ارتسمت الفرحة على وجه الطفل يوسف البلعاوي من سكان مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، ليس لتفوقه في دراسته، ولكن لحصوله على عدة شواكل ثمن قطع بلاستيكية باعها لأحد التجار. يخرج يوسف (13 عاما) كل صباح برفقة مجموعة من أبناء جيرانه للبحث عن قطع بلاستيكية من مناطق مختلفة وبعيدة في مدينة غزة، ليعود آخر النهار ليبيعها لأحد تجار "الخردة" مقابل عدة شواكل يساعد فيها أسرته التي أنهكها الفقر المدقع. "والدي لا يشتغل منذ سنوات وأنا أقوم بجمع البلاستيك وبيعه لمساعدة أسرتي" قال يوسف وهو يضع على ظهره كيساً من قطع البلاستيك. وبدت علامات العناء والتعب على وجه يوسف بعد يوم طويل من البحث عن قطع بلاستيكية ظفر بها. وأضاف، "أمشي مسافات طويلة جداً حتى أصبحت قدماي تؤلمني من كثرة البحث والتفتيش عن البلاستيك حتى في النفايات". وتعد ظاهرة الأطفال الذين يجمعون القطع البلاستيكية ملفتة للنظر في قطاع غزة الذي يعاني من الحصار الاسرائيلي منذ أربعة أعوام. والد يوسف أبدى عدم رغبته في عمل أبنه لكنه استطرد يقول: "للضرورة أحكام... فالشواكل القليلة التي يحصلها تسد رمق أطفالي الصغار في بعض الاحتياجات الضرورية." وذكر أبو محمود، أنه عاطل عن العمل منذ بداية انتفاضة الأقصى ويعتمد بشكل أساسي على المعونات والمساعدات من أهل الخير. وقال: "إن يوسف يبيع في بعض الأحيان بخمسة أو عشرة شواكل وهي ثمن علبة سجائر لكنها بالنسبة لي أفضل الموجود." ويعاني أهالي قطاع غزة من أوضاع اقتصادية ومعيشية سيئة للغاية بسبب الحصار الاسرائيلي، الذي أدى لارتفاع معدلات البطالة الى نسب كبيرة جداً وفق ما تعلنه جهات رسمية ومنظمات دولية. الطفل محمد فوزي (10 أعوام) يقوم هو الآخر بجمع القطع البلاستيكية وبيعها لمساعدة أسرته التي تعاني من الفاقة. محمد يقول: "أساعد أسرتي المكونة من سبعة أفراد لأن والدي عاطل عن العمل منذ سنين طويلة". ورغم جسمه النحيف يصر محمد على هذا العمل لأنه لا يوجد بديل حسب قوله. وأضاف" أخرج من الصباح وابحث في كل مكان عن البلاستيك وأعود في المساء وقد جمعت بعض القطع لبيعها في اليوم التالي". وأكد أن ذلك العمل يحرمه من اللعب واللهو مع زملائه الأطفال. أحد تجار الخردة في مدينة غزة رفض الكشف عن هويته، أكد أن هناك عشرات الأطفال يأتون الى محله يوميا لبيع البلاستيك أو قطع النحاس والحديد للحصول على بعض الشواكل. ولم يخف ذلك التاجر أن هذه المهنة تدر عليه الأرباح، حيث يقوم ببيع تلك الخردة الى أصحاب المصانع والورش لاعادة تصنيعها من جديد للتغلب على الحصار. ويحذر أخصائيون من خطورة ظاهرة عمالة الأطفال التي وصفوها ب "القديمة الجديدة" والتي ازدادت في ظل الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة وانعدام فرص العمل. وأكدوا أن ظاهرة عمالة الأطفال هي نقمة وليست نعمة، وأنها تنعكس بالسلب على الجيل الجديد الذي ينبغي أن يلقى ما يستحقه من تنشئة سليمة ورعاية صحيحة، وصولاً إلى بناء أجيال واعدة قادرة على النهوض بمجتمعها وبناء دولتنا الفلسطينية..