كنا في سنوات ماضية نعاني في مجتمعنا السعودي من قضية (العمالة السائبة) التي تسرح وتمرح في شوارعنا، وداخل أحياء مدننا السكنية دون رقيب أو حسيب، بعد أن تم استقدامهم من بلدانهم عن طريق المتاجرة بالتأشيرات، وبمجرد وصولهم إلى أرض المملكة تُركوا ليبحث كلٌ منهم عن رزقه وكسبه اليومي بطريقته الخاصة. بعدها جاءت قضية (هروب الخادمات) من منازل كفلائهنّ وممّن يعملن لديهم لأسباب غير منطقية، حتى أصبح هروب الخادمات وافتعالهنّ للمشكلات يشكل ظاهرة سيئة جداً أقلقت العديد من الأسر في المجتمع، وأزعجت الأجهزة الأمنية. وهي مشكلة لا تقل خطراً عن سابقتها. وقد قام في حينه «الإعلام» المقروء والمرئي والمسموع بمناقشة هاتين الظاهرتين، وعمل على استضافة المسؤولين والمختصين في مختلف المجالات لرصد السلبيات وإيجاد الحلول المناسبة لها، واستمرت مناقشة القضيتين على مدى سنوات عديدة، حتى سئمنا ومللنا من هذا الطرح المتكرر، الذي لم يأتِ بنتيجة لحل قضايا هروب الخادمات، والعمالة السائبة التي تجوب الشوارع طولاً وعرضاً. واليوم بدأت تظهر قضية جديدة وهي قضية (تأجير الخادمات) عن طريق السماسرة رجالاً ونساءً، الذين اتخذوها مشروعاً تجارياً للربح السريع، وتوشك هذه القضية أن تصبح مستقبلاً (ظاهرة) مزعجة، بعد أن أخذت بالظهور والبروز في السنتين الأخيرتين، حيث بدأت الإعلانات تنتشر في كثير من المنتديات على الشبكة العنكبوتية تحت عناوين (توجد لدينا خادمة للإيجار) و(توجد لدينا شغالة للتنازل)؛ إذ يشمل ذلك جميع الجنسيات، مستغلين حاجة بعض الأسر للخادمات. وقد أدّى تلاعب سماسرة الخادمات المنزلية على الجهات المختصة، وتعديهم على أنظمة ولوائح وزارة العمل والجهات المعنية بتنظيم استقدام وعمل الخادمات إلى حدوث (فوضى) في عملية التأجير، سواءً كان التأجير يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً، كما أدّى ذلك إلى ارتفاع الرواتب الشهرية للخادمات، ففي القرى والمدن الصغيرة تصل قيمة تأجير الخادمة الواحدة في الشهر إلى خمسة آلاف ريال، وقيمة التنازل إلى أكثر من عشرين ألف ريال، فإذا كانت هذه الأرقام في القرى والمدن الصغيرة، فما بالكم بالمحافظات والمدن الكبيرة كالدمام والرياض وغيرهما، بكل تأكيد ستكون الأرقام أضعافاً مضاعفة لذلك. إن هذه القضية بدأت بالظهور من بعض السيدات (ربات البيوت) اللائي تستقدم على كفالتها أو أحد أفراد أسرتها شغالة أو أكثر، ومن ثم تقوم بالتأجير على بعض البيوت ممن تثق بهنّ مقابل مبالغ كبيرة، وعلى رغبة المستأجر (العميل) إن كان يريدها يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً، وهنا يتم استغلال الفرص الموسمية، مثل شهر رمضان المبارك، وموسم الحج والأعياد، لرفع قيمة الإيجار، وفرض شروط وقيود حتى يتم دفع مبالغ أكثر، وتحولت بعض البيوت في ظل غياب الجهات الرقابية المعنية بهذه القضية إلى مكاتب لتأجير الشغالات، في مخالفة صريحة للأنظمة والتعليمات التي تمنع مثل هذه الممارسات غير النظامية. وأتوقع أنه في حال تطبيق القرار الخاص بافتتاح (شركات الاستقدام) ستنتهي هذه القضية التي أضحت تزعج كثيراً من الأسر السعودية.