دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة العديد من الفلسطينيين الى امتهان بعض الأعمال لتوفير احتياجات أسرهم التي أنهكها الفقر، جرّاء الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من ثلاث سنوات. ويعاني المواطنون في قطاع غزة الساحلي (1.5 نسمة) من ارتفاع معدلات البطالة وخاصة بين الشبان بنسبة تزيد عن 40% ، مما فاقم من معاناتهم اليومية. وائل أبو غبن (39 عاماً) من سكان مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، أضطر لبيع "الذرة المسلوقة" على قارعة الطريق، متحملاً حرارة النار ورائحة الدخان المنبعث منها في سبيل الحصول على بعض الشواكل في نهاية اليوم. يقوم وائل كل صباح بإشعال الحطب والكرتون أسفل موقد يعلوه صفيحة ممتلئة بالماء وأعواد الذرة الصفراء لسلقها وبيعها. وقال ذلك الشاب:" استيقظ كل يوم مبكراً لأذهب الى السوق لشراء كمية من الذرة لسلقها وبيعها للناس مقابل بعض الشواكل". "كنت أعمل في "الطوبار" لبناء العمارات السكنية، لكنني توقفت عن العمل خلال الحصار الذي يمنع دخول المواد المخصصة للبناء" يضيف وائل وهو ينفخ على الحطب ليشتعل. وأكد وائل وهو أب لستة أطفال أنه من خلال بيع الذرة يوفر شيئاً يسيراً من قوت أطفاله في ظل الحياة المعيشية الصعبة وارتفاع تكاليفها، مشيراً الى أنه في نهاية عمله يجمع حوالي خمسة عشر شيكلاً وهي بالكاد تكفي مصروفاً لأولاده. ووصف عمله ب "المتعب" تحت أشعة الشمس، مستدركاً بالقول:"لا يوجد بديل وفرص عمل في غزة". لكن وائل يعتمد الى جانب عمله في بيع الذرة على بعض المساعدات التموينية التي يحصل عليها من بعض المؤسسات الخيرية وهي غير كافية كما يقول. ودوماً ما تحذر مؤسسات أغاثية محلية ودولية من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي الذي مسّ مختلف شرائح وقطاعات المجتمع الفلسطيني. محمد أبو سلطان (27 عاماً) دفعته ظروف أسرته المادية البائسة الى العمل في احد المقاهي في مدينة غزة. وأكد أبو سلطان أنه أضطر لهذا العمل بعدما أغلقت جميع الأبواب في وجهه من ناحية الحصول على أية فرصة عمل ولو بالقليل. وأضاف، أنه يعمل في اليوم لمدة 12 ساعة مقابل 30 شيكلاً وهو مبلغ زهيد مقابل الالتزامات الحياتية، منوهاً الى أن خاطب وسيتزوج بعد شهرين. ويتساءل أبو سلطان هل يكفي هذا المبلغ لمساعدة عائلتي أو لتوفير متطلبات الزواج؟ وكانت معطيات رسمية حديثة بينت أن أعلى معدل للبطالة تركز بين فئات الشباب في الفئة العمرية 15-29 سنة، وسجلت الفئة العمرية 20-24 سنة أعلى معدل للبطالة حيث بلغ 35.7% (بواقع 25.5% في الضفة الغربية 55.4% في قطاع غزة). وقال الجهاز المركزي للإحصاء: يلي ذلك الفئة العمرية 15-19 سنة وبلغت 34.3% (بواقع 28.7% في الضفة الغربية و53.2% في قطاع غزة)، ثم الفئة العمرية 25-29 سنة 28.1% (بواقع 21.4% في الضفة الغربية و38.9% في قطاع غزة). في سوق الشيخ رضوان جنوب مدينة غزة، كان الشاب أكرم عناية واقفاً أمام بسطته الخشبية يعرض عليها أصنافاً من المعلبات ومواد التنظيف. وأوضح أكرم (32 عاماً) أنه كان يعمل في السابق خياطاً وهو حالياً عاطل عن العمل جرّاء إغلاق معظم مصانع الخياطة في القطاع بسبب الحصار. وعن دوافع عمله الجديد، أكد أنه الحل الوحيد لتوفير قوت أطفاله الأربعة بعدما فشل في إيجاد فرصة عمل في الخياطة أو في أي عمل أخر، مؤكداً أنه من خلال هذا العمل يستطيع توفير بعض متطلبات أسرته. وبينما كان أكرم ينادي عل المارة للشراء منه، مرّ بجانب بستطه شاب يحمل أبريقاً من الشاي وبعض أكواب البلاستيك لبيعه لمن يرغب من الباعة والمتسوقين.