تظل ظاهرة التسول هي الأبرز والمسيطرة على شهر رمضان المبارك في جميع أنحاء مناطق المملكة، وتزداد أعداد المتسولين والمتسولات خلال هذا الشهر الكريم فتجدهم لا يتوانون عن استغلال جميع المواقع، سواء مواقع العبادة والذكر إلى الأسواق والمحال التجارية، وإشارات المرور ومقابل مكائن الصرف الآلي. ورغم الحملات الأمنية التي تنفذها الجهات الأمنية بمنطقة عسير منذ بداية موسم الصيف السياحي، إلا أنه يمكن ملاحظة التزايد في أعداد المتسولين في جميع المواقع، وكأن هناك أناسا معدين منذ وقت مبكر لموسم شهر رمضان المبارك لم ينزلوا الشارع إلا مع بداية أول أيام الشهر، مستغلين عواطف الناس واستعدادهم للعطاء في هذا الشهر الفضيل. «الشرق» قامت بجولة ميدانية في محافظة خميس مشيط لمتابعة ظاهرة التسول. ففي السوق الرمضاني لا تكاد تجد موقعا لا تجد فيه سيدة أو طفلا على ناصيته يطلب نقوداً ولا شيء غيرها، ولا تكاد تستطيع التقدم نحو 10أمتار في السوق قبل أن تنظر تحت قدميك خشية أن عدهس متسولة أو تصطدم بمتسول مستلق على الأرض. وفي إشارات المرور هناك ما يشبه توزيع الأدوار بين المتسولات، حيث تقف نحو 4 نساء على جميع تقاطعات الموقع، بحيث لا يتوقف التسول نهائياً مع تحرك السيارات والظفر بأكبر قدر ممكن من جيوب المواطنين في ظل اطمئنان المتسولات، وتجدهن في جميع الأوقات لا يكترثن بأشعة الشمس الحارقة ولا بالأجواء من حر وبرد وغبار وشمس حارقة. المساجد أيضاً مكان مفضل لهن، فلا يكاد يخلو مسجد أو جامع في شهر رمضان المبارك من متسولة أو متسولتين يحاولن أن لا ينقضي الموسم دون استغلاله، وتجدهن مواظبات على مواعيد الصلوات، منتظرات خروج المصلين لأخذ ما تجود به نفوسهم بعد اطمئنانهن إلى استعدادهم للدفع. من جهته أوضح ل «الشرق» الناطق الرسمي بالشؤون الاجتماعية بمنطقة عسير علي الأسمري أنه خلال شهر شعبان الماضي تمكن مكتب المتابعة من القبض على 95 متسولاً ومتسولة منهم 20 سعودياً، وقال: خلال الأربعة أيام الأولى من شهر رمضان المبارك تم القبض على 20 متسولاً ومتسولة بينهم 5 سعوديين، موضحاً أن تسول السعوديين موسمي، وهم غالبا من خارج المنطقة يقومون بنصب خيامهم في البر ومن ثم يتدافع أبناؤهم وبناتهم ونساؤهم للتسول. وقال الأسمري: إن أغلب هؤلاء يرفضون بحث حالاتهم الاجتماعية نهائياً، ونكتفي بأخذ تعهد عليهم وإطلاق سراحهم، وإذا تكرر الوضع يتم تطبيق العقوبات النظامية بحقهم التي تصل إلى حد السجن. من جهته أوضح الناطق الإعلامي بشرطة منطقة عسير المقدم عبدالله بن علي آل شعثان، أنه خلال الفترة الماضية من العام الحالي تمكنت الحملات الأمنية من القبض على 1277 متسولاً ومتسولة، بينهم 287 سعودياً تم تحويلهم إلى جهات الاختصاص، موضحاً أن الحملات الأمنية مستمرة وبشكل مكثف خلال شهر رمضان المبارك وباقي شهور السنة، حتى نصل إلى أفضل النتائج والتعاون المثمر بين رجل الأمن والمواطن، داعياً إلى توجيه التبرعات عبر مواقعها الصحيحة وقنواتها الرسمية حتى تصل إلى مستحقيها. حذرت وزارة الشؤون الاجتماعية الجمعيات الخيرية من وجود تقارير طبية أو شرعية مزورة مع بعض المتقدمين للحصول على الإعانات المالية، وطالبتها بالتنسيق مع إدارات الضمان الاجتماعي لمنع أي حالات تزوير للبيانات قد تصل إليها. كما طالبت بتبليغ موظفيها بعدم جمع التبرعات الفردية والالتزام بقنوات الجمعيات البنكية المعروفة. وقال مصدر إن توجيهات صدرت أواخر شعبان الماضي وتواصلت خلال الشهر الجاري بتتبع آلية عمل واضحة والبعد عن العمل العشوائي والتركيز على بيانات المتقدمين للحصول على إعانات الجمعية سواء المالية أو العينية. وطالبت الوزارة الجمعيات برفع تقارير مفصلة عن آلية العمل في رمضان والخطط التي تمت في كل مدينة. إلى ذلك وجهت وزارة الشؤون الإسلامية أئمة المساجد بعدم إعطاء التصاريح والمشاهد الموقعة للأسر تتعلق بحالتها الاجتماعية والرجوع إلى الجهات المختصة، وإبلاغ مكاتب مكافحة التسول بأي حالات تسول في الجوامع لبحث مساعدتها ومتابعة المتسولين مجهولي الهوية والإبلاغ عن هذه الحالات.