الفكرة الأدبية عند هذا الرائد فكرة متعمقة المغزى لكنها خفيفة الظل وسريعة الفهم لمن يقرأ على سبيل المثال مجموعة قصصه المسماة (خالتي كدرجان) أو روايته (فكرة). فالقاص أحمد السباعي يختار من ألوان الحياة الاجتماعية ما يدبج به قصصه وحكاياته لمجتمعه الذي يود له الحياة المتقدمة والعمل الفعال والعلم النافع في هذه الحياة، ويذكرنا هذا بكتابه (دعونا نمش) الذي كتبه في أفكار لخدمة المجتمع من أجل أن ينهض بعد سبات طويل، ذلك لأنه أديب فنان أو مفن يجيد لغة القصة والرواية والفكرة والمعنى والقيمة فيما كتبه من مؤلفات وأخرجه من قصص وروايات وكتبه من مقالات، وهذا بطبيعة الحال يبرز في لغة هذه الكتب القصصية، الاجتماعية ثم التاريخية التي أبدع من خلالها رسم صورة مكة قديماً وحديثاً تحت عنوان (تاريخ مكة) وهذا التاريخ لأم القرى دراسة مستوعبة للحديث عن مكةالمكرمة عبر التاريخ السياسي والاجتماعي والعلمي والأدبي والعمراني، ولا ينبئك مثل خبير. إن هذا الرائد يكاد أن لا يذكره شداة الأدب وشبابه اليوم وهم في لمعان التحضر الحديث الذي طالما قدمه أحمد السباعي في كتاباته التأليفية والأدبية والصحفية ليرشد الأجيال من خلال ذلك نحو حياة اجتماعية وإنسانية ونموذجية. ونحن نتذكر فكرة الحلم الذي تمناه ألا وهو المسرح الذي بناه بجوار مطبعة قريش في دارته بمكةالمكرمة، إلا أنه أغلق ثاني يوم من إقامته. وهذا المسرح بناه رائدنا السباعي في تاريخ مبكر إلا أنه في أوائل الستينيات من القرن العشرين المنصرم ولم يكتب له النجاح بطبيعة الحال. على أنها فكرة أدبية وثقافية ينشد من خلفها السباعي تفتيح ذهن المجتمع إلى ثقافة الحوار وأدب الحديث أو الكلام من خلال ذلك. ومن صور ريادته خلاف ذلك تأليفه كتاب (سلم القراءة) في عدة أجزاء وهو أول مؤلف مدرسي في تاريخ التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية وقد قررت الوزارة تدريسه في مدارسها آنذاك. كما أن السباعي رائد أدبي وروائي في مجال القصة، وقد استاهل جائزة الدولة التقديرية في الأدب السعودي عام 1404ه - 1983م. وفي عالم الصحافة ريادة للسباعي كذلك، حيث يعد ممن رأس تحرير صحيفة (صوت الحجاز) وأصدر جريدة الندوة التي خرجت من قميص جريدة حراء في مكةالمكرمة. وقد أسس الأستاذ السباعي مطابع لمجلة قريش التي يمتلكها قبل نظام المطبوعات الأخير. رأس تحريرها وإدارتها بنفسه ثم عين مديراً للتحرير وهو الأستاذ محمد عبدالله مليباري الأديب والصحفي المكي. وقد سارت المجلة سيراً حسناً قلباً وقالباً حيث تكتب على صفحاتها الكلمات والأخبار والمقالات والتحقيقات الصحفية والحوارات الثقافية والأدبية والاجتماعية. وقد يتساءل البعض عن أهداف هذا الرائد العلمية والأدبية والمعرفية والثقافية؟ فنقول اجابة عن هذا التساؤل: ان الأديب أحمد السباعي يهدف عن مشاريعه الأدبية وأفكاره الثقافية إصلاح رؤية المجتمع نحو الحياة الحاضرة بعد جمود في الحركة الأدبية والاجتماعية والثقافية فأراد أن ينهض بالإنسان نحو الاجتماعية في الحياة والدنيا والأدب والدين الحميد. إلا انه قد واجه بعض الانتقادات على مشروعاته بصفة عامة، ولم يفت ذلك في عضده بل سار واستمر في طريقه ودربه الأدبي والقصصي والروائي مثقفاً رافعاً لراية المعرفة والثقافة والفكر الإنساني. وقد عرف بين أترابه من الأدباء المثقفين والقصاصين الرواد كما أنه رائد في مجال التعليم والعلوم الإنسانية والأدب الاجتماعي والقصصي العام، والتاريخ العام وبالأخص تاريخ مكةالمكرمة. وإذا أردنا أن نلخص توجهات الأديب السباعي المعرفية والثقافية والأدبية فإننا نحسب له ما يأتي: أولاً: الناحية التعليمية في شؤون التدريس والتربية والتعليم. ثانياً: الجانب القصصي والروائي وله مجموعة أدبية كثيرة في ذلك. ثالثاً: التاريخ والعمران، مؤرخ مكة العلمي والعمراني المعنوي في ذلك كله والمثقف الأريب بكل معنى الكلمة. إن أحمد السباعي مصلح اجتماعي حاول أن يقدم الكثير لبلده وأدبه، ونحسب أن القبول لمشاريعه قد اتضح من خلال مسيرة المجتمع على دروب الأدب والثقافة والقصة والصحافة. فلم ينسه هذا البلد المعطاء الذي كرم الرواد في المناسبات الخاصة والعامة والسباعي أحدهم بطبيعة الحال تكريماً أدبياً ومادياً وعلمياً وعملياً، وذلك في سبيل النهوض بالمجتمع أيا كان وترشيد التفكير الإنساني مهما كان. وكيف وهو من أبناء أم القرى ومن حولها؟ رحمه الله.