ضمن نشاط حلقة جدة النقدية في نادي جدة الأدبي الثقافي ألقى الناقد على الشدوي مساء أمس ورقة نقدية بعنوان (القصة القصيرة مدخلاً إلى جدل المحلية والعالمية في الأدب) سلط خلالها الضوء على تفاعلات الآداب الإنسانية فيما بينها. وأوضح الشدوي في ورقته أن أول الأدباء الذين أثارهم مفهوم عالمية الأدب هم أدباء الحجاز الذين اهتموا بتطوير أدب وطني حديث. وتساءلوا عن العلاقة بين الأدب والمكان، وبين الأدب ومفهوم المجتمع المحلي، وبين الأدب والقومية. كما دفعهم مفهوم عالمية الأدب إلى أن يناقشوا الأفكار المتعلقة بالأشكال الجديدة للأدب كالقصة والرواية، وكيف يمكن أن تكون جزءا من خدمة فكرة الأمة الإسلامية وقيمها. وذكر الشدوي أنه في تلك البدايات احتلت القصة المركز في الشعور بالحاجة إلى إنتاج أدب وطني في هذا النوع الأدبي الجديد. ووفق سحمي الهاجري فإن حافز المحاولات الأولى لكتابة القصة القصيرة هو شعور الكتاب السعوديين الأوائل بأهمية القصة القصيرة كفن أدبي حديث يخلو منه أدب بلادهم. ولا يبتعد عبدالقدوس الأنصاري كثيرا عن هذا الرأي حين قدّم العدد الذي خصصه من مجلة المنهل للقصة القصيرة؛ فالقصة عنده لون رفيع من ألوان الأدب العالمي المعاصر. وإلى هذا يعيد اهتمامه بالقصة القصيرة، ويضيف سببا آخر هو قصور القصة المحلية عن فن القصة العالمية. وكشف الشدوي أن أغلب نهايات القصص التي كتبها الرواد في القصة القصيرة، لم تعد تنسجم مع ما يعيشه المجتمع السعودي، ولا مع تصورات الكتّاب لأنفسهم وللحياة وللكون وللفن بشكل عام؛ فالتغيرات التي طرأت على المجتمع السعودي وضعت الشخصيات القصصية في وضع جديد، وقد خلق هذا التغير عدم استقرار موازٍ في العلاقات الإنسانية، والدلالة الزمنية لمثل هذه الحالة واضحة في القصص التي كتبها جيل ما بعد الرواد كسباعي عثمان، وعبدالله باخشوين، وجار الله الحميد، وعبدالعزيز مشري، وعلى هامش هذا الجيل عبده خال. وأضاف الشدوي أن هؤلاء القاصّين الجادين اضطروا إلى أن يتخلوا عن العالم الساكن والهادئ والمتناسق كما هو عند جيل الرواد، ذلك العالم الذي يخص إنساناً يعيش بين بشر لهم يقينياتهم الصلبة، وتخلي هؤلاء القاصين عن ذلك العالم يعني أن اتجاه الرؤية عند الرواد في مجال القصة القصيرة قد اعتراه التحول لتصبح الرؤيا للفنان. وأوضح الشدوي أن قصة "خالتي كدرجان" لأحمد السباعي تعتبر أشهر قصص رواد القصة، فهي عنوان لمجموعة قصصية، وقد ترجمت إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، واختيرت لكي تدرس ضمن منهج المرحلة الثانوية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهي في نظر بعض كتاب القصة القريبين من الرواد زمنيا الأكمل فنيا فيما كتبوه من قصص قصيرة.