشو مسكتني")!!. حلفاء (حزب الله) ومرجعياته لا يختلفون عنه، تبارى المثقفون السعوديون خلال هذا العام على إصدار البيانات التي تتضامن مع الشعوب العربية الثائرة ضد أنظمتها، وآخرها التضامن مع الشعب السوري، أتساءل أين كان هؤلاء المثقفون خلال الثورة الإيرانية بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في طهران، التظاهرات بالآلاف، الضحايا بالمئات، ومحاكم التفتيش في أوجها. لقد عرف محور الممانعة (إيران – سوريا) كيف يخدع بعض العرب بالشعارات عبر استثمار الحنين المرَضي لمرحلة الخمسينيات والستينيات الميلادية من القرن الماضي، هل يمكن لعشاق (إيران) أن يشرحوا لمريديهم وخصومهم إيواءها لعناصر من تنظيم القاعدة؟! وهل يؤمن الليبراليون والقوميون السعوديون بتمهيد أحمدي نجاد ل (المهدي) المنتظر؟!. سوريا البعث لا تقل سوءً، وربما أسوأ، وتداعيات ثورة الشعب السوري واضحة، آلاف القتلى والمفقودين والمعتقلين، وتعذيب بشع لم يستثن النساء والأطفال، وإطلاق نار لم يرحم العزل. يحترف حزب (البعث) السوري الكذب، كذب بادعائه التصدي لإسرائيل وهو لم يطلق رصاصة لتحرير الجولان منذ نحو 40 سنة، واستثمر اللاجئين الفلسطيين في سوريا وألقاهم طعما سهلاً لرصاص الجيش الإسرائيلي بعد أيام من تصريح رجل الأعمال المقرب من النظام (رامي مخلوف) ل (نيويورك تايمز): "استقرار إسرائيل من استقرار سوريا". حين يتحدث النظام السوري أو الإيراني عن "جبهة الممانعة"، أتذكر – على الفور – المقولة الشهيرة: "يتمنعن وهن راغبات"!، فعدد القتلى والمفقودين اللبنانيين في ذمة البعث السوري ربما يفوق قتلى إسرائيل في كل حروبها مع العرب!. إذا أراد بعض الليبراليين والقوميين تأييد إيران وسوريا و(حزب الله)، المفترض – للتخلص من التناقض بين النظرية والتطبيق – أن يتبنوا في خطابهم السعودي الداخلي الاستفادة من هذه النماذج، مثلاً: تطوير "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" إلى "قوات الباسيج"، ترقية المفتي ليصبح "المرشد الأعلى"، الترفع عن المطالبة بدولة المؤسسات لصالح دولة "ولاية الفقيه"، المطالبة بنظام الحزب الواحد (حزب البعث تحديدا) بدلاً من المضي إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية. وعلى الميسورين منهم الاستجمام والاستثمار والاستشفاء في (طهران) وابتعاث الأبناء إليها بدلاً من والولايات المتحدة وأوروبا والدول غير الممانعة – المتقدمة – التي تملأ العالم، وإذا زاروا لبنان يفضل أن يبتعدوا عن (السوليدير) لتنحصر الزيارة في الضاحية الجنوبية و(بنت جبيل) وغيرها من مناطق (حزب الله)!. على صعيد آخر، أشعر بكل حزن، لأن الصحيفة الإلكترونية الرائدة (إيلاف) نشرت تقريرا أعدته (لطيفة الحسيني) زعمت فيه أن السعوديين – في تجاهل للانتخابات النيابية اللبنانية – لا يرون سعد الحريري ممثلا للسنة في لبنان، السقطة المهنية تحققت – من لدن المحررة التي لم تجد إلا بعض الرياضيين للتحليل السياسي – في استطلاع رأي كاتب رياضي (طلال آل الشيخ) "الحريري لم يكن في يوم من الأيام ممثلا من السنة" ومسؤول رياضي (مصلح آل مسلم) "الحريري سيزيد من المشاكل داخل لبنان". الرياضة السعودية تعيش أسوأ أيامها، وطلال آل الشيخ يعتقد أنه زعيم السنة في لبنان وناخبهم الأول أو يظن نفسه الخبير في الشأن اللبناني لمجرد انتمائه لصحيفة (الحياة)، ومصلح آل مسلم يئس من المنتخب السعودي لكرة القدم ليفتي في الشأن اللبناني!. بعض الكتاب الليبراليين والقوميين (السعوديين)، يظهرون الدعم لسوريا وإيران و(حزب الله) لسبب واحد، بغض النظر عن الازدواجية والمبررات المعلنة، هو إغاظة الرأي الرسمي. إن المعارضة السلمية الحضارية حق مشروع بالمطلق، لكن هذه المجافاة للمنهجية ثير الشفقة قبل الاحترام: ادعاء الليبرالية لا يستوي مع دعم مطلق لتيارات إسلاموية تحمل علل الإقصاء والمنهج النصي مثل (حماس) و(حزب الله)، إلا إذا كانت هذه التنظيمات "ما بعد حداثية" ونحن لا ندري!. ادعاء القومية العربية لا يستوي مع دعم دولة تقدّم انتماءها العرقي على كل انتماء (في نوفمبر 2010 تعرّض حسن نصرالله لحملة إعلامية في الصحافة الإيرانية بسبب حديثه عن الأصول العربية للخميني وخامنئي تحت اتهام العنصرية ضد الفرس)، ولا يستوي الإيمان القومي مع دعم حزب (البعث) الذي لا يصل إلى الحكم إلا عبر الدبابة، ولا يستطيع المحافظة على الحكم إلا عبر سفك الدماء. حزب البعث في سوريا – كما في العراق – قدم الطائفة على المواطنة، واحترف توزيع صكوك المواطنة والقومية على الفرقاء كما يفعل التيار الإسلاموي في كل مكان. إذن، بعض المثقفين السعوديين يوالون خصوم السياسة الخارجية السعودية كنوع من المماحكة الصبيانية إذا تجاهلنا الخلل المنهجي، يقابلهم مثقفون آخرون ينتقدون حلفاءها من باب إثبات الاستقلالية. والكاتب البارز داود الشريان في صحيفة (الحياة) من هؤلاء. هجوم (الشريان) على سعد الحريري غير مفهوم إلا من منطلق "ميقاتي"، فكل الهجاء من نصيب سعد وكل الثناء من نصيب نجيب. في الوقت الذي يسعى رئيس الحكومة – في الخفاء – لتأجيل القرار الظني، يكتب (الشريان) في ال (الحياة) مطالبا بتأجيل القرار الظني، طبعا بعد إجراء مقابلة في برنامجه (واجه الصحافة) مع (ميقاتي) تفوق فيها الحس التلميعي على الحس النقدي. بعد صدور القرار الظني، يكتب (الشريان) محذرا من فتنة سنية – شيعية تحيي معركة (صفين)، في ذلك المقال لم يعد هناك فرق بين خطاب (الشريان) وخطاب حسني مبارك وبشار الأسد، تلك الأنظمة تشرع الفساد والاستبداد بذريعة الاستقرار، و(الشريان) تحرك من نفس المنطلق: تجريم العدالة في سبيل الاستقرار، كان (الشريان) مبشرا – في الماضي – بأن المحكمة لن تصدر قرارها الاتهامي لأنها "مجرد شعار انتخابي" ولا جدوى منها، لكن صدور القرار الاتهامي – على ما يبدو – أحبطه كثيرا. هجوم (الشريان) على سعد الحريري بسبب مقابلة محطة (ام. تي. في) الأخيرة مثير للشفقة، يقول (الحريري) أنه آثر الغياب حتى لا يتهم بالتعطيل وأنه لا مفر أمام اللبنانيين غير التعايش واحترام بعضهم، يفسر ذلك داود الشريان بأن (الحريري) يستخدم قضية عادلة لطموحاته!. وحين يشرك (الحريري) نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي – لتوحيد الصف السني – على لائحة 14 آذار، ثم يتنكر الأخيران للحركة لصالح الفريق الآخر، يرفض (الشريان) أن يتذمر (الحريري) منهما ويتهمه بتعميد تشويه صورة القيادات السنية على غرار منهج والده، والده الذي دعى صائب سلام لافتتاح (السوليدير)، لكنه بالنسبة ل (الشريان) ارتكب جريمة لأنه أسقط سليم الحص في الانتخابات، ينسى (الشريان) أن رفيق الحريري أسقط (الحص) يوم كان الأول بعيدا عن السلطة في مناخ معاد له، وفي طرابلس اتضح الحجم الحقيقي لعمر كرامي بعد خروج القوات السورية من لبنان!، رفيق الحريري كان يستحق كتلة نيابية أكبر بكثير – كان يمكن أن تزيح عمر كرامي بسهولة – من تلك التي نالها في عهد الوصاية السورية، لكنه كان مقيداً بإغلاق بعض المناطق في وجهه وعدد معين من النواب، كان مطلوبا من (الحريري) الأب لإرضاء (الشريان) أن يسخر مكنته الانتخابية لصالح خصومه ومنهم المدعوم من الجهاز الأمني السوري - اللبناني، أو أن يكره الناخب اللبناني على انتخابهم. على صعيد آخر، (الشريان) لا يريد أن يرى علاقة حسنة بين سعد الحريري وتمام سلام حتى يستمر في تمرير تحليلاته المعلبة!. (الحريري) أغضب (الشريان) لأنه أثنى على حلفائه، يقول (الشريان) أن تاريخ حلفاء (الحريري) غير مشرف في لبنان، هذا يعني – بالضرورة – أن حلفاء ضيفه (ميقاتي) هم أصحاب التاريخ المشرق أمثال نبيه بري (صاحب حرب المخيمات والساعي إلى موسوعة "جينيس" عبر الجثوم مدى الدهر في رئاسة مجلس النواب) وميشال عون (صاحب حرب الإلغاء والشبق الهستيري للسلطة، ومحارب "العائلات السياسية" عبر تعيين صهره مديرا لمحطته الفضائية وتشبثه بصهره الآخر – الراسب في الانتخابات – وزيرا فوق العادة) وحزب البعث والحزب القومي السوري (تاريخهما الفاحم أكبر من السرد) وأصحاب 7 أيار، يبدو أن هذه النوعية من الحلفاء هي التي تروق ل (الشريان)!. كتب (الشريان) مقالا في 22 يونيو 2011 تحت عنوان "الحريرية: خروج بلا عودة" عكس رؤيته الانتقائية للأحداث وخطابه الموجه. يأخذ (الشريان) على سعد الحريري أنه حول السنة في لبنان من أمة إلى طائفة ليقحمهم في صراع الطوائف، وهذا غير صحيح، قبل رفيق الحريري لم يكن للسنة ذلك الحضور المؤثر في السياسة اللبنانية لصالح دور أوحد يلعبه رئيس الجمهورية، هذا التهميش هو الذي دفع السنة إلى الانحياز إلى ياسر عرفات خلال الحرب الأهلية. عاد السنة – الذين لم يكونوا أمة أو طائفة – إلى لبنان وخرجوا من تحت الأرض عبر بوابة الرئيس رفيق الحريري. يحسب لرفيق الحريري أكثر من إنجاز ورثه نجله بنجاح وحافظ عليه: المصالحة مع الغرب، فالنبرة العدائية للثقافة الغربية والنظرة الغوغائية للولايات المتحدة وفرنسا وبريطانية ضعيفة أو غير مؤثرة في المشهد السني بلبنان. هذا التصالح مع الثقافة الغربية أتاح لرفيق الحريري ثم سعد الحريري – بالإضافة إلى طبيعة المشهد اللبناني – تكريس الصبغة المدنية لحزبهم السياسي، تيار (المستقبل)، بالتوازي مع اقتراب مفكرين تنويريين يعززون المصالحة بين الإسلام والآخر، والإسلام والمعاصرة، مثل: د. رضوان السيد ود. محمد السماك. مصطلح "الحريرية السياسية" خلقه المعارضون لمنهج الرئيس رفيق الحريري الاقتصادي ثم السياسي إبان الوصاية السورية، وفيما بعد رفعه ميشال عون كورقة تحريض على الطائفة السنية في لبنان، طبعا (الشريان) يرمي هذا المصطلح في مقالاته في سياقات تدفع خصومه إلى وصفها بالبلاهة. أتمنى أن يتحفنا (الشريان) مستقبلا بمقالات عن "الجنبلاطية السياسية" و"الفرنجية السياسية" و"الجميلية السياسية" والثنائية الشيعية السياسية!. يعتقد (الشريان) أن المعارضة الحالية تتنقد نجيب ميقاتي – القادم على صهوة السلاح – لأنها تنظر إلى السلطة من منطق الملكية والاحتكار، وهذا – أيضاً – غير صحيح. يتذكر (الشريان) انتشار عناصر (حزب الله) في بيروت والشوف في يناير 2011 تذكيراً ب 7 أيار 2008 قبيل تسمية رئيس الحكومة مما أثر على نتيجة الاستشارات النيابية، كان وليد جنبلاط – إذا لم يكن يعلم (الشريان) – سيصوت لسعد الحريري قبل تأجيل الاستشارات!، وربما لا يعلم (الشريان) كذلك أن 68 نائبا انتخبوا على لائحة 14 آذار في انتخابات 2009!. وبالمناسبة، في ضفة مقابلة، الدستور المغربي – بعد إقرار الاقتراحات الإصلاحية للملك محمد السادس – يجرد أي عضو من صفته البرلمانية في حال تغيير انتمائه السياسي الذي وصل على أساسه إلى الندوة البرلمانية. إن هجوم (الشريان) المتوالي على سعد الحريري وتيار (المستقبل) يبدو للمتابعين شخصيا مثقلا ب "حقد الجمل" أكثر منه موضوعيا، فضل (الشريان) أن يترك سعد الحريري رئاسة الوزارة إلى المعارضة، ووصف في إحدى مقالاته أن حكومة 8 آذار ستكون للتعطيل ولن تعمر طويلا، لكن بعد وصول (ميقاتي) أصبح يطالب بدعمها ويبشر برئيسها "الذي يقف في المنتصف"، يقف في المنتصف بلا حول ولا قوة سوى التصريحات السمجة!، لم يأبه (الشريان) بتصريح (الحريري) في دار الفتوى عن تداول السلطة، وحين امتثل (الحريري) لموقع المعارضة لم يعجب (الشريان) أيضاً وكأنه سياسي سني لبناني – مثل عبدالرحيم مراد – أسقطه سعد الحريري في الانتخابات!. هل يعتقد (الشريان) أن (الحريري) هو السياسي الوحيد في لبنان؟! في المقابل: ما هذا الحنان الذي أدلقه (الشريان) في مقاله (في مجلس بشار الأسد)؟!. إعجاب (الشريان) بنجيب ميقاتي حق له، لكن ليس من حقه أن يطلق تحليلاته السياسية من منطق الحقيقة أو الاستقلال، بل من منطق المؤسس ل "الميقاتية السياسية"، ربما تنطبق على كتابات (الشريان) في الشأن اللبناني مقولة: "الكتابة في السياسة.. سياسة"!. كان (الشريان) مضحكا في مقاله (سعد الحريري يتكلم) وهو يقول: "نجيب ميقاتي رجل وطني"، تخيلوا حال (ميقاتي) بدون شهادة (الشريان)! هل وصل (ميقاتي) لمكان يحتاج فيه شهادة (الشريان)؟!. يبدو أن (الشريان) قد تلبسته الشعارات الحدية لحزب البعث وحزب الله أو تنظيم القاعدة، فأصبح يوزع نياشين الوطنية على من يريد ويسحبها من المغضوب عليهم، ولعلنا لن نتعجب إذا كتب غدا: "فلان كافر، فلان مؤمن"!. مع اقتراب الانتخابات النيابية في لبنان، أتمنى الاستفادة من (الشريان) في تنبيه الناخبين إلى المرشح الوطني وغير الوطني!. سعد الحريري ليس نبيا ولا قديسا، وكذلك والده، هناك العديد من الثغرات في السياسة الاقتصادية لتيار المستقبل، ولسعد الحريري – مثل غيره – خطايا سياسية: التصرف كمهزوم بعد الانتصار في الانتخابات التنيابة، زيارة سوريا، التسرع في تولي رئاسة الوزراء قبل طي ملف المحكمة الدولية في ظل كفاءة ونجاح فؤاد السنيورة، تصريحه عن "شهود الزور" في صحيفة (الشرق الأوسط)، عدم الاهتمام بوعوده الانتخابية الانمائية خصوصا في الشمال اللبناني، عدم اتخاذ أي قرارات عملية لتطبيق بند "إلغاء الطائفية" في ميثاق تيار (المستقبل). وحتى لو حاول (الحريري) إصلاح أخطائه لن يرضى (الشريان) الذي غدا كشاعر البلاط في زمن الخلافة، لأن عين الرضا عن كل (ميقاتي) كليلة!. (الشريان) مغرم بموقع المستقل، وهو مستقل غالبا حين يتناول القضايا المحلية السعودية، لكنه حين يتناول الشأن اللبناني بآرائه المعلبة – المستقاة من خطاب "الممانعجية" والفذلكات "الميقاتية" – تأخذه وسائل إعلام فريق الثامن من آذار على محمل البوق: "كتب داود الشريان الكاتب المقرب من صناع القرار السعوديين بصحيفة (الحياة) مهاجما تيار (المستقبل) وسعد الحريري"!. صحافي سعودي