لم يكن النجاح الذي حققه فيلم الانفصال الإيراني، وفوزه بجوائز عدة أشهرها جائزة غولدن غلوب الشهر الماضي لأفضل فيلم بلغة أجنبية، وجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين للأفلام العام الماضي،لم يكن كافيا,فليس كل الإيرانيين سعيدين بنجاح فيلم المخرج أصغر فرهادي (39 عاماً)، والذي يتوقع أن يفوز بجائزة الأوسكار هذه السنة عن أفضل فيلم بلغة أجنبية غير إنجليزية. وكانت ردة الفعل واضحة على التلفزيون الحكومي الإيراني عندما ظهر كاتب الرأي الإيراني القريب من النظام الإيراني، مسعود فراستي، في الآونة الأخيرة، على الشاشة قائلاً «إن الصورة السيئة التي يعكسها فيلم الانفصال عن المجتمع الإيراني هي ما شجعت الغربيين على ترشيح الفيلم». وأضاف «الدوافع السياسية كانت وراء فوز عدد من الأفلام الإيرانية بجوائز عدة في العقدين الماضيين، ولا يجب على الإيرانيين الترحيب بفوز فيلم الانفصال بجائزة الأوسكار، ففي حين تفرض الولاياتالمتحدة عقوبات ضدنا، فإنها تعطي جوائز لفيلمنا من ناحية أخرى. أعتقد أن نجاح هذا الفيلم هو وهم، فهو ليس جيداً بما فيه الكفاية». وفيلم الانفصال هو خامس أكبر أفلام المخرج الإيراني أصغر فرهادي، والذي أنتج عام 2011، وهو من بطولة ليلى حاتمي، وبيمان مؤدي، وسارة بيات، وسارينا فرهادي، ويستمرعرض الفيلم لمدة 122 دقيقة، أي ما يقارب ساعتين. وهو فيلم درامي رومانسي يحكي قصة عائلتين إيرانيتين إحداهما علمانية من الطبقة المتوسطة، والأخرى عائلة دينية محافظة من الطبقة العاملة أصبحت بينهما بعض القضايا المصيرية المشتركة. ويصور الفيلم التوترات الاجتماعية الحادة في إيران الحديثة، واختلاف وجهات النظر حول العيش في الخارج، في حين تتفق العائلتان حول موضوع الطلاق، حيث تسعى ليلى حاتمي بدور «سيمين» للعيش في الخارج، وتوفير حياة أفضل، في حين يسعى زوجها نادر للبقاء في البلاد لرعاية والده المريض. ويعكس الفيلم صورة واضحة عن المجتمع الإيراني الحديثة، بكل تعقيداته وتناقضاته. تم تصوير الفيلم في أعقاب انتخابات عام 2009 في إيران المتنازع عليها، والتي خلفت عشرات القتلى الإيرانيين، وأصيب المئات، وسجن عدد من المواطنين. والفيلم هو رؤية فريدة للمجتمع الإيراني. ويقول فرهادي: «الفيلم يحاول أن يعطي صورة صادقة لما يجري في بعض عوائل المجتمع الإيراني، ولا يعكس صورة شاملة عن المجتمع». وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية: أن فيلم الانفصال لا يمكن فصله عن السياسات الإيرانية، وما يحدث داخل إيران. حصل الفيلم على تأييد كبير من الحكومة الإيرانية، على الرغم من توقف إنتاجه لفترة وجيزة بعد تصريح فرهادي بتأييده للمنتج باناهي جعفر الذي سجن عام 2010 بتهمة التآمر لتقويض النظام السياسي الإيراني. وعندما أُكمل إنتاج الفيلم وتم عرضه محلياً، نال إعجاب شريحة كبيرة من المجتمع الإيراني، وفاز بجوائز محلية عديدة ترعاها الحكومة. وبالمقارنة مع زملائه المخرجين، فإن الانتقادات الموجهة لفرهادي هي بسيطة نسبياً، بسبب دقة عمله. وفي هذه النقطة، قال برويز جاهد، الناقد السينمائي الإيراني، ورئيس تحرير مجلة دليل السينما العالمية التي صدرت مؤخراً «نهج فرهادي السياسي ليس مباشراً، فهو ضمني، ولهذا السبب يحمل فيلم الانفصال بعض الغموض السياسي، حيث يترك المجال مفتوحاً لتفسيرات مختلفة. فرهادي هو ديموقراطي في لتعامل مع حبكة الفيلم، حيث يبعد الكل عن الحكم على أي شخص، ولهذا السبب يتهمه منتقدوه بأنه سلبي». وعلى الرغم من الشكوك وراء ترشيح الفيلم للأوسكار، إلا أن شعبية الفيلم ونجاحه ستقلص من الآراء السياسية التي لا ترحب بفوز الفيلم. وبثت قناة «مانوتو»، وهي قناة إيرانية معارضة، ومقرها لندن، حفل توزيع جوائز غولدن غلوب مباشرة على الهواء، حين اعتلى فرهادي خشبة المسرح قائلاً «كنت أفكر في الخطاب الذي سأقوله؛ هل أشكر أمي وأبي وزوجتي وبناتي. لكنني الآن أفكر في قول شيء آخر، أود التحدث عن شعبي، فهم أناس محبون للسلام». المخرج الإيراني أصغر فرهادي