اقترح الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فترة انقطاع لمحادثات السلام في الشرق الأوسط، على خلفية الأزمة التي تشهدها المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال أوباما أمس الجمعة في العاصمة الكورية الجنوبية سيول، إنه لا يعتقد أن الإسرائيليين والفلسطينيين سيتمكنون من التوصل إلى «حلول الوسط الصعبة» خلال الأسابيع المقبلة أو حتى النصف المقبل من العام الجاري. ورأى أوباما أن «اللحظة الراهنة تتطلب فترة انقطاع، ويتعين على الطرفين تدبُّر البدائل». وذكر أنه لا توجد الآن لدى الجانبين الإرادة الضرورية لاتخاذ قرارات صعبة، معتبراً بدء الرئيس الفلسطيني محمود عباس محادثات مع حماس حلقة في سلسلة من القرارات التي تصعِّب الوصول إلى حل للأزمة، واصفاً المصالحة الفلسطينية ب«غير المفيدة». وعاد الفلسطينيون والإسرائيليون إلى المربع الأول في عملية السلام أمس بعد أن ألغت إسرائيل المحادثات التي تجري بوساطة أمريكية رداً على اتفاق المصالحة بين فتح وحماس. وصرَّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بأن على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يختار «إما السلام مع إسرائيل أو الاتفاق مع حماس، ولكن ليس الاثنين». وأضاف «طالما أنا رئيس لوزراء إسرائيل، فلن أتفاوض مع حكومة فلسطينية يدعمها إرهابيو حماس الذين يدعون إلى تصفيتنا». ويتصاعد التوتر بين الجانبين منذ مارس الماضي عندما رفضت إسرائيل الإفراج عن مجموعة من الأسرى الفلسطينيين بموجب اتفاق تم التوصل إليه بوساطة أمريكية لاستئناف محادثات السلام. ورد الفلسطينيون على ذلك بالتقدم بطلب للانضمام إلى 15 معاهدة دولية، ووضع عباس حينها شروطاً لإجراء المحادثات بعد الموعد النهائي المحدد ب29 إبريل الجاري. وكانت الولاياتالمتحدة تأمل في تمديد المحادثات إلى ما بعد موعدها النهائي بعد أن فشلت في تحقيق أي نتائج ملموسة حتى الآن. وقال عباس إنه سيوافق على التمديد في حال جمَّدت إسرائيل بناء المستوطنات في الضفة الغربيةالمحتلة والقدس الشرقية التي ضمتها وأفرجت عن الأسرى وبدأت المناقشات حول الحدود المستقبلية للدولة الفلسطينية الموعودة. ورفضت إسرائيل تلك الشروط حتى أثناء عقد المبعوث الأمريكي مارتن إنديك، اجتماعاً جديداً مع مفاوضين فلسطينيين وإسرائيليين في محاولة أخرى لإيجاد حل مشترك. وفي الوقت ذاته، اتفقت حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة فتح على تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة محمود عباس. وأثار ذلك غضب إسرائيل، وقررت حكومتها الأمنية أمس الأول الخميس، عدم التفاوض مع حكومة فلسطينية مدعومة من حماس. ويرى محللون في الولاياتالمتحدة أنه حتى لو وصلت المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين إلى طريق مسدود، إلا أنها لم تمت بعد. وقال أرون ديفيد ميلر، وهو ديبلوماسي عمل مع ستة وزراء خارجية أمريكيين على هذه المحادثات، إن «الوقت ليس مناسباً لإعلان موت أي شيء، الآن هو الوقت لكي نفهم بشكل عميق لماذا لم تنجح المحادثات». وفي الاتجاه ذاته ذهب المحلل في المركز الدولي «إنترناشيونال سنتر»، وودرو ويلسون، إذ اعتبر أن المحادثات «لم تمت مطلقاً، فهي مثل موسيقى الروك إند رول، لا تموت أبداً». وفي غزة، رأى محللون أن حماس التي ترفض الاعتراف بإسرائيل وتعلن النضال المسلح ضدها كانت «براجماتية»، إذ إن لها مصلحة اقتصادية وسياسية في التوصل إلى اتفاق مصالحة مع فتح. وقطاع غزة، الذي تحكمه حماس، تحاصره إسرائيل منذ 2006، ويواجه وضعاً إنسانياً واقتصادياً صعباً للغاية. وقال أستاذ العلوم السياسية المقيم في غزة ناجي شراب، إن «حماس تريد الهروب من الضغط.. والمصالحة هي نافذتها لتحسين العلاقات الإقليمية والعربية خاصة مع مصر». وأضاف أن حماس «أقرب إلى البراجماتية السياسية في التعامل مع المفاوضات» بين عباس وإسرائيل. ومن المقرر أن تجتمع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في عطلة نهاية الأسبوع بمدينة رام الله لإجراء نقاش مهم حول عملية السلام وخياراتها.