وقع رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار اللذان تتحارب قواتهما منذ منتصف ديسمبر 2013، الجمعة في أديس أبابا تعهدا ب«وقف المعارك». وفي هذه الوثيقة التي وقعها أيضا رئيس الوزراء الإثيوبي هيلا مريم ديسالين مستضيف المفاوضات، تعهد كير ومشار «بوقف كافة المعارك في غضون 24 ساعة»، بحسب ما أعلن سيوم ميسيفين أحد الوسطاء. وينص التعهد الذي وقعه كير ومشار أيضا على أنهما «اتفقا على أن تشكيل حكومة انتقالية يوفر أفضل الفرص لشعب جنوب السودان» تمهيدا لإجراء انتخابات جديدة لم يحدد تاريخها، بحسب ما أوضح سيوم ميسيفين، وزير الخارجية الإثيوبي السابق وأحد المفاوضين الرئيسيين في إيغاد. وكان الطرفان وقعا 23 يناير في إثيوبيا أيضا وبرعاية السلطة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) اتفاقا لوقف إطلاق النار إلا أنه ظل حبرا على ورق. وهنأ ميسيفين كلا من كير ومشار على «إنهائهما الحرب»، مؤكدا أن «المعارك ستتوقف». وقبيل توقيعهما هذا التعهد ظهر الرجلان أمام الإعلام وتصافحا، للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع بين قواتهما. وقال مشار للصحافيين «أنا سعيد بأننا وقعنا هذا الاتفاق مساء اليوم». وكان سلفا كير أقال مشار في يوليو 2013 وسط منافسة محتدمة بينهما على رئاسة الحزب الحاكم. وقاد مشار بعد ذلك حركة تمرد بعدما اتهمه رئيس الدولة بمحاولة القيام بانقلاب عندما اندلعت معارك في منتصف ديسمبر داخل جيش جنوب السودان بين الفريقين المواليين لهما. وكان جنوب السودان يأمل عند استقلاله في طي صفحة واحدة من أطول وأكثر الحروب دموية في إفريقيا جرت من 1983 إلى 2005 بين الخرطوم وحركة التمرد الجنوبية التي باتت تحكم في جوبا. لكن النزاع الجديد الذي اندلع في ديسمبر أودى بحياة الآلاف إن لم يكن عشرات الآلاف من الأشخاص ودفع أكثر من 1.2 مليون شخص إلى النزوح. وإلى جانب المنافسة السياسية بين كير ومشار، تظهر عداوات قديمة بين قبيلتي الدينكا والنوير اللتين ينتميان إليهما. ورافقت المعارك مذابح وأعمال وحشية بحق مدنيين من قبل الجانبين. وتعرض كل من سلفا كير ورياك مشار لضغوط دبلوماسية كبيرة بينما عبرت واشنطن والأمم المتحدة عن قلقهما من خطر وقوع «إبادة» و»مجاعة». وتحدثت البعثة المحلية للأمم المتحدة الخميس عن مؤشرات جدية إلى «جرائم ضد الإنسانية» ارتكبها الجانبان، وأحصت فظائع رأت فيها المفوضة العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي الجمعة «مؤشرات عديدة لإبادة». واعتبرت منظمة العفو الدولية في تقرير أخير لها أنه «كلما طال أمد الخصومات العرقية وتعمقت، كلما تفتت جنوب السودان ما يجعل من تحقيق المصالحة والسلام أكثر صعوبة». وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري دعا رئيس جنوب السودان ونائبه السابق في بداية مايو إلى تكثيف الجهود لوقف المعارك والتجاوزات مهددا بفرض عقوبات محددة. وقد فرضت واشنطن مساء الثلاثاء أولى هذه العقوبات ضد جنرالين ينتمي كل منهما إلى فريق قالت إنهما «مسؤولان عن أعمال عنف غير مقبولة ضد مدنيين».