فسر الملحن صالح الشهري أسباب قلة إنتاجه اللحني في الأعوام الأخيرة باختلاف الحياة الفنية بشخوصها وفكرها، حتى بأسماعها التي لم تعد كما في حقبة التسعينيات من القرن الماضي، حيثُ كانت تتذوق الكلمة واللحن جيداً، وتعي رفعتهُما من رداءتهُما، أما الآن فصار النسق مُختلفاً بفعل الموسيقى التي تخفي وبجدارة العيوب الفنية من ناحيتي الكلمات والألحان، موضحاً بأن تواجده في الحقل الغنائي حالياً يبقى جيداً للغاية بالرغم من المُعطيات. «الشرق» حاورت الشهري: * دعنا نبدأ من الجديد. ماذا تحمل في جعبتك من ألحان حديثة ستقدمها للساحة قريباً؟ لدي عدد من الألحان الجديدة التي ستظهر بأصوات عدد من الفنانين، أمثال راشد الماجد، وعبدالمجيد عبدالله، ورابح صقر، وراشد الفارس، وعبدالهادي حسين، وهم الأسماء القريبة من قلبي دوماً، وفي انتظار اكتمال الصيغة النهائية لهذه التعاونات حتى نستطيع تسميتها على نحو أدق. * بماذا تفسر كثرة طرح أغلب المطربين للأغاني المُنفردة «السنجل»، في الفترة الحالية، وعدم تقديم الألبومات الكاملة؟ أعتقد أن هذه الخطوة طبيعية للغاية، نسبة إلى الظروف المتوالية التي تجتاح الأمة العربية ككل، عدا ذلك فإن المغني يتأثر ويتفاعل بما يدور حوله، فالاقتصاد يشهد هبوطاً حاداً أيضاً، وكلها معطيات أجبرت جل الفنانين على اتخاذ هذه الخطوة التي أجدها وسيلة تواصلية مع جماهيرهم المُتعطشة لجديدهم دوماً. * في رأيك، هل الحقل الغنائي يشهد هبوطاً حاداً في النوعية، وفي المستوى المقدم على صعيد المختارات الغنائية؟ بالعكس، أرى أن الفن بخير، وقابل للتطور مستقبلاً. صحيح أن هنالك بعض الهبوط في بعض الأعمال المقدمة، لكن هذه الحالة لن يكون لها نصيب من الاستمرارية، إذ سيتم إبدالها بتفاصيل أجمل. * ما رأيك بألبوم شاديات، الذي تم طرحه قبل شهورعدة، وكيف ترى مستوى أعماله؟ ألبوم جميل جداً، وأعماله كانت راقية ومنفذة على نحو جيد، وأرى بأنه كان النقطة المُحركة للساحة الفنية بعد سُباتها الطويل، إذ بذل جميع المُشاركين فيه جهداً مضنياً. وقدموا أنماطاً غنائية رائعة بفعل اجتهاد الملحنين وتألقهم، ومنهم ناصر الصالح، وبندر سعد، وعلي بن محمد، الذين أضفوا الجمالية المطلوبة على مستوى الأعمال. * يُقال بأن الملحنين بدؤوا يبدعون أكثر بتلحين الأعمال الخاصة، والتي تُعرف بأغاني الزفات، إذ يستخدم الملحن جل طاقاته اللحنية، ويُظهر جماليات أكثر من نظيرتها الأغنية العادية. فهل للمادة دور في ذلك؟ لا، أبداً غير صحيح. ربما لأن أغاني الزفات مفعمة بالبركة والبهجة، لذا تخرج الألحان والأنغام من تلقاء نفسها، فتظهر الأغنية على النحو الجمالي والبارز، ولا أعتقد بأن للمال أي صلة بذلك. * هل ترى بأن للتوزيع الموسيقي أهمية كبرى في مقومات الأغنية الحديثة؟ أراه مهماً وجيداً في الوقت عينه، ويخدم اللحن، إذ يضفي جمالية وفيرة على الأغنية، شريطة عدم المبالغة بإدخاله على الجو الغنائي، وإن طغى أكثر قد يفسد الأغنية. * لم يعد صالح الشهري في نظر كثيرين ذلك الاسم البارز الذي تزعم الأسماء اللحنية في منطقة الخليج العربي في حقبة التسعينيات من القرن الماضي حيث قل إنتاجه حالياً عما كان في تلك الفترة، بماذا تعلق؟ الحياة الفنية تغيرت بشخوصها وفكرها، وحتى أسماعها التي لم تعد كما في حقبة التسعينيات من القرن الماضي، حيث كانت تتذوق الكلمة واللحن جيداً، وتعي رفعتهما من رداءتهما، على الرغم من أنني مازلت أمتلك الخصائص اللحنية التي ميزتني سابقاً، ولكن النسق يختلف عما كان في فترة التسعينيات التي أجدها أفضل من الآن على نحو كبير، ليس لأنني كنت أحد نجومها، ولكن استمعوا إلى نوعية الأغاني المقدمة في تلك الفترة، والأغاني التي تقدم الآن لتلمسوا الفرق. * ما رأيك في الأسماء الشابة التي تتواجد في الحقل الفني في الفترة الحالية على صعيدي الفنانين والمُلحنين؟ وهل لك أن تقوم بتسمية مُثيري إعجابك؟ كثيرة هي الأسماء الرائعة والمتميزة من جيل الشباب، وأخال أن في استطاعتها تقديم الأفضل. وعلى سبيل المثال، يوجد محمد الزيلعي، وراكان، وهما من الخامات الجميلة، والقابلة للإبداع، أما عن الملحنين فيسطع نجم «سهم» الذي أراه مجدداً في الأغنية الحديثة بنوعية ألحانه المختلفة ورؤيته الموسيقية الخاصة والخلاقة. كذلك بندر سعد الذي أعتبره ضابط الإيقاع في هذه الفترة، لتقديمه عدداً من الألحان القوية والطربية التي ميزته كثيراً، وأجده سينطلق على نحو أقوى في الأيام المقبلة. * قبل أعوام عديدة تعاهدتما على النحو الثنائي أنت والملحن ناصر الصالح، بتقديم الموهبة الصاعدة محمد المشعل إلى الساحة الفنية، وتقديم الألحان الطربية مناصفة بينكما لصوته. ولكن هذا الأمر طال دون انتظاره، ومن دون سماع صوت المشعل حتى هذه اللحظة. اشرح لنا الأسباب يا تُرى؟ أزف لك البشرى، فقد حان وقت ظهور الموهبة محمد المشعل، الذي يملك إمكانيات صوتية جميلة، وتعاقد أخيراً مع شركة روتانا، وسيظهر في أغنيتين في ألبوم منوع تطرحه الشركة قريباً جداً، وهُما من ألحاني بمسميات «أسمع القمر قولك»، من كلمات بدر بن عبدالمحسن، و»أحلى ما فينا» من كلمات سعود البابطين، وأضع عليهما كامل رهاني، لكي تلقيان الرواج المُنتظر والمأمول. * أليس غريباً بأن ألحان صالح الشهري لم تُعانق حتى الآن أبرز مطربات الخليج، أمثال أحلام وهند ونوال الكويتية؟ بصراحة، التقصير كله مني، ولي أسبابي، لعدم التعاون معهم حتى هذه اللحظة. ولكن هنالك اتفاقيات مبدئية مع هذا الثلاثي الرائع لتقديم ألحاني لهم في المستقبل القريب. نترك المساحة حُرة لك للتعليق في ختام الحوار. أشكركم، وأشكر جريدتكم الواعدة والمنطلقة على النحو القوي، وأحب بأن أقول بأنني متفائل بالساحة الفنية، وبشبابها المُفعمين بالحماسة، وبالصحفيين الشباب الذين سيكون لهم الكلمة القوية في إبراز الفن الخليجي على النحو الجيد.