لا شك أننا نتفاءل بأسمائنا.. وكثيراً ما تكون الأسماء عنواناً لأصحابها. ولا نستغرب حين يستنكر البعض أسماءهم التي يحملونها. وللمعالم والأماكن خواص فتحمل أسماء تشتهر بها أو يتعارف الناس عليها. ويتم تداولها بالتكرار والاشتهار. تلك حقيقة لا يمكننا أن ننكرها أو نتجاهلها. وكما تحمل المدن أسماءها كما ورد في التاريخ، وبناء على طبيعتها الجغرافية أو علاقتها بأشخاص اكتشفوها. كذلك الشوارع في المدن هي جزء من تاريخها، وعناوين لحضارتها ومن أبرز سماة خارطة تطورها. أردت من خلال هذه المقدمة الرومانسية، أن أشير إلى موضوع لطالما تناوله كثيرون وكتبت عنه مراراً في صحف سابقاً، وتكرر الحديث عنه مؤخراً، حين اكتشفوا أسماء ننكرها في تاريخنا ونتبرأ منها، سميت بها شوارع العاصمة. أذكر أن مشروع تسمية شوارع جدة، تم من قبل لجنة مختصة ومعتمدة من قبل الأمانة، لاختيار أسماء الشوارع والميادين وهي لجنة تضم في عضويتها شخصيات مشهورة من كتّاب وأدباء وأكاديميين وأهل الخبرة والاختصاص وتم اعتماد هذه القوائم من قبل وزارة الشؤون القروية والبلدية، لذلك نستغرب أن نجد شوارع جدة تحمل أسماء لا معنى لها ولا وجود لها في معاجم الأعلام والبلدان، ولا مكان لها من الإعراب. رغم أنهم يقولون إن تسمية الشوارع تتم وفقاً لأهمية الشارع وسهولة نطقه وغالباً ما تكون الأسماء المقترحة أسماء تاريخية كالصحابة والتابعين وأمهات المؤمنين والأسماء المعاصرة وأسماء الغزوات وأسماء العلماء المسلمين والفقهاء والمحدثين وعبارات التفاؤل. لكننا اكتشفنا أنها أسماء وهمية. في شوارع جدة الرئيسة التي تحمل اللوحات الزرقاء في أحياء كالتحلية، الرحاب، السليمانية، الصفا، الروضة، حراء، تحمل أسماء (عبدالرحمن المالكي، سعيد الأسدي، قاسم زينة، قريان الملاح، محمد توفيق العباسي، أحمد بن عسيب، علي المرتضى، أبو قراس السلمي، جمال بن عبدالله، محمد المحتسب وعبدالله بخاري)، لا أظن أن من بين تلك الأسماء من كان منهم صحابياً أو بطلاً من أبطال التاريخ أو أحد رجال الدولة الأعلام؟ ولا أظن اللجنة التي أشرفت على مشروع التسمية ولا أمانة جدة لديها ما يفسر معنى أو تعريفاً لهذه الأسماء التي لا علاقة لها بجدة وأعلامها ولا أعلام البلاد، وقرار سمو وزير الشؤون البلدية والقروية رقم56971 في 1428/8/22 ه، صريح نصه (تقوم لجان تسمية الشوارع والميادين المحلية بأجهزة البلدية، بالأمانات، بإعداد قائمة منفصلة بأسماء الأشخاص المحليين المقترح تسمية الشوارع بأسمائهم وأخذ موافقة سمو أمير المنطقة على أحقية تكريمهم بإطلاق أسمائهم على الشوارع)، ألا يحق لنا أن نستغرب تسمية شوارع جدة الرئيسة والفرعية بأسماء نكرة، لا وجود لها، فإن هي إلا أسماء سموها، ونستغرب أشد الغرابة أن نجد أسماء الصحابة والتابعين والصالحين وزوجات الرسول عليه الصلاة والسلام في شوارع داخلية وأزقة ضيقة. كما لو كنا نخجل أن تكون في الشوارع الكبرى ومن معالمها. ولي عودة للوضوع نفسه، وما يستجد فيه.