بين توقعات متفائلة كانت تنتظر ضمّ «الماضي»، الفيلم الأخير للمخرج الإيراني أصغر فرهادي إلى قائمة الأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار، وبعد أن رُشّح هذا الفيلم مؤخراً لجائزة غولدن غلوب، يأتي الخبر ليباغت الملايين من محبّي المخرج وأفلامه ويقول إنه لم يُدرج في قائمة الترشيحات لجائزة الأوسكار في فئة الأفلام غير الناطقة باللغة الإنجليزية. هذا في حين أن فرهادي حاز على هذه الجائزة (الأوسكار) وجائزة غولدن غلوب قبل عامين عن فيلمه «انفصال نادر عن سيمين» الذي عُرف في الأوساط السينمائية العالمية ب«الانفصال». الخبر لم يفاجئ متابعي وهواة أفلام فرهادي وحسب، بل حتى الرئيس السابق للجنة الأفلام غير الناطقة باللغة الإنجليزية في الأوسكار، ران بريسكا، الذي أعرب عن استغرابه إزاء عدم درج اسم فيلم أصغر فرهادي في القائمة النهائية التي تضم أسماء تسعة أفلام مرشحة، قائلاً: من الصعب تصديق هذا الأمر أن فيلم فرهادي الممجّد به والمأمول فوزه في الأوسكار لم يتم اختياره من قبل اللجنة. وكان قد تقدم 76 فيلماً من أجل المنافسة للأوسكار ومن بينها فيلم «الماضي» لأصغر فرهادي. وقد تم اختيار 9 منها للقائمة النهائية للمنافسة، ليعلَن بعد أيام أي في 16 من الشهر الجاري عن أسماء الأفلام الخمسة التي يتم اختيارها من بين هذه الأفلام التسعة لتتنافس مع بعضها في الدورة السادسة والثمانين لجائزة الأوسكار، التي ستقام يوم 2 من شهر مارس العام الجاري في لوس أنجلوس. هذا وثمة كثير من النقاد وهواة الأفلام في إيران وخارجها اعتبر فيلم «الماضي» لفرهادي أقل قوة وجاذبية بالنسبة لفيلمه السابق «الانفصال»، الذي جلب لمخرجه الشهرة العالمية، إلى جانب أهم الجوائز السينمائية العالمية. وقد تم عرض «الماضي» لأول مرة خلال مهرجان كان عام 2013، وهو دراما من إنتاج فرنسي، وباللغة الفرنسية، كما تم تصويره في باريس، وقام فيه بأداء الأدوار كلّ من الممثلة الفرنسية «برنيس بيجو»، والممثل الفرنسي الجزائري الأصل «طاهر رحيم»، والممثل الإيراني «علي مصفّا». كما أنه عرض في صالات السينما الإيرانية مترجماً إلى الفارسية، قبل أن تتم دبلجته إلى الفارسية مؤخراً وتحت إشراف المخرج فرهادي، ليعرض ثانية في صالات السينما في إيران، ويقصدها كثير ثانية ليشاهدوا الفيلم مدبلجاً إلى اللغة الفارسية. وترتكز قصة الفيلم على أحداث وقعت في الماضي، ويحاول كلّ من الشخوص التخلص منها دون جدوى؛ ثمة انفصال في علاقة ماري (برنيس بيجو) وأحمد (علي مصفّا)، وهو زوجها الثاني الذي انفصلت عنه دون أطفال ولها بنتان من زواج سبق زواجها من أحمد، وبدء علاقة أخرى لنفس المرأة ومع سمير (طاهر رحيم)، رجل فرنسي من أصول عربية، ووضعية تجمع الثلاثة في باريس، حيث يقدِم أحمد من إيران، تلبية لطلب زوجته السابقة ماري، لتسجيل طلاقهما في المحكمة. ثم اضطرابات نفسية واستياء تبرزه البنت الأكبر لماري إزاء علاقة أمها وسمير، وما يحدث لزوجة سمير الأولى التي لم نشاهدها أثناء الفيلم إلا في حالة غيبوبة في المستشفى إثر انتحار نتيجة الاكتئاب الشديد، إلا أن هذا الأمر يشوبه الشكوك، ويشكّل عقدة الفيلم وحبكته، فتسير حوارات الفيلم وأحداثُه من أجل حلّ هذه العقدة، الحالة التي اعتمدها فرهادي في فيلم «الانفصال» أيضاً، وقبل ذلك في «حول إلي». العُقد، والشكوك، والأحداث المبهمة، والأسئلة التي لا تراود شخوص الفيلم وحسب، بل تبقى تسكن المُشاهد حتى بعد انتهاء الفيلم، والنهايات التي تبقى قابلة لعدة تآويل، واستنتاجات. ويذكر أن المخرج أصغر فرهادي من مواليد عام 1972 في إيران، وقد بدأ نشاطه السينمائي منذ عام 1986. وهو المخرج الإيراني الوحيد الحائز على جائزة الأوسكار عن فيلمه «الانفصال». كما أنه فاز بالدبّ الفضّي لمهرجان برلين الدولي للأفلام كأفضل مخرج عن فيلمه «حول إلي»، والدبّ الذهبي للمهرجان ذاته عن فيلم «الانفصال». وقد حصل عام 2012 على جائزة أفضل فيلم أجنبي في مهرجان غولدن غلوب من أجل إخراج وكتابة سيناريو فيلم «الانفصال». ووفق إحصائية قامت بها مجلة «تايم» الأمريكية، احتلّ فرهادي المرتبة الرابعة بين 100 شخصية مهمة لعام 2012.