* نعلم جميعاً أنّ الموت مصير كل إنسان، وأنه آخر ما سنجده في نهاية الطريق، ومع ذلك نحث الخطى في المسير تجاهه، لا شوقاً للقائه، ولا حباً لمصافحته، ولكن لأننا لا نملك طريقاً نسلكه في هذه الحياة إلا الطريق الموصل للموت، بمسارٍ واحد على جنباته بعض الملهيات والمغريات؛ التي تلهينا عن ذكرى مصيرنا المنتظر، أو تغرينا لمتابعة السعي إليه..! * للموت هيبته ووقاره، فمتى يكف أولئك الجاهلون عمّا يجرح تلك الهيبة وذلك الوقار، بسلوكهم الذي لا يليق بحضرة الموت، فمن غير المقبول أن يدخل أحدهم المقبرة ويخرج منها وهو لا يزال في معمعة دنياه ودوَّامة مشاغله، وكأنه في العمل أو السوق، بل قد يجد في تلك اللحظات فرصة لإنجاز بعض المهمات وتبادل (السوالف) والضحكات، فيما يدفع الفضول وثقافة التجمهر عشرات (القبوريين) للوقوف على حافة القبر أثناء دفن الميت؛ مما يزعج القائمين بعملية الدفن ويعطل عملهم، ويسد المنافذ عليهم من كل الجهات، بهدف الفرجة والمشاهدة ليس إلا..! *حينما نبكي في حضرة الموت؛ هل نبكي من ألم الفراق وحرقة الفقد على من مات؟! أم نبكي على أنفسنا بعد صفعة القدر التي توقظنا من الغفلة للحظات؛ لتذكرنا بيقينية الرحيل، وحتمية الوداع..؟! * قبل الموت؛ نخشى على أحبابنا من الغبار، ولا نرضى أن يمسهم التراب، وعند الموت؛ نجد أن أقصى ما نبرهم به، ونبرهن على حبنا وإكرامنا لهم بفعله؛ أن نهيل على قبورهم التراب..! * نفزع كلما اختطف الموت أحدنا، ثم ما نلبث أن نعود لغفلتنا، وكأننا خلقنا فقط لحفر القبور، ودفن الموتى..! * ختاماً، أيها الواقف بعيداً عن باب القبر؛ إن لم تدخله اليوم مختاراً على قدميك، ستدخله غداً محمولاً على الأكتاف..!