تواصل أمس الثلاثاء مسلسل استهداف قوات الأمن في مصر مع اغتيال لواء كبير في وزارة الداخلية وشرطي في هجومين منفصلين في القاهرة، فيما أُجِّلَت محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، في قضية اقتحام السجون المصرية خلال ثورة 2011، إلى 22 فبراير المقبل. واغتيل مساعد وزير الداخلية، اللواء محمد سعيد، في هجوم مسلح تعرض له صباح أمس في القاهرة، كما قتل شُرطِي وأصيب اثنان آخران في هجوم على قوتهم أمام كنيسة في القاهرة. وسعيد هو أرفع مسؤول في وزارة الداخلية المصرية يُقتَل في اعتداء منذ الإطاحة بمرسي في الثالث من يوليو الماضي. من جهة أخرى، أجّلت محكمة جنايات القاهرة محاكمة الرئيس المعزول وبعض قيادات الإخوان المسلمين بتهمة اقتحام سجون مصرية خلال الثورة الشعبية في 2011 إلى ال 22 من فبراير المقبل. وقال القاضي المستشار شعبان الشامي إن «المحكمة قررت تأجيل الجلسة إلى 22 فبراير المقبل لطلب دفاع المتهمين الاطلاع على أوراق القضية وفض الأحراز مع استمرار حبس المتهمين، وأمرت بضبط وإحضار المتهمين الهاربين». وأظهرت لقطات للتليفزيون الرسمي للدولة مرسي بلباس الحبس الاحتياطي الأبيض واضعاً يديه خلف ظهره مشوحاً بيديه بعصبية متجولاً في قفص الاتهام. وسأل مرسي قاضي الجلسة المستشار شعبان الشامي «من أنت؟»، مضيفاً «هل تعلم من أنا؟»، وهو ما رد عليه القاضي «أنا رئيس محكمة جنايات القاهرة»، حسبما جاء في اللقطات التي أذاعها التليفزيون الرسمي. وتلا ممثل النيابة قرار الإحالة لمحكمة الجنايات الذي يحتوي على الاتهامات الموجهة للمتهمين. وقال ممثل النيابة إن «المتهمين الإخوان تآمروا مع حماس وحزب الله لإثارة الفوضى وإسقاط الدولة»، وأضاف أن «800 من العناصر الأجنبية من الجهاديين تسللوا من خلال الأنفاق غير الشرعية واستولوا على الشريط الحدودي بطول 60 كم، وهاجموا المباني الحكومية والأمنية في سيناء». وتابع «انطلقوا في ثلاث مجموعات وهاجموا سجون المرج وأبو زعبل ووادي النطرون واقتحموا تلك السجون وقتلوا أكثر من 50 من أفراد الشرطة والمسجونين، ثم قاموا بتهريب عناصرهم من السجون، بالإضافة إلى ما يزيد عن 20 ألف سجين جنائي». وتشمل لائحة المتهمين في القضية 131 متهماً على رأسهم مرسي وكبار قيادات جماعة الإخوان، ونحو 70 من أعضاء حركة حماس الفلسطينية وحركة حزب الله اللبنانية، ويُحاكَم 22 متهماً حضورياً فيما سيُحاكَم الباقون غيابياً. ويعد تاريخ محاكمة مرسي رمزياً للغاية؛ إذ يتزامن مع الذكرى الثالثة لاقتحام السجون في الثامن والعشرين من يناير العام 2011 الذي عُرِفَ ب «جمعة الغضب» خلال الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. وتجرى محاكمة مرسي في قاعة محكمة أُعِدَّت خصيصاً في أكاديمية الشرطة في حي التجمع الخامس أحد ضواحي القاهرة وسط إجراءات أمنية مشددة. واتهمت النيابة جماعة الإخوان المسلمين ومسلحين من حركتي حماس وحزب الله بتهريب آلاف المسجونين وقتل رجال شرطة خلال هذه العملية. ومن هؤلاء المساجين الذين خرجوا من السجون في تلك الهجمات مرسي وقيادات إخوانية أخرى، إضافة إلى عدد من عناصر حركة حماس وحزب الله اللبناني. وشكّل يوم «جمعة الغضب» نقطة تحول رئيسة في سقوط مبارك لاحقاً بعدما أدت المواجهات العنيفة بين المتظاهرين الغاضبين وقوات الأمن إلى انسحاب الشرطة من الشوارع. ويُحاكَم محمد مرسي في قضايا عدة أخرى بتهم مختلفة؛ حيث تُستأنَف محاكمة أولى للرئيس المعزول في الأول من فبراير، وهو متهم فيها بالتحريض على قتل متظاهرين معارضين له أمام قصر الاتحادية الرئاسي في ديسمبر 2012 أثناء توليه الحكم. كما تبدأ محاكمة أخرى لمرسي بتهمة «التخابر» بهدف ارتكاب «أعمال إرهابية» في 16 فبراير، وهي القضايا التي يواجه فيه أحكاماً تصل للإعدام. وقبل أسبوعين، أحالت محكمة استئناف القاهرة مرسي و24 ناشطاً بينهم إسلاميون وليبراليون إلى محكمة الجنايات لاتهامهم ب «إهانة» القضاء. ومنذ عزله في الثالث من يوليو الفائت، لم يظهر مرسي على العلن إلا في الرابع من نوفمبر مع انطلاق الجلسة الأولى لمحاكمته في قضية قتل متظاهرين معارضين له. وفي حلقة جديدة من حلقات العنف ضد أفراد الأمن، اغتيل اللواء في الشرطة محمد سعيد، وهو مساعد وزير الداخلية المصري، في هجوم مسلح تعرض له أثناء خروجه من منزله في حي الهرم (غرب القاهرة) صباح أمس في القاهرة. وأفادت مصادر أمنية وطبية بأن اللواء محمد سعيد، وهو مدير المكتب الفني للوزير محمد إبراهيم، تُوفي متأثراً بإصابته برصاصتين في الرأس والصدر، مضيفةً أن المسلحين فروا عقب الحادث. وأوضح الخبير الأمني، اللواء عبدالفتاح عمر، أن «منصب مدير المكتب الفني لوزير الداخلية يعد مهماً للغاية والعصب الرئيس للوزارة». وأكد عمر أن مدير المكتب الفني «مسؤول عن مراجعة وتقييم كافة التقارير الأمنية التي ترد من الأجهزة الأمنية، وبدونه لا يرى وزير الداخلية شيئاً». كما قُتِلَ شرطي وأصيب اثنان آخران بجروح في هجوم لمسلحين على القوة الأمنية التي تتولى تأمين كنيسة في ضاحية مدينة 6 أكتوبر، حسبما أفادت مصادر أمنية. وقالت المصادر إن مسلحين في سيارة هاجموا قوة تأمين كنيسة العذراء في مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة) فقتلوا شرطياً وأصابوا اثنين آخرين، مضيفةً أنه جرى توقيف السيارة والقبض على مسلح بحوزته بندقية، فيما فر اثنان آخران. وفي الخامس من سبتمبر الفائت، تعرض وزير الداخلية المصري، محمد إبراهيم، لمحاولة اغتيال في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) في هجوم بسيارة مفخخة أعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس» المرتبطة بالقاعدة، مسؤوليتها عنه، لكنه نجا منها. والجمعة والسبت الماضيان، تعرضت ستة مقار للشرطة لهجمات، منها خمسة في القاهرة خلفت ستة قتلى، أعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس» مسؤوليتها عنهم.