في شوارعنا التي بدت أسوأ من ذي قبل، وفي ظل مشاريع متعثرة، وأعمال ما يعرف ب «احفر وادفن» تعوّد الناس على عبارة «نأسف على إزعاجكم»، وهي بالفعل مصدر قلق وإزعاج لمن تقابله، ولا يعرف أين يصرفها، وفي أحيان كثيرة، وهذا الإزعاج الحقيقي ودون سابق إنذار تجد شارعاً ما مغلقاً أمامك، وأنت للتو قد سلكته في مشوارك، وفي أسوأ الأحوال تجد الحفرة أمامك متروكة دون لوحات تحذيرية أو إرشادية أو حتى سياج يحميك ويحمي سيارتك من غدرها. في هذا الزمان الذي تتنصل فيه كل جهة لها علاقة بالمشكلة من المسؤولية، ويختلط في الشوارع «الحابل بالنابل»، سيصبح قائد أي مركبة يغدر به حظه العاثر ضحية لحفرة أو هبوط أو مطب صناعي يمكن أن تشاهد من فوقه شاطئ العقير، تتحول إلى أفخاخ تتربص بالآخرين. هذا النوع من الاستهتار بأرواح وممتلكات سالكي الطريق مسؤولة عنه شركات خدمية، تساندها في الجريمة مؤسسات مقاولات، ما تلبث أن تتحول حفرياتها إلى كابوس يعانيه الناس، إما لطول مدة تنفيذ المهمة المنوطة بها أو لسوء إعادة ردم تلك الحفر، وكأن الشركة تتعمد بالفعل تأسفها من الإزعاج. وتظهر المعاناة أكثر عندما ينتج عن أعمال الحفريات بعد ردمها بأيام قلائل، هبوط في الإسفلت وظهور حفر سرعان ما تكبر، وتشققات مزعجة، وتظل لعدة أيام دون مراقبة من البلديات، أو التزام من المقاول بالمواصفات والمقاييس. وقد ألحقت هذه الحفر مع بالغ الأسف، الضرر بالمارة والسائقين ومركباتهم، وقد يذهب ضحيتها أنفس بريئة، في وقت ترمي فيه كل جهة بالتقصير على الجهة الأخرى!. ولعله من المضحك أنه لا تمر أسابيع إلا ويعاد حفر الموقع نفسه من قبل مقاول آخر، ويستمر هذا المسلسل دون ظهور أي بوادر تحقق تنظيم هذه العمليات وتنسيقها ومحاسبة الجهة المقصرة، وفي النهاية الخاسر أنا، وأنت، والعوض على الله.. والله من وراء القصد.