لا يزال كثيرٌ من الناشطين البيئيين يحلمون بعلاقة ودية بين المجتمع والأرض لكن الناظر لحشود أكياس البلاستيك ونفايات النايلون التي تملأ المدن والشوارع يدرك حجم المظالم البيئية التي يمارسها المجتمع ضد النظام البيئوي برمته. يومياً تُضخ أطنان هائلة من أكياس البلاستيك في ضواحي المدن والشوارع والبراري دون اكتراث بالمآلات التي ينتهي إليها هذا الفعل. تتدحرج هذه الأكياس بفعل حركة الرياح وتلتف حول الأشجار في الصحراء فتعزل النبتة تماماً عن محيطها الخارجي لتبدأ مرحلة الذبول والموات. معظم أكياس العلف الفارغة تتكدس في بطون الأودية وتبدأ بالتفتت الذي يعقبه تحرر مواد التوكسين المسممة للتربة مما يمنع استنباتها لأزمنة طويلة. كنت أظن حتى وقت قريب أن مناظر البلاستيك التي تكسو مساحات واسعة من الأرض خاصة بمحافظة حفرالباطن حتى هبطت بي الطائرة ذات يوم في مطار ينبع،. وعندما استأجرت سيارة للحركة من المطار باتجاه مدينة ينبع كنت حريصاً على إطلاق البصر بعناية على جنبات الطريق فإذا بي أرى رؤوس الشجيرات البرية وقد اكتست أكاليل بلاستيكية لا حصر لها. أدركت بعدها أن المشكلة عامة وأن وطأتها كبيرة في معظم محافظات المملكة ولا بد من التحرك لتفعيل تطبيق نظام الجرائم البيئية السعودي الذي يجهله حتى رجال الشرطة والقانون. لقد زرت أربع ولايات أمريكية ولم أجد صاحب بقالة يبادر بوضع أغراضي في كيس بلاستيكي إلا بعد أن يسألني إن كنت أحتاج لواحد منها أم لا، فالحصول على كيس بلاستيك لا يتم إلا بالطلب وعند الحاجة فقط رغم أن الأكياس هناك صديقة للبيئة وقابلة للتحلل السريع ويمكن التبرع بها لإعادة التدوير. ومن هنا أوجه مناشدتي إلى معالي وزير التجارة مع التحية باتخاذ قرار يلزم مصانع البلاستيك بإنتاج أكياس من مواد حميدة صديقة للبيئة والإفصاح عن مواد التصنيع وتشجيع إنشاء مصانع التدوير. فقد ثبت أن الأكياس المصنوعة من المواد الكيميايئة قد حولت أسماك البحر التي اقتاتت عليها إلى جنس جديد شبيه بالخنثى الأمر الذي يدفعنا لقرع أجراس الخطر.