بعض الآباء حينما تحتدم النقاشات بينهم وبين أبنائهم يبالغون في الاعتداد بأفكارهم ونقل سلبيات تجاربهم الشخصية بحجة التوعية واختصار مسافات الألم، بينما قد يفاجأون بردة فعل من الأبناء فيها تبسيط للأمور، ليس تقليلاً من شأنها بقدر ما هي وجهة نظر متناغمة مع تأثير انفتاح الثقافات المختلفة عليهم. وأكبر غلطة يرتكبها الوالدان هو التعاطي مع التجارب التي يمر بها الأبناء بنفس الأسلوب الذي سبق أن تعاطوا به أثناء عبورهم تجربة مماثلة. هنا ينسى الآباء أن الظروف والمهارات والقدرات على التعامل مع المشكلات والأزمات اختلفت لأن أولويات العصر الحديث فرضت لغات متعددة للتلقي والتعلم، فحوله يلتف جهاز الآيباد والآيفون وبرامج المحادثة الفورية واليوتيوب أو البرامج المرئية وغيرها. كل تلك الأدوات باتت تشترك بشكل مباشر في تشكيل استقبال أبنائنا ما يعتري حياتهم من أحداث. وعندما أحاول استنساخ النتيجة ذاتها التي صحبت تجاربي الشخصية لأقولبها على الابن أو الابنة فأنا بذلك ألغي قدرته على الفهم واتخاذ القرار المناسب له ولن يقبل هو هذا التعدي على حريته وسيناقش ويحاور بقوة بل ولن يتنازل عن حقه في تكييف حلوله على مشكلاته. هذا لا يعد تأكيداً على تصغير دور الأبوين لأننا بهذا الفهم نعني بأن الدور لم ينته بل تغيرت وسائل أدائه والتمثيل الصائب لفهم نفسيات الأبناء «بالصبر والتعقل والحوار الناضج» هو ما سيختصر مسافات الجدال وسيجنبنا وأبناءنا الوصول إلى قرارات متهورة لمجرد العناد فقط.