كشف وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي عن «إنشاء مصاف متكاملة، لا تقتصر على تكرير البترول الخام، واستخراج منتجاته الرئيسة، كما كان يحدث في العقود الماضية»، موضحا أنها «مصاف عالية الجودة، قادرة على إنتاج مواد من الممكن استخدامها في عمليات تصنيع محلية مترابطة، حتى الوصول إلى المنتجات النهائية، مع جذب القطاع الخاص السعودي والعالمي، في الدخول إلى عمليات تصنيع المنتجات النهائية». وقال النعيمي في الجلسة الافتتاحية للمنتدى السعودي الثالث للصناعات التحويلية إن «السعودية تواجه تحدي المحافظة على استمرار النمو الاقتصادي، ومواكبة التطورات العالمية، في الجوانب الاقتصادية، والعلمية، والتكنولوجية، والأهم من ذلك مقدرة الاقتصاد على الاستمرار بتوفير فرص عمل مناسبة، ومجزية، للأجيال القادمة، الذين تزداد أعدادهم، وتطلعاتهم، عاما بعد آخر»، مبيناً أن «مواجهة هذه التحديات، والتغلب عليها، والنجاح في تحقيق الأهداف المطلوبة، هو من النوع السهل الممتنع، كما يقول اللغويون». وأضاف النعيمي «هناك جيل من رجال الأعمال الشباب، بدأ يظهر على الساحة، يبحثون عن فرص جديدة، ويسعون إلى تكرار النجاح، الذي حققه رجال الأعمال الأوائل، ولكن بطرق ومجالات مختلفة، إضافة إلى ذلك، فإن لدى القطاعين العام والخاص، رؤوس أموال ضخمة، وتعتبر السعودية من أفضل دول المنطقة جذباً لرأس المال الخارجي»، مبيناً أن «الدولة تقوم بإعداد البيئة الأساسية للصناعات، من خلال تجهيز البنية التحتية، للأراضي والخدمات الأساسية، وتوفير الوقود واللقيم، وتقديم الدعم المادي، من خلال صناديق التنمية الصناعية». واعترف النعيمي بعدد من التحديات قائلاً: «بالرغم من هذه الميزات، فإن أمامنا تحديات، ومهاما كبيرة، في مختلف مراحل وجوانب عملية التصنيع ونجاحها، وتحقيق أهدافها الرئيسة، التي تشمل، بناء فكر صناعي، يُقدم على الدخول في صناعات جديدة، ويؤدي إلى تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني، واستمرار نموه، وإيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين، ومجالات جديدة لاستثمار رؤوس الأموال المحلية والخارجية، والتركيز على جودة التعليم والتدريب والتطوير، وتنمية المهارات، وأخلاقيات العمل»، مشيراً إلى أن «التحدي الجديد الذي أمامنا، هو التركيز على الكيف في التعليم، وملائمة مخرجات التعليم لسوق العمل، وتنمية الالتزام والنظام وأخلاق العمل، التي لها دور رئيس في نجاح عملية التصنيع في المملكة، وكفاءتها ومقدرتها على المنافسة، مع نقل التقنية من الخارج وتوطينها، وإيجاد وبلورة تقنية محلية رائدة». وتابع «نحتاج إلى إيجاد فكر صناعي، على كافة المستويات، ومستقبل المملكة، يعتمد، بعد الله، على التصنيع بمختلف مراحله وأنواعه، فالتصنيع يحقق القيمة المضافة، ويساهم في توطين الصناعة، من خلال كوادر بشرية سعودية، قادرة ومتدربة ومهنية، ونحتاج إلى مجموعة رجال أعمال صناعيين، تهتم وتركز على الاستثمار في الصناعات التحويلية المختلفة، كما أننا في حاجة إلى بناء صناعة تركز على التصدير، لذا يجب أن تكون قادرة على المنافسة عالمياً». وأكد أن «مدينة رابغ ستكون مركزاً مهماً للصناعات التحويلية على مستوى المنطقة والعالم عند اكتمال مشاريعها». واختتم النعيمي كلمته، قائلا: «سأكون صريحاً، إنني رجل متفائل بمستقبل البترول والغاز والتصنيع في المملكة، وتفاؤلي لم يخذلني خلال ثمانية وستين عاماً من عملي في قطاع البترول، إنني أرى مستقبلاً زاهراً للتعليم، والتدريب، والتطوير، والتصنيع في المملكة، وتحول المملكة إلى دولة رائدة في الصناعات التحويلية المرتبطة بالبترول والغاز، والبتروكيماويات والتعدين، وإيجاد فكر صناعي في عدة مناطق في المملكة، كما أنني متفائل بأن يساهم التصنيع بشكل متزايد وكبير في إجمالي الناتج الوطني، والصادرات، وميزان المدفوعات، وإيجاد فرص وظيفية مجزية للشباب السعودي، وإيجاد فرص استثمار لرجال الأعمال السعوديين والأجانب». دعا المهندس محمد الماضي نائب رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) الرئيس التنفيذي إلى فريق عمل لدفع عجلة الإنتاج، وقال: «نحن بحاجة لفريق عمل لديه الصلاحيات الكافية لتوحيد مبادرات القطاعين الخاص والعام؛ من أجل دعم جهود تنويع الصناعات التحويلية في الاقتصاد السعودي». وطالب الماضي خلال منتدى الصناعات التحويلية 2014م المنعقد في مدينة ينبع الصناعية، أمام حشد من 600 مشارك، بنقلة نوعية في منهجية التعامل الوطني مع الصناعات التحويلية، على شاكلة أنموذج الهيئة الملكية التي قادت تطوير صناعة البتروكيماويات في البلاد، مشيراً إلى الحاجة لعديد من المبادرات الضرورية لزيادة تطوير الصناعات التحويلية، بما فيها تحسين البنية التحتية، وإنشاء مناطق التجارة الحرة، من أجل دعم التدفقات الاستثمارية، إضافة إلى استثمارات حكومية، تبدأ بتدريب الموظفين. وأضاف الماضي «لا يمكن تحقيق هذه الأمور الجوهرية، إذا كانت أعمال كل شركة أو قطاع صناعي أو وزارة تتم وفقا لأولوياتها الخاصة فقط». واستطرد: «لا يتوقف الاهتمام بتنويع الصناعات التحويلية على صناعة واحدة فحسب، بل يتطلب منهجاً منسقاً، وجهوداً متضافرة من قبل قطاع الأعمال والحكومة والوزارات ومشاريع الأعمال الرائدة». وقّعت الهيئة الملكية للجبيل وينبع أمس تسع مذكرات تفاهم مع جهات حكومية وشركات وطنية كبرى لتوطين الصناعات التحويلية المرتبطة بصناعة قطع الغيار الخاصة بقطاعي التحلية والصناعات الرئيسة. ومن المنتظر أن يتم جلب عديد من الاستثمارات المحلية والأجنبية لمدينة ينبع الصناعية عن طريق تخصيص مواقع استثمارية مكتملة البنية التحتية والبنية الأساسية بنظام ال (Play & plug) وبتمويل من البنك السعودي للتسليف والادخار، ومن المتوقع أن يستفيد الشباب السعودي من تلك الفرص الاستثمارية، حيث سيتم ضمان طلبات شراء سنوية من الجهات المستفيدة. وتم التوقيع مع الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، وشركة مرافق الكهرباء والمياه بالجبيل وينبع، وشركة التعدين العربية السعودية (معادن)، والشركة السعودية للكهرباء، والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، والبرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية، والبنك السعودي للتسليف والادخار، والشركة الوطنية لثاني أكسيد التيتانيوم، وشركة عبدالهادي القحطاني وأولاده. ويشكل هذا التكامل بين الهيئة الملكية للجبيل وينبع والجهات الموقع معها خطوة عملية لمواجهة التحديات الناجمة عن الاستهلاك المتزايد لقطع غيار التحلية والصناعات الأساسية في المملكة. ومن المتوقع أن توفرهذه المبادرة عددا كبيرا جدا من فرص العمل للمواطنين، كما ستساهم في تقليل حجم الاستيراد السنوي لقطع الغيار المرتبطة بالتحلية والصناعات الرئيسة، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن حجم سوق المواد وقطع الغيار للشركات الرئيسة بالمملكة يتجاوز مائتي مليار ريال سنوياً. وأكدت تلك الدراسات أن اعتماد تفعيل سياسة المحتوى الوطني ستضيف 105 مليارات ريال إلى الناتج المحلي. وبموجب الاتفاقية التي وقعتها الهيئة الملكية مع الشركة الوطنية لثاني أكسيد التيتانيوم سيتم تخصيص أرض في مدينة ينبع الصناعية لإنشاء مصنع لإنتاج المعدن الإسفنجي، وهي من الصناعات الحديثة ذات القيمة المضافة والتقنية العالية التي تحقق التكامل بين المدن في المملكة.