لا يتئد المصلحون والمربون لدينا من التنبيه على ناموس العبث الذي اتفق عليه جملة من أبنائنا المراهقين، ويحق لكل أبٍ شفيق أن يهجس بأسباب السلوكات المزرية التي تذيّعت وانتشرت في الشوارع والتي تتسم بالابتذال والتسكّع والتنكيد الدائم للأسر السائرة في الطريق. كل يوم أذهب لأحضر ابني الصغير الذي يدرس في السنة الأولى الابتدائية من مدرسة يفصل بيننا وبينها شارع كبير. ولأني على يقين أن صغيري يفتقر إلى التفطّن إلى مواضع قدوم السيارات المسرعة فإنني يومياً تنتابني مشاعر التروّع والانفعال وأحاول جاهداً التكيّف معها لأني يئست من استجابة البلدية لمطالبي المكتوبة والشفوية بوضع مطبات صناعية أمام المدرسة للحد من الاستهتار اليومي والرعونة المفعمة بالتطوّس والعنجهية. ينساق المفحطون وراء وهم العظمة الكاذب وينظرون لأفعالهم الصبيانية وحركات التهور على السيارة بأنها عمل بطولي يستحق الثناء والإشادة والتصفيق. فالزهو بمهارات العبث التفحيطي يكاد يكون هو الصفة الغالبة لمرتادي الشارع من الشباب أثناء خروج الطلاب من المدرسة. كثيرٌ منهم يحضر أمام المدرسة بحجة أخذ أخيه الصغير وبعضهم الآخر يجد في زحمة الخروج وكثرة السيارات جمهوراً جاهزاً لممارسة المغامرة أمامه وإرغام العقلاء على التخلي عن السير في الشارع والانتظار حتى يفرغ البطل من حركاته العنيفة.!! نكتفي نحن الآباء المحتجزين بالانزواء والحوقلة، فالصبر على هذه المشاهد التعيسة أفضل بكثير من فاجعة أشد. نقف منتظرين حتى لا نعلق في ساحة الفُرجة ولسان حالنا يقول «اللهم اجعلني من المتفرجين ولا تجعلني من المتفرج عليهم» . يا ترى ما الذي أوصل مجموعة من شبابنا إلى كل هذا الارتكاس والتردي..؟!! من خلال خبرتي في الميدان التربوي فإني أرى أن شبابنا بحاجة إلى أمرين في غاية الأهمية: الأول : تعزيز التقدير الذاتي الصحي والخالي من النرجسية لدى الشباب. الثاني : غرس القيم الفاضلة والمضادة لكل سلوك خاطئ. عن هذين الأمرين سيكون محور مقالي القادم إن شاء الله .