استهل الملتقى المقام يوم الأحد الموافق للثامن من شهر ديسمبر 2013، إطلالته المميزة بفكر و جهد فريدين للتوعية نحو هدف نبيل، هدف عطاء التطوع وهو ما اجتمعت لأجله الطالبات ومنسوبات الجامعة تحت مظلة برنامج الشراكة الطلابية للكليات العلمية والصحية في جامعة الملك سعود ونخبة ممن كانت لهن البصمة الاولى والبذرة البكر في صناعة التغيير ورفع الحرج وتوعية المجتمع و توجيه الفرد نحو التطوع لرفع التوعية وتشجيع النفوس إلى ما فيه سعادتها وهناؤها، وعليها يبنى شرفها و تحقيق هدف وجودها. بدأ الحفل بعرض فيلم بين فيه منظمو الحفل أهدافهم وتطلعاتهم ومفهومهم عن التطوع. تلا ذلك كلمة رئيسة الشراكة الطلابية نجود الصيعري، ثم بعدها كلمة المنظمة باسم فريق التطوع التابع للشراكة الطلابية للكليات العلمية والصحية هناء البكر . وكان ممن حضر، أ/ صفية أبو ملحة – المتحدث باسم الجمعية السعودية للعمل التطوعي (تكاتف)- ، وهي جمعية سعودية متخصصة تحت مظلة الشؤون الإجتماعية، تربط بين المتطوعين والجهات المستفيدة من التطوع، إذ تهدف إلى تغيير ثقافة العمل التطوعي لتكوين مؤسسة متكاملة متعددة، كما تقوم بتنظيم قاعدة بيانات العمل التطوعي في المملكة، وتنفيذ دورات تدريبية للمتطوعين، ودعم المجموعات التطوعية، وتقديم استشارات و احصائيات متعلقة بالعمل التطوعي. أما الأستاذة/ منى العنقري -المديرة التنفيذية لمكتب ازدهار في الندوة العالمية للشباب الإسلامي، فقد أوضحت أن العمل التطوعي هو ركيزة أساسية في بناء المجتمع ودعم التماسك بين أفراده، يشترك الفرد بمحض إختياره وإرادته مع تقديم الوقت والجهد ،و المال أحيانا، أو حتى الفكر لخدمة مجتمعه وأبناء جلدته كل في مجال علمه وطاقته. كما وجهت الأستاذة في لقاء معها إلى أن الفائدة الحقيقة والجوهرية هي الفائدة الراجعة على المعطي نفسه، صرفا بالنظر عن الفائدة العائدة على المعطى له ، فالعمل التطوعي يقدم للإنسان أكثر مما أعطي والمستفيد الاول من التطوع هو صاحبه في المقام الأول. و نبهت إلى التغيرالإيجابي و الكبير في فهم معنى التطوع، الذي كان –و قبل 25 سنة كما ذكرت- مقتصرا على كبار السن و ضمن نطاق المساعدات الخيرية المعهودة للفقراء وأسر المحتاجين، إلى أن تحول مفهوم التطوع ليشمل كل غرس فيه خير ولو كانت مشاركة بسيطة في نطاق بيت أو مدرسة، وهو ما تسعى إلى تحقيقه الندوة العالمية للشباب الإسلامي والتي ضمن برامجها ورشات عمل تطوعية للفتيات، برامج ثقافية، و اخرى موسمية ككسوة شتاء و سلة رمضان و هدايا العيد. أكد الحفل على دور الإعلام الجديد و برامج التواصل الاجتماعي في زرع الخير و تنميته، إذ كانت هذه البرامج هي الوجهة الأولى لمن هم الان مؤسسي جمعيات أو حركات تطوعية فاعلة لها أثرها . تحدثت في هذا النطاق و من واقع تجربتها، أ/مها النحيط، مدربة في" تكاتف"، و عضو مؤسس "لقاء الخميس" و مديرة عامة لشركة أثر للتنمية الإجتماعية، حيث بدأت تجربتها مع التطوع متواضعة في بدايتها لا تتعدى الأربع أفراد و طاولة تروى في حضرتها قصص نجاح شباب وشابات سعوديات ضمن نسق التأثير الاجتماعي الإيجابي والفعال. طالت الفكرة لتلقى إستحسان كثير، وليكبر معها الأثر واصلاً ريعها لمناطق متفرقة من المملكة وقريبا خارجها، رسالة العطاء عدوى تنتظر المبادرة. كما أشادت الأخيرة بالنقلة النوعية من تحقير التطوع ورؤيته ضربا من جنون إذ كيف للشخص أن يبذل جهداً و يضيع وقتً في خدمة أحد دونما أجر أو مقابل ! إلى لقاءات و برامج تنظم في سبيل التطوع و تحبيبه و تشجيعه. للشباب القدرة على البذل و العطاء، بل و الرغبة في ذلك أيضا، ماينقصهم هو التشجيع و التوجيه، و هو دور المرشدين و الناشطين و كل من خاض التجربة أو عايش الفكرة ليصنع منها تغييراً يرجى ريعه، و يقتفى خيره. وأشارت إلى دور الجامعات التي تعدى دورها من مجرد التعليم و التلقين إلى زرع المعاني النبيلة والافكار السامية و إستغلال الطاقات الإيجابية وتبديد الفراغ المدقع الذي زادهم خواء فوق خواء لترتسم بعدها صورة المجتمع الواعي والشباب المعتز بفعله وبفكره، لا يركن إلى ملل، بل يسعى إلى جلل فيه خير و أمل، إنما السعادة بالعطاء. ثم أكملت بعدها،أ/ رحاب العتيبي، ناشطة في حقوق المطلقات والأرامل، ومتحدث باسم خير السعودية، كلمتها التي استهلتها بشكر اللقاء و منظميه، و هذه الجمعية كسابقتها، كان لديها بداية متواضعة من خلال موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" لتكون لهم بعدها مجموعة منظمة تحت إشراف الدار الخيرية، إذ تسعى المجموعة إلى إحياء روح التكاتف و زرع المسؤولية الاجتماعية بين الأفراد، و تأهيل و تدريب أبناء الاسر المتعففة، وتوفير فرص العمل الملائمة لمتطلبات سوق العمل لتتحول معها إلى أسر منتجة فاعلة. كما نوهت المحامية/ العتيبي أن في ظل الاعلام الجديد، لا مبرر للتقصير في الأعمال التطوعية، إذ لا تقتصر الزكاة على المال فقط، بل كل نعمة علم أو عمل او جهد أو فكر وجب تزكيتها بتقديم ما في الاستطاعة لوجه الله، رداً لجميل العطاء ببعض عطاء. كما تواجدت نوادي و مجموعات تطوعية؛ كمجموعة جسد واحد – لجمع علب البلاستيك والألمنيوم والاستفادة من ريعها في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، ونادي تاج التطوعي – منظم لبرامج مرضى السرطان و دور الرعاية ، ومجموعة إحتواء التطوعية – المنظمة لكسوة فرح 1 و 2 ، و نادي ارتقاء التطوعي، إسهاما منهم في نشر ثقافة التطوع و إتساع رقعتها لتضم جهود الكثيرين في بث روح الأمل و الأثرة على النفس. وكان للحضور نصيب من الرأي، إذ بينت خلود البقمي – من كلية العلوم – أن النقطة الأقوى في الملتقى هي استحضار أشخاص ذوو قصص واقعية عايشوا التطوع وغذوه ليكونوا هم رواده و صانعيه. وأوضحت خلود الزهراني وامنة الهلمان إلى أن طريق التطوع لم يعد مبهما، بل بات واضحا بجهاته الرسمية ومراكزه المتخصصة التي تبذل في سبيل نقل الفكرة إلى أرض الواقع. كما بينت الاستاذة / دنيا الفراج – مساعدة عميد عمادة شؤون الطلاب للشراكة الطلابية – أن الملتقى هو نتاج عمل طلابي بحت و منظم، وفرت له الطاقات الطلابية ، كما حققت معه الجهات الخارجية ممن زار، المبدأ الذي يسعى إليه المركز التطوعي من تعريف بجهات العمل التطوعي وهو ما تحقق. وأعربت أيضا أ/ مها النحيط عن سعادتها العارمة بالحضور ثم إنها أكدت عدم الاستهانة بالقدرات الكامنة، وحتى يتحقق الإيمان بالقضية لابد أن يبذل صاحب القضية جهدا لإيصالها أولا، فلا تكون حبيسة نفسه و فكره. أما هناء البكر – رئيسة المركز التطوعي للشراكة الطلابية- فقد أدلت بأن الجهود التي بذلت في تفعيل الملتقى اتت ثمرها من خلال الردود الإيجابية و الإستحسان من قبل الزائرات و الطالبات على حد سواء، بعد شهر من التجهيز و الإعداد و إنتقاء الزوار و الضيوف ليكتمل معها الهدف الأكبر للملتقى، توضيح طريق التطوع امام الشباب والتعريف بجهاته حتى لا تقف مع الجهل دائرة التنمية، وتكتمل دائرة النفع لتستفيد الجهات التطوعية من الشباب، ويستفيد الشباب منهم ضمن نطاق معرفي ثقافي وإنساني نبيل. الشباب هم عماد كل أمة و أساسها، وهم قادة سفينة المجتمع نحو التقدم والتطور، وهم نبض الحياة وأداة البناء والتنمية، إذا غاب دورهم تسارعت بوادر الركود وبواعث الإنحطاط، وبالأعمال التطوعية تمتص الطاقات وتوجه وتصرف على الوجه السليم و الشكل المفيد ذي الرجع الجميل عليهم كأفراد وعلى مجتماعاتهم كونهم اللبنة الأقوى في بناء الحضارات وإليهم ترد رفعة الأمة وإليهم يرد خورها، كان لابد لثقافة التطوع أن تنتشر لتشمل كل بيت، و كل شارع و مقهىً وزاوية، نسعى بها ومن خلالها إلى رفع غمة أو تفريج كربة أو تقديم سلوة إلى من هم أحوج، ضاربين معها أسمى أمثلة البذل و الأثرة، ليرتقي بنا مجتمعنا جنبا إلى جنب، ويعلو معنا روح الأمل وبذل العطاء، نطهر به قلوبا كافحت وناضلت، فكان لها حقا علينا لزاماً، علمه من علمه و جهله من جهله، ثم إن الطهرة الحقيقية لنا و العود علينا أحمد، فلله در من أعطى، و لله در من أخذ.