غزة.. زكريا المدهون: ألح الطفل إبراهيم (13 عاماً) على أحد المارة في مدينة غزة شراء علبة من السجائر، خلال يوم عمل شاق قضاه متنقلاً بين شوارع المدينة. إبراهيم يعد واحداً من مئات الأطفال الفلسطينيين الذي دفعتهم الظروف الاقتصادية الصعبة الناتجة عن الحصار الإسرائيلي للعمل لمساعدة أسرهم في توفير قوت يومهم للتغلب على الفقر المدقع. قال إبراهيم ل (السعودية) وهو يحمل في رقبته كرتونة تشتمل على جميع أنواع السجائر: \"أقوم ببيع السجائر لمساعدة أسرتي المكونة من سبعة أشخاص، حيث أبي لا يعمل منذ فترة طويلة.\" وتابع والإرهاق باد على وجهه، أخرج من السابعة صباحاً وأبقى أبيع السجائر حتى الساعة الحادية عشرة ونصف لأذهب بعدها الى المدرسة في الفترة المسائية، مشيراً الى أنه يبيع في اليوم ب (20 شيكلاً) أي ما يعادل (3 دولارات تقريباً). وبين ابراهيم أن ذلك العمل يؤثر على تحصيله الدراسي، حيث لا يوجد لديه وقت كاف للمذاكرة وحل الواجبات. من جانبه يقوم الطفل (م.ع) بالبحث في أكوام النفاية عن قطع النايلون والبلاستيك لجمعها وببيعها ببعض النقود. كانت ملابس ذلك الطفل البالغ من العمر (تسع سنوات) رثة ورائحتها قذرة، وهو يقوم بحمل بعض الصواني البلاستيكية أخرجها لتوه من مجمع للنفايات يقع وسط مدينة غزة. وقال: إنه يقوم بذلك العمل بعد عودته من مدرسته بعد الظهر كي يساعد والده العاطل عن العمل من سنوات بسبب الحصار الإسرائيلي. وأضاف أن هذا العمل سيئ وصعب جداً لكن الظروف هي التي أجبرته عليه، مشيراً الى انه يبيع باليوم بعشرة شواكل لتجار الخردة. من جهته اعتبر الدكتور صلاح حماد، أستاذ أصول التربية في جامعة الأقصى بغزة، أن تزايد نسبة عمالة الأطفال نتيجة طبيعية للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني. وأكد حماد ل (السعودية)، أن الشعب الفلسطيني عانى كثيرا بسبب البطالة والحصار المفروض عليه منذ أكثر من عامين، حيث أصبحت أكثر من 81% من الأسر الفلسطينية تحت خط الفقر وبالتالي ستكون النتيجة الطبيعية أن تلجأ الأسرة الفلسطينية إلى أي مصدر رزق، خاصة وأن الأطفال قد يقومون بأعمال لا يستطيع أن يقوم بها الكبار كما نلاحظ الأطفال على الإشارات الضوئية يبيعون الحلوى وما شابه ذلك مقابل القليل من النقود. وذكر أن السبب الآخر في عمالة الأطفال هو عدم وجود من يعوض هذه الأسر عن الدخل المفقود، مشدداً على أن الأسر الفلسطينية حريصة كل الحرص على تعليم أبنائها، حيث توجد في فلسطين نسبة عالية من المتعلمين لكن الأسر الفلسطينية أصبحت لا تجد أمامها إلا أن ترسل أبناءها للبحث عن أي مصدر رزق وهذه حقيقة نلمسها يوميا. وبدوره حذر الدكتور فضل أبو هين أستاذ علم النفس، من المخاطر النفسية والصحية على الطفل جراء حمله للأثقال والتجوال لساعات طويلة في الشوارع وتحت الشمس الساطعة. وشدد في تصريح ل (السعودية)، على أن ذلك يستنزف قوى الطفل ويؤثر على نموه العقلي والجسماني. وبين أنه كي ينمو الطفل عقلياً وبدنياً لا بد من توفر العناية والرقابة، مؤكداً أن الشارع والسوق لا يربيان الطفل على الإطلاق. وأكد أن أطفال قطاع غزة من أكثر الأطفال في العالم تعرضاً للأزمات النفسية والجسمانية بسبب الاحتلال، منوهاً إلى استشهاد وإصابة الآلاف منهم. وأشارت نتائج دراسة فلسطينية حديثة، إلى أن عدد الأطفال العاملين- سواء بأجر أو بدون أجر (أعضاء أسرة غير مدفوعي الأجر)- قد بلغ 32.900 طفل، أي ما نسبته 4.4% من إجمالي عدد الأطفال في الفئة العمرية (10- 17 سنة). وبينت النتائج أن 30.9% من الأطفال العاملين في الفئة العمرية (10- 17 سنة) هم غير ملتحقين بالمدرسة (بواقع 27.9% في الضفة الغربية و51.5% في قطاع غزة)، و33.8% من بين الذكور و13.2% من بين الإناث، مقابل 69.1% من الأطفال العاملين ملتحقين بالمدرسة بواقع 72.1% في الضفة الغربية و48.5% في قطاع غزة وعلى مستوى الجنس 66.2% من بين الذكور و86.8% من بين الإناث.