نجح بل وحلق بعيدا سوق عكاظ في إصداره السادس وتماهى بعيدا على أرض الواقع في تجليات وإبداعات.. كان من أبرزها حضور الفكر الشبابي وانبعاثات الرؤى الشبابية التي يؤهلها إيمان وثقة غابت عن مسرح حياتنا مدة طويلة.. استطاع عراب السوق وأبوه الروحي ومهندسه خالد الفيصل أن يؤكد في إصرار وإلحاح مدعوما كما يقول بالثقة الملكية من خادم الحرمين الشريفين.. ولقد جلى سموه حقيقة فيها إحياء لملامح تاريخ ليس بعيدا عنا وإنما استطاع أن يلمعه ويجسده.. استعار من الأيام الماضية دعائم برهنت على أن الأجداد هم البانون لقاعدة هذه النهضة الحضارية.. وإن كانت في عفوية وبساطة إلا أنها أسست لمجد هذه البلاد.. وحمل الأمير الشباب بعد أن فتح لهم شبابيك الأمل المورق للمستقبل وقرب إلى أذهانهم في كلمته الطويلة أن صناعة التاريخ ليست سهلة وإنما هي نتاج جهد وإيمان وإخلاص ومثابرة. كان عراب السوق يتحدث على مدى 40 دقيقة لم يحتج إلى القرطاس ليبرهن على ما يريد أن يقول فكان سيد الموقف.. ذكرني ذلك بما قاله مالك بن نبي في مواضع مختلفة (نحن نستورد أدوات المدنية ولكننا لا نتعامل معها بشكل حضارى).. بما يعني أننا دون أن نمتلك إطارا فكريا متكاملا يتحول إلى سلوك وتصرفات يومية نعيشها داخل مجتمعنا بكافة أطيافه وفعالياته لا يمكن أن نمتلك ناصية الفعل الحضاري الذي هو مفتاح النهضة الحقيقية.. إلا باتباع نهج مدروس. وبرهن الشباب المشاركون الذين كانوا عينة اختيرت لتكون نماذج من جامعاتنا بالشمال والجنوب ومن الشرق والغرب.. كان من أبرز المتحدثين شاب يافع من جامعة جازان.. هو عنوان وموضوع وفعل وترجمة لثقافة شباب اليوم.. الشباب الذين يتعاطون في عنفوان واقتدار وتمكن مع وسائل العصر الحديث.. استحوذ هذا الشاب على وعي الحضور وصادر اهتماماتهم في لحظاته التي شارك فيها مغردا على المسرح.. إذ أضاف بعدا حقيقيا وفلسفيا لما يعيشه شباب اليوم ويعايشونه من التعاطي مع تويتر ومع اليوتيوب والفيسبوك.. وإن كان تويتر هو أكثر هذه الوسائل صداقة مع الشباب وأتاح لهم مساحات للتعبير عن دواخلهم.. مما يضع الوسائل التقليدية من قنوات تليفزيونية وإذاعية في حرج كبير.. ويجعل الفضاء متاحا لهؤلاء الشباب للتعبير وللتنفيس ولفتح مسام جديدة. عجبت لهذا الشاب طفق في ثقة وعضل نفسي يعبر في قوة عن ذلك الطوق الذي شب هو ومن يمثلهم عنه.. أعود لأقر واقعا يؤكد على أن السوق أكد بما لا يدع مجالا للشك أن من هم وراء الإعداد كالدكتور عبدالعزيز السبيل والدكتور جريدي والدكتور سعد المارق وفريق العمل معه إنما هم يعملون في صمت ولكنه صمت فعال ومثمر.. فقد نجح سوق عكاظ في هذا العام في أن يغطي مساحة مكانية وزمانية وتنوعا في مواده.. الأمر الذي كان له انعكاساته الإيجابية إذ كثف في مشهد ملحوظ عدد المقبلين والمتعاطين مع السوق.. وبرهنت الشاعرة السودانية روضة الحاج تلك التي فازت ببردة عكاظ والشاعر الجازاني إياد الحكمي الفائز أيضا ببردة عكاظ.. والبردة هي تسمية امتشقها المنظمون واستعاروها بالفعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أهدى بردته فداه أبي وأمي لكعب بن زهير.. وفي ذلك ملمح تاريخي يؤكد سعة أفق القائمين على السوق وحرصهم على استحضار كل أدوات وشواهد الماضي لتكون أداة فعل في الحاضر بكل مدلولاته ولتقيم جسورا من التواصل.. تستدعى معه تراث الأجداد وإبداعاتهم ليكون مصدر إشعاع وليغذي الحاضر ويبعث المستقبل في شبابنا إشراقات تتطاول نحو آفاق تؤكد أننا أمة ذات تاريخ مديد وعريق وأننا أخذنا بعد أن فجر فينا المسؤولون هذه الصحوة.. التي تبنى إشاعتها وإشعالها صاحب فكرة سوق عكاظ وصاحب البرامج المبرمجة توعويا وثقافيا لتؤصل وتكرس في جيل اليوم معاني عميقة ظلت متوارية خلف تراكمات الأيام.. فقط أتمنى على المسؤولين أن يتنبهوا لفعل التيارات المعاكسة وتبسيط فهمها لشباب اليوم.. وحسبي الله ونعم الوكيل. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 132 مسافة ثم الرسالة