تُعد ظاهرة التسول من الظواهر التي تفشت في كافة المدن والمحافظات، وأصبحت تجارة مربحة يجني من ورائها المتسولون أموالاً طائلة، ولم تثن برودة الأجواء وسوء الأحوال الجوية وفي عسير عصابات التسول من نشر أعضائها ( من نساء وأطفال) عند إشارات المرور وأجهزة الصراف الآلي والمجمعات التجارية والمساجد والمطاعم والمتنزهات، لجمع أكبر قدر من المال في ظاهرة أصبحت تقلق الأهالي والجهات الأمنية رغم جهود لجان مكافحة التسول واللجان المشتركة في محاربة هذه الظاهرة. كما وتُعتبر مدينة الجبيل من أكثر المدن التي تتواجد بها أعداد كبيرة من المتسولات عند أبواب المساجد والمجمعات التجارية والإشارات المرورية»محررة الشرق» خاضت تجربة التسول، وتقمصت دور الفقيرة التي تعاني من «ظروف صعبة» وتعلمت بعض الدعوات والأساليب في الاستعطاف والاسترحام من إحدى المتسولات التي جلست معها ساعتين جنت خلالها المحررة 85 ريالاً»، كما التقت خلالها عدداً من المتسولات في الجبيل لتكشف لغز انتشار التسول والأرباح اليومية التي تجنيها المتسولات بشكل يومي بسبب جهل بعض المواطنين والمواطنات ممن يتعاطفن معهن ويغدقن عليهن بالأموال غير مبالين بكيف أتين إلى هنا، ومن هن، وهل هن بحاجة للتسول أم لا. استعطاف المارة تقول أم أحمد التي التقتها «المحررة» عند مدخل أحد المجمعات وهي من إحدى الدول المجاورة ولكنها تتقن اللهجة السعودية بطلاقة وتم القبض عليها مرتين ولكنها خرجت بتعهد «إن زوجي يعاني من الديون وعدم وجود أوراق ثبوتية له وأنا أجلس يوميا من الساعة الرابعة إلى الساعة التاسعة وعادة ما تكون الحصيلة مابين 200 و 300 ريال وفي بعض الأيام مثل يوم الجمعة تصل إلى 500 ريال.» وأضافت أم أحمد «أستعطف المارة من الناس بكلمات عاطفية تركز في الدعوة وبالتوفيق والهداية والصلاح للأبناء.» أهل خير وذكرت متسولة أخرى وهي من دولة إفريقية تلبس العباءة والنقاب السعودي وكأنها إحدى فتيات البلد كانت تقف بجوار إحدى محطات البترول قائلة «حضرت من بلدي كمتسللة عن طريق دولة مجاورة للسعودية وليس لدينا أوراق ثبوتية ونحتاج للأكل والشرب والمأوى والسكن وبما أن زوجي لا يعمل أقوم بالتسول في هذا المكان منذ سنة « وعن مكافحة التسول قالت: «يتم القبض علي واكتب تعهدا ثم أرجع إلى عملي مرة أخرى « وعن العودة لبلدها الأصلي قالت:»لن أعود أبدا فأهل هذا البلد أهل خير ورحمة « مؤكدة أن دخلها اليومي من التسول بين 100 إلى 150 ريالاً ويرتفع في الأعياد وأيام الجمعة»، وعند أحد أبواب أحد المجمعات التجارية بالجبيل تجلس أم أحلام وحيدة بجانب رضيعها الصغير محملة بكيس تشير فيه إلى وضع النقود به ذكرت لي» علي ديون وليس لدي حيلة لسدادها إلا التسول بهذه الطريقة إضافة إلى وجود طفل معاق لدي». عمل منظم وتقوم عصابات التسول بعمل منظم ومدروس حتى وصل بهم الحال إلى السيطرة على إشارات المرور والتحكم في فتحها وغلقها لتتمكن المتسولة أو المتسول من جنى أكبر مبلغ من أصحاب السيارات المتوقفة حتى تم اكتشاف أمرها، والغريب في الأمر أن عصابات التسول بدأت تدرس سلوك المجتمع للتعامل معه بالطريقة التي تجعلهم أي أفراد المجتمع يتعاطفون مع هؤلاء الأطفال والنساء عندما يطرقون زجاج سياراتهم. دعاء محفوظ ومن ذلك أنهم توصلوا لأهمية أن تكون المتسولة ذات حجاب كامل بعد أن كانت في السابق لا ترتدي حتى العباءة،وبمعيتها طفل لتقوم بحمله لتكسب استعطاف المجتمع والناس، مع بعض الدعاء المحفوظ كزميلاتها، وكانهن يتلقين كورسات مكثفة في طريقة جنى الأموال من الناس. دعم لوجستي وتقوم عصابات التسول وزعماؤها بتقسيم العمل بين المتسولات، حيث يقدمون لهن الدعم (اللوجيستي) من نقل وتوفير مقار للسكن وإبلاغهن عن الحملات بالإضافة إلى متابعتهن أثناء عمليات التسول. القبض على المتسولين وأوضح المتحدث الرسمي باسم شرطة المنطقة الشرقية المقدم زياد الرقيطي أنه عند القبض على المتسولين السعوديين فإنهم يحالون إلى المتابعة الاجتماعية ودار الرعاية الاجتماعية، وبالنسبة للوافدين من المتسولين عند القبض عليهم يحالون ألى إدارة الوافدين لاتخاذ الإجراءات اللازمة». أبواب مفتوحة وأكدت الأخصائية الاجتماعية في الجمعية الخيرية بالجبيل الصناعية»العنود البراق» أن الجمعية الخيرية تفتح أبوابها لكل محتاج من أبناء الجبيل الصناعية وتقوم بدراسة الحالات وتوجيه كل حالة لاتخاذ الإجراء المناسب لها وبالنسبة للمتسولات ليس من مهام الجمعية متابعتهن وعندما تأتي وتحضر أي متسولة سعودية نقوم بدراسة وضعها الأسري من الناحية المادية والاجتماعية، ومن ثم تقدير المساعدة التي تستحقها سواء كانت مادية أو معنوية وبالنسبة للوافدات فليس من مهام الجمعية مساعدتهن. رقم كبير وكشف مدير مكتب المتابعة الاجتماعية في أبها علي بن عبدالرحمن الأسمري أن لجنة مكافحة التسول بالمكتب تمكنت خلال العام الماضي من القبض على (1341) متسولاً من نساء وأطفال ورجال منهم (76) سعودياً وسعودية ، وأن ما نسبته 99 % من الأجانب المقبوض عليهم من الجنسية اليمنية و1% من الجنسية الإثيوبية ، موضحاً أن الأجانب من اختصاص الجهات الأمنية، أما ما يخص السعوديين والسعوديات فيتم بحث حالتهم الاجتماعية وتحويلهم إلى عدد من الجهات مثل الجمعيات الخيرية والضمان الاجتماعي. ظاهرة موسمية وقال الأسمري: «إن ظاهرة التسول وخاصة من السعوديين هي موسمية، حيث يأتون من خارج منطقة عسير خلال موسم الصيف، ويقومون بنصب خيام لهم في عدد من الأحياء ومن ثم يتوجه بعض أفراد الأسرة إلى التسول عند إشارات المرور أو المتنزهات أو عند المطاعم والمجمعات التجارية، ويتم القبض عليهم ويأخذ عليهم تعهد بعد تكرار ذلك، ولا يطلق سراحهم، إلا بتعهد من ولي الأمر بعدم تكرار ذلك. ضبط وتعهد ويضيف الأسمري: هناك حالات يتم القبض عليها خارج أوقات الدوام فيأخذ عليها تعهد بالرجوع إلى المكتب لدراسة الحالة إلا أن أكثرهم لا يأتون رغم التعهد الخطي،عدا المواسم فإنه من النادر أن نقبض على سعودية أو سعودي يتسولون، مبينا أنه خلال الثلاثة أشهر الماضية لم يتم القبض سوى على امرأة واحدة فقط. وتابع: يشارك المكتب الجهات الأمنية عبر لجان مشكلة وفرق أمنية تقوم بدورها في جميع الأوقات، والهدف من ذلك الحد من الظاهرة، أما القضاء عليها فهو أمر صعب للغاية ، موضحا أن المكتب مختص بمدينة أبها فقط، ولكن هناك لجان مشتركة في جميع المحافظات يشرف عليها المحافظون تقوم بواجبها في هذا الأمر. حملات مشتركة وأوضح الناطق الإعلامي بشرطة منطقة عسير الرائد عبدالله بن علي آل شعثان أن الجهات الأمنية تقوم وبشكل مستمرة بحملات امنيه مكثفة وحملات مشتركة لرصد المتسولين والمتسولات والقبض عليهم، وتسليمهم للجهات المختصة و كل عام يتم القبض على أعداد كبيرة، وقال: نحن مستمرون في الحملات حتى يتم القضاء على هذه الظاهرة السلبية ونتمنى من المواطنين أن يتعاونوا معنا في القضاء على هذه الظاهرة بعدم التعاطف مع هؤلاء المتسولين أومدهم بالأموال . استغلال رمضان عبدالحكيم الشهراني وكشف مدير عام الضمان بمنطقة عسير عبد الحكيم الشهراني أن الضمان استقبل حالة واحدة كانت تتسول وهي ( امرأة مطلقة ولها عدد من الأطفال) وقد تم بحث حالتها وانطبقت عليها شروط الضمان وتم صرفه لها، وبخصوص المتسولين في المواسم أوضح الشهراني أنه بالفعل تم رصد هذه الظاهرة بتواجد عدد من الأسر المعروفة في المنطقة في عدد من الأحياء وسط خيام تم نصبها لاستغلال شهر رمضان المبارك من داخل المنطقة وخارجها وقد بلغت أكثر من عشرين خيمة وجميعهم مشمولون بمعونات الدولة من ضمان وشؤون اجتماعية وتأهيل شامل للمعاقين من أفراد الأسر والجمعيات الخيرية إلا أنهم مارسوا التسول مستغلين عواطف الناس في شهر العبادة ومن ثم جني الأموال انسلاخ من الحياء وأوضح الشهراني أنه تمت مخاطبة أمير المنطقة الذي وجه بسرعة القبض عليهم وإزالة الخيام وإحالتهم للتحقيق وقال الشهراني:»من أغرب القصص أن أحدهم شخص معروف في المنطقة ويستفيد من جميع معونات الدولة، وقد قام الضمان الاجتماعي بتأثيث منزله إلا أنه قام ببيع الأثاث فور وصوله، واتضح أنه يملك منزلا آخر، ورغم ذلك قام بنصب خيم في أحد الأحياء خلال شهر رمضان المبارك لاستعطاف الناس في موسم الطاعة والعبادة مستغلا عائلته من النساء أسوأ استغلال مبيناً أن هؤلاء انسلخوا من الحياء وقاموا بجمع الأموال من الناس بالباطل. عقوبات رادعة وختم الشهراني قائلاً: «إن هؤلاء يجب أن يطبق بحقهم عقوبات رادعة ليكونوا عبرة لغيرهم بعد أن وجدوا أن التسول يجنى أموالا كبيرة» مبيناً أن الدولة لم تبخل على جميع فئات المجتمع حيث بلغ إجمالي ما صرف العام الماضي في جميع نشاطات الضمان في منطقة عسير اكثر من مليار و800 مليون ريال. وأكد أن شعبة الضبط الإداري في محافظة خميس مشيط تمكنت من القبض على 130 متسولا ومتسولة بينهم أطفال خلال 25 يوما، ولا تزال الحملات مستمرة للقضاء على تلك العصابات المنتشرة في عدد من مدن ومحافظات ومراكز منطقة عسير.» لجنة مشكلة تضبط المتسولات