بين فينة وأخرى يرتوي الإسفلت الأسود بدماء طاهرة، دماء هي في الحقيقة ضحية للسرعة المرورية ولرداءة التخطيط والتنفيذ، فطرقنا أشبه ما تكون برقعة عجز الخياط أن يجد لها ما يسترها. بالأمس القريب فجعت محافظة ضرما بحادث مروري مروّع ذهب ضحيته طالبات في عمر الزهور، ارتوى الإسفلت بدمائهن الطاهرة، لم يمهلهن القدر وهن محتضنات كتب الدراسة، متوشحات بفجر غدٍ مشرق شعاره المعرفة والعلم المتجدد، فاختطفهن بسرعة البرق، مع سرعة السائق ورداءة الطريق! ليست وحدها محافظة ضرما التي تشهد حوادث، بل كل الطرق أصبحت تحصد الضحايا وتضيف لقائمة الموتى ضحية، حوادث المعلمات والطالبات تختلف كلياً عن الحوادث المرورية الأخرى، فوسائل النقل الآمنة لا وجود لها في قاموس الجهات المسؤولة عن ملف نقل المعلمات والطالبات، والمتابعة الدقيقة لسيارات النقل لا أثر له، وكل ما هو موجود نقل أشبه ما يكون بنقل بضائع، ولم يضع المسؤول والناقل في ذهنه أن نقل الآدميين يختلف كلياً عن نقل البضائع. كان بالإمكان تجنيب المعلمات والطالبات فاجعة الموت على قارعة الطريق الأسود، بالتخطيط والتنظيم وتوفير وسائل نقل آمنة لطالبات علم ومربيات أجيال، لكن لم يتم تجنيبهن مرارة التنقل وطعم الموت المُر؟ فاجعة تتكرر، فلا يكاد يمر أسبوع على الأكثر إلا ويشهد المجتمع فاجعة أخرى، والضحية ابنة وطن ذهبت لتحصيل علم أو لتقديم ما بجعبتها من رسائل تربوية وتعليمية. تلك الفواجع لن تنتهي طالما بقي ملف نقل الطالبات والمعلمات كالكرة تتقاذفه عدة جهات، فمتى ستنتهي حلقات مسلسل دموي عنوانه الأبرز: دماء على قارعة الطريق؟!