النمو السكاني في المملكة العربية السعودية يعد الأكبر على مستوى العالم، وبالتالي فإنه يتوجب على الجهات المعنية وضع الخطط الاستراتيجية في كل مجالات التنمية، التي تحقق المعادلة الثابتة التي تضمن بإذن الله مسيرة المملكة العربية السعودية المباركة لمواكبة المستقبل دون إرباك أو تخبط في استيعاب هذا النمو السكاني المتسارع وهو أكثر ما يضغط على خطط التنمية سواء في الإسكان أو التعليم أو الصحة أو الطرق.. إلخ، وسوف أقتصر الحديث عن إسكان يستوعب الباحثين عن السكن من أبناء الوطن مع هذا النمو السكاني المتزايد، وقد تنبهت قيادتنا الحكيمة لهذا الأمر فأنشأت وزارة للإسكان وقدمت دعماً مادياً مجزياً لبناء 500 ألف وحدة سكنية خلال خمس سنوات كخطوة كبيرة على الطريق، ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان ألا وهو عدم توافر أراضٍ مناسبة لإقامة هذا المشروع الكبير مع العلم بأن المملكة تمتلك أكبر الأراضي لبناء ملايين الوحدات السكنية، وقد تأخر تنفيذ هذا المشروع العملاق لأسباب من صناعة الإنسان السعودي نفسه، وما زاد الطين بلة أن هذه الأراضي على كثرتها أصبحت أملاكاً خاصة، وأصبحت الدولة مرهونة لأصحاب العقار وتعطلت حركة التنمية السكانية، وأجزم بأن أغلب مشاريع التعليم والصحة والطرق تعطلت لهذا السبب، وهناك سماسرة عقار يرفعون سعر العقار لدرجة أن قيمة العقارات تمتص كل المبالغ المرصودة لهذه المشاريع التنموية، وأصبحت ميزانية الدولة تدخل في جيوب عدد قليل من رجال الأعمال، وقد تذهب هذه المبالغ للخارج دون أن يستفيد منها الوطن، ولو دققنا النظر لوجدنا أن هذه الأموال لم يستثمر منها داخل الوطن ما يشار إليه ولو من بعيد. إن وزارة الإسكان تعاني فعلاً من عدم توافر الأراضي المناسبة، وإذا وجدت فهي أملاك كما ذكرنا سابقاً، ولهذا أقترح تشكيل لجنة وزارية عليا تراجع هذه العقارات وتحدد الأسعار المناسبة على مستوى الوطن، كما أنه يمكنها دراسة هذا العقار وكيف تم الحصول عليه، ثم لماذا لا يحدد رقم معين لعدد الأمتار التي يمكن للمواطن أن يمتلكها، وليكن الرقم في حدود مليون متر مربع على مستوى الوطن، ولو طبق شرط الزكاة على أصحاب هذه الأراضي لكان الأمر فيه نظر، ولكن كما يقول المثل الشعبي (ياليت ما أفلح يعود قال ياليت ماعاد يسلم)، وقبل الختام أتمنى أن تعاد دراسة استراتيجية البناء السكاني في المدن الكبيرة ليكون الامتداد الرأسي وليس الامتداد الأفقي حتى يمكن توفير سكن لكل مواطن في المستقبل إن شاء الله. والله أسأل أن يحفظ علينا أمننا وولي أمرنا، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشداً، وأن يبصّرنا بمواطن الضعف في نفوسنا، كما أسأله سبحانه أن يهيئ لكل مواطن سكناً له ولأسرته دون تكفف الناس والله المستعان.