كثيراً ما تواجهنا إحدى الأمهات بالسؤال عن ابنتها وسلوكها الأخلاقي داخل البيئة الصفية وفناء المدرسة. وهي عندما تسأل تريد إجابة محددة ومقننة بالطبع. وإذا ما حدث عكس ذلك فإنها تنكر ما يصدر عن ابنتها من قفشات وسلوكيات كان يجب ألا تصدر من طالبة، وتبدأ مشوار التحقيق الطويل العريض، مبرئة ابنتها من كل تلك السلوكيات التي لاتتعدى مجال رفع الصوت على معلمتها أو الكذب أو التلفظ بعبارات خشنة مع زميلاتها. ولأننا خضنا التجربة الميدانية التربوية أكثر من 20 عاماً، فإنها مليئة بكثير من التصادم والاحتكاكات مع طالبات المتوسطة والثانوية. ولكن هل المدرسة وحدها كافية للتربية دون مساعدة الأهل؟ بالطبع لا، فالطالبة في النهاية مرتبطة بدوام رسمي غالبيته في الصف، متنقلة من مادة إلى مادة. وليس الوقت كله لتعليم الأخلاق أو دراستها، بقدر ما يتحمله بيتها والوالدان أو الراعي من مسؤولية كبيرة في رعايتها، خصوصاً مع الانفتاح المطرد لعالم الاتصالات والأجهزة الذكية التي أصبحت سلاحاً ذا حدين. وللأسف حد العبث كان أقوى لدى غالبية عظمى من مستخدميه. وكوني مديرة مدرسة ملازمة لكثير من الحالات، أجد أن هناك فراغاً عاطفياً لدى بعض الطالبات مع أولياء أمورهن، فهن بحاجة إلى الحنان والرحمة والابتسامة الدائمة معهن، حتى أن تقبيل يدي الوالدين يشكل علاقة بين الأبناء وآبائهم، حتى الجلوس بالقرب منهما إلى درجة ملازمة، تجعل الأبناء يعيشون في أمان أسري يمكن من خلاله البوح بكل ما يعتريهم من عثرات. الأمان الأسري -يا أولياء الأمور- مهم جداً في تفوق الطالبات والطلاب على حد سواء، البيت الذي يخلو من التشنجات بين أرباب الأسر يساعد على توطئة من حوله لفهم الأشياء كما ينبغي، الأب الذي يشتم أبناءه أو بناته لايتوقع في يوم من الأيام أن هذا الشتم سينمحي من الذاكرة، «أعينوا أبناءكم على بركم».