في أحد المجمعات التجارية بقطر لفت انتباهي ارتداء الأطفال الثوب والغترة والعقال القطري المميز، وتوقعت مشاركتهم في مناسبة اجتماعية أو احتفال وطني «إلا أن الأمر لم يكن كذلك، فقد علمت أن ارتداء الكبار والأطفال الزي الوطني هو اللبس اليومي المعتاد، وقد يُعاب على من لا يلتزم به، ولا يشترط وجود مناسبة.. وعادت بي الذاكرة إلى سنوات مضت عندما كان من غير المقبول اجتماعياً في بعض المدن السعودية ارتداء الملابس الغربية (البنطال والقميص)، وكان يُنظر إلى من يرتديها بازدراء.. كذلك هناك تعليمات صريحة تُلزم الموظفين ومراجعي الإدارات الحكومية بارتداء الزي الوطني.. لكني أعلم أيضاً أن مراهقين وآباء من مجتمعنا يتجولون في الأسواق والمجمعات التجارية المحلية والخليجية بملابس خادشة للحياء.. إن تجاوز المجتمع عن ارتداء البنطال لا يمكن انتقاده لأنه من الملابس الساترة على الأقل والعملية، لكن السؤال كيف تجاوز المجتمع عن لبس تلك الملابس الخادشة للحياء؟! هل جاء ضمن المتغيرات الاجتماعية نتيحة لانفتاحنا على العالم من خلال وسائل الاتصال الحديثة التي أحدثت ربكة في كل المجتمعات؟ أم إن هناك خللاً في التفكير الاجتماعي لدينا له أسبابه المنطقية؟ وهل يعتقد هؤلاء أن التحضر يبدأ بالتعري؟ أن تشاهد رجلاً تجاوز الخمسين برفقة ابنه المراهق يرتدي كل منهما (شورت) قصيراً يعلو الركبة يُظهر ما يخدش الحياء وهما يتجولان في الأسواق المزدحمة بالنساء والفتيات والكبار، لا يمكن أن نسميه حرية شخصية في مجتمع محافظ.. منذ متى كان مجتمعنا يتقبل مثل هذا المنظر الصادم؟! ومن المؤسف أنك تشاهد بعضاً من شبابنا بتلك الهيئة وهم يتجولون في أسواق دول الخليج التي قد لا تشاهد شباب ورجال تلك الدول وهم يرتدون تلك الملابس حفاظاً على الذوق في الوقت الذي يتعامل فيه أبناؤنا مع الأسواق وكأنهم يتنزهون على شاطئ البحر.. في مساجد تلك المجمعات وُضعت (إزارات) خاصة لهؤلاء لكي يرتدونها وقت الصلاة أسوة (بغطاء) الصلاة للنساء في مساجد تركيا.. إن اختفاء كلمة (العيب) من قاموس أبنائنا ستكون له آثار مدمرة على كثير من السلوكيات الجيدة في مجتمعنا مثل احترام الكبير وحسن التعامل وتقدير الآخرين والأمانة والصدق، وغير ذلك من السلوكيات التي يجب أن نحافظ عليها في مجتمعنا.