لم تسفر وساطة رئيس مجلس النواب العراقي، أسامة النجيفي، بين حكومتي بغداد وأربيل عن حلول لأزمة رواتب موظفي إقليم كردستان حتى الآن، فيما حمَّل التحالف الكردستاني كتلاً سياسية في البلاد – لم يسمِّها- مسؤولية تعطيل عمل مجلس النواب وعدم إقرار القوانين المهمة. وقال نائب رئيس الكتلة الكردية، النائب محسن السعدون، إن عدد أعضاء التحالف الكردستاني الذين حضروا إلى قبة مجلس النواب، يوم الخميس الماضي، 45 نائباً، وهو ذات العدد في جلسة النواب، ولكن أعضاء باقي الكتل السياسية لم يحضروا إلى جلسة مجلس النواب لأنهم يريدون أن تصبح الموازنة موضوع مزايدات سياسية، حسب حديثه. وأوضح السعدون، في مؤتمر صحفي عقده أمس في مجلس النواب بحضور عدد من أعضاء الكتلة، أن «مجلس النواب لا يستطيع حل مشكلة الموازنة وأن حلها يكمن في عودة الموازنة إلى الحكومة لتعديل بعض الفقرات ثم إرسالها إلى مجلس النواب مرة أخرى لإقرارها». ونفى السعدون أن يكون التحالف الكردستاني هو من يعطل عمل مجلس النواب، محملاً الكتل الأخرى هذه المسؤولية ولافتاً إلى وجود فقرة واحدة مختلف عليها بين حكومتي الإقليم والمركز، وهي فقرة تصدير النفط عن طريق شركة «سومو». في الوقت نفسه، ما زال رئيس مجلس النواب، أسامة النجيفي، ينتظر نتائج اجتماعاته في أربيل بعد أن مدد زيارته لها لأمد غير معروف. وأكد مقرر مجلس النواب، محمد الخالدي، أن «النجيفي ما زال في أربيل ولم يتضح شيء من نتائج لقاءاته حول الموازنة مع المسؤولين الأكراد»، وعد «المشكلة في الموازنة تتمثل في تمسك الطرفين بمواقفهما الخاصة بها». من جهته، قال نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني، إن «إنتاج العراق من النفط الخام لشهر فبراير الماضي كان في حدود 3 ملايين و500 ألف برميل يومياً، وتم تصدير 2.8 برميل يومياً من النفط، وهو رقم غير مسبوق في السنوات الماضية». وأضاف الشهرستاني، خلال حفل افتتاح وحدتي التكرير الثالثة وتحسين البنزين في مصافي الشعيبة في البصرة أمس، إن إقليم كردستان الذي ينتج 400 ألف برميل يومياً من النفط الخام لم يسلم أي كميات من هذا المنتج للحكومة الاتحادية العام الماضي أو الحالي، «ولو سُلِّمَت لوصل الإنتاج إلى حدود 4 ملايين برميل». وكان وزير المالية بالوكالة، صفاء الصافي، أشار في تصريحات صحفية إلى أن إقليم كردستان لم يدفع مبلغاً قدره 10 مليارات دولار لاستحقاقات الموازنة العامة خلال الأعوام الماضية عن قيمة تصديره النفط، ما يمنح الحكومة الاتحادية حق استقطاع هذا المبلغ من حصته في الموازنة الاتحادية البالغة 17% سنوياً. في المقابل، أكد القيادي في ائتلاف الكتل الكردستانية، النائب المستقل محمود عثمان، أن قرار الحكومة بصرف رواتب موظفي الإقليم لم يحل المشكلة ولم يأت بجديد بشأن الخلافات بين الحكومة الاتحادية والإقليم، مطالباً بتدخل طرف ثالث لحل المشكلات. وتوقع عثمان عدم نجاح مبادرة رئيس مجلس النواب لحلحلة موضوع الموازنة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم لإصرار الجانبين على موقفهما، مستغرباً من توقف الاتصالات والحوارات خلال الفترة الحالية بين الحكومتين بعد أن شهدت الفترة الماضية تحسناً في هذه الحوارات. ورجح عثمان نجاح مبادرة خارجية من دول مثل إيران تستطيع الضغط على الحكومتين لحل المشكلة كما فعلت في موازنة العام الماضي على اعتبار أن لديها علاقات جيدة مع الحكومتين. وكان المالكي أعلن موافقته على إيصال رواتب موظفي إقليم كردستان لشهر فبراير، على أن يتم ضخ نفط الإقليم ووصول عائداته إلى الموازنة الاتحادية، منوهاً، في بيانٍ لمكتبه، إلى أن «الحكومة الاتحادية لم تتخذ أي قرار بقطع رواتب الموظفين في إقليم كردستان، فالمستحقات الشهرية للموظفين في الإقليم كانت تُصرَف وعلى مدى السنوات الماضية من حكومة الإقليم ومن ضمن حصة ال 17 % التي يتسلمها الإقليم من الموازنة الاتحادية». وأشار إلى أن «قانون الموازنة الاتحادية يربط بين دفع حصة الإقليم ال 17% ومن ضمنها رواتب الموظفين وتصدير النفط ودخول عائداته في الموازنة الاتحادية للدولة العراقية، وهو قانون لم يعمل به الإقليم منذ أكثر من ثلاث سنوات». واتهم المالكي في بيانه رئاسة البرلمان بأنها «لم تتحمل مسؤوليتها الدستورية والوطنية والأخلاقية في عرض قانون الموازنة العامة حتى لمجرد القراءة الأولى، فضلاً عن المناقشة والتعديل بما يلحق أضراراً فادحة ليس بموظفي الإقليم فحسب، وإنما بالتنمية في البلاد ومصالح الشعب العراقي بشكل عام». بدورها، وصفت النائبة عن التحالف الكردستاني، نجيبة نجيب، دفع مستحقات موظفي حكومة إقليم كردستان ب «استحقاق دستوري وقانوني»، ورأت أن منع هذه المستحقات يعدُّ سابقة خطيرة على النظام الديمقراطي في البلاد. وشددت نجيب في تصريح صحفي أمس على أن الحكومة إذا كانت لديها إرادة جدية في حسم موضوع الموازنة، فعليها دفع مستحقات جميع موظفي الإقليم خلال الأشهر المقبلة وليس لشهر فبراير فقط، مبيِّنةً أن معظم المشكلات العالقة بين حكومتي المركز والإقليم حُلَّت باستثناء مسألة بيع النفط من الإقليم التي تعدُّ النقطة الجوهرية في الخلاف. واعتبرت أن «أساس المشكلة هو عدم تشريع قانون النفط والغاز بسبب الخلافات المستمرة داخل مجلس النواب»، مشيرةً إلى أن حل أزمة الموازنة هو بيد الحكومة الاتحادية التي تمتلك القرار النهائي لحسم هذا الموضوع «لأنه ينبغي النظر للمصلحة العليا للشعب والحفاظ على اللحمة الوطنية في البلاد»، حسب تصريحها.