في يوم ممطر تحت تلك الشجرة المعمرة، كتبنا ميثاقاً طفوليا وأدخلناه في علبة تقاسمنا مشروبها سوياً ودفناه على أمل أن نلاقيه بعد أربعين عاما. أتذكر تلك العبارات جيداً «قلب بجسدين، صحبة ووفاء لصحبة دامت 18 سنة» طويلة جداً أليس كذلك..! أتذكرين …! عندما قرأنا رواية تتحدث عن صديقين افترقا قبل وفاة أحدهما بأشهر وأخذنا البكاء عليهما، قلتُ لكِ حينها إن صداقات النساء لا تدوم لأن الغيرة تُمِتها، أخبرتني أننا مختلفون عن البقية وستثبت الأيام ذلك، أثبتت لي الأيام بحرقة… بِ حرقةٍ يَا صديقة. أتذكرُ تلك الليلة التي ألحَّيتُ فيها بسؤالك كيف هو شكلي، كنتِ أول من أخبرني أنني جميلة للغاية وأردفتها بقولكِ «واثق الخطى يمشي ملكاً» لم أكن أعلم بأن خُطاك الواثقة هي من يجعلكِ تمضين بعيداً وأنا ذاك الملاك دون خُطى …. لم أنسَ قط يوم ميلادك كيف لا وكل ما يفصله عن مولدي هو سويعات، أنتِ في الحادية عشرة ليلاً وأنا الثامنة صباحاً ربما لهذا لم أتمكن من فهمكِ يوما. أتذكرين…! عندما اختبأنا في تلك البيوت المهجورة وكنت تريدين مسك يدي فأمسكتِ عوضاً عن ذلك عظمة لبقايا حيوان فصرختِ خوفاَ، ضحكتُ حينها إلى درجة البكاء فوضعتِ يدكِ على حنجرتكِ لتحدثيني بتلك الطريقة التي أخافُها، لم أستطع الهروب كعادتي بل أخذتُ أقترب منك كونك نقطة الأمان لجميع السبل التي سأهربُ إليها. أخبرتني يوماً بأنني أقرب إليكِ من أخوتك وأنني سرّكِ الدفين وأنا أضحك لإدراكي بأنك توأمي بلا منازع. أتعلمين بأنني كنتُ فاشلة للغاية في مادة النحو، لعجزي عن تحويل الجمع إلى مفرد، كيف لا وكل حديثي هو نحن، أحلامنا متشابهة، مستقبلنا نريد عيشه معاً، شيخوختنا نتمنى أن نلونها بلون مختلف، كيف لي أن أجعل من كل هذا مفردا..! أتذكر عندما أتيت لأهدئك بسبب مرض والدكِ، كان جميع إخوتك يبكون عداك، أمسكت بيدك وعيناي مغرورقة بالدموع عنكِ، أعرفك تبكين قرحةً وتبتسمين عنوةً، كنتِ قوية…وكنتُ أحمد الله أنك تُحبينني فنظرات كُرهك كانت تُخيفُني…! أتذكرين عندما هربنا من المدرسة معاً، وأضعنا طريق العودة إلى منازلنا كان قلبي يدق بشدة وأنتِ تقولين لا تخافي فلن نضيع ما دُمنا معاً…… ولكنني أضعتُكِ..! عندما رحلنا من منزلنا القديم أخبرتني بأننا كزوج حمام مهما ابتعد لابد وأن يعود ليلتقي عند حديقته وشجرته التي أحب… وعندما عُدتُّ لرؤيتك وجدتُ تلك الشجرة قد قُطِعت. ومضة: «تشبث بروحك القديمة وصداقتك الثمينة، دافع عن حبك له بكل ما تستطيع، أثبت إخلاصك وولاءك لهذه الصداقة وتخلص من سوء الفهم حتى لو كان يسيراً فهو بداية النهاية».