لم يكن اللقب الذي حققه سعد الحارثي مؤخراً بحصوله على جائزة قناة (أبوظبي) الرياضية للاعب الأكثر شعبية لهذا العام بأمر مستغرب، ولم تكن هذه الجائزة بالحدث الجديد في مسيرة هذا اللاعب الكبير، فسعد الحارثي اسماً سطع نجمه عالياً في سماء الكرة السعودية وأصبح الحديث الأهم في الشارع الرياضي السعودي ومثار نقاش مختلف مجالس ومنتديات الكرة إلى جانب متابعته من الصحافة الرياضية التي لا تكاد تخلو صفحاتها مواضيع وأخبار لهذا النجم الكبير ففي فترة بسيطة لا تتجاوز السنوات الأربع حقق من الألقاب ما لم يحققه غيره في عشرين عاما.. ويمثل علامة بارزة في صفوف ناديه (النصر) رغم الظروف التي يعيشها قطب العاصمة الثاني ليكون الحارثي (شمعة الأمل) لنادي قدم كبار اللاعبين وألمعهم في يوم من التاريخ قبل أن يتراجع منتظراً بزوغ أمل جديد حتى أتى الحارثي حاملاً معه ذلك الحلم عام 1418ه لكن صغر سنه أخر الظهور في الصفوف الأولى حتى عام 1424ه حيث كانت البداية الحقيقية مع تلك المرحلة. العسيري مكتشف البداية ولد سعد الحارثي عام 1984م وهو من عائلة ليست رياضية وينصب اهتمام رب الأسرة فيها على التحصيل العلمي كي يتسلح أبناؤه بأقوى الأسلحة، بيد أن سعد الذي جمع بين العلم والرياضة كان متفرداً بين أقرانه، فهو في المدرسة عاشق لحصة التربية البدنية، وفي حي النسيم شرق الرياض هو أحد نجوم الحواري. عندما ذاع صيت الحارثي انتسب لنادي (العسيري) أحد أشهر أندية حواري الرياض، وبرغم النجوم التي كانت تشكل ذلك الفريق الذي اشتهر بتعاونه مع النصر إلا أن فراسة قائد المجموعة محمد العسيري كانت في محلها، فقد تنبأ للحارثي بدخول عالم الكرة عبر أحد الأندية، بل أن الحارثي في أحد حواراته ذكر أن العسيري تنبأ له باللعب في أوروبا يوما ما. كيف لعب للنصر في عام 1418ه نضجت فكرة الالتحاق بالنادي وبدأت عيون ثلاثة أندية هي: الهلال والشباب والنصر ملاحقته فتدرب في الهلال نحو أسبوعين، لكن القدر لم يكتب له الاستمرار، ومع حمى وطيس المفاوضات الشبابية استطاع محمد العسيري الذي يرتبط بعبد الله الهويشل إداري النصر المخضرم بعلاقة جيدة نقل قدم اللاعب للنصر، فكان الموعد وكان التسجيل لناشئ الأصفر بمبلغ يصل إلى 30 ألف ريال فقط. والحارثي (نصراوي الميول) لكنه في النهاية عاشق للكرة، بيد أن حرصه على العلم وحرص والده كان أكبر من أي أمر، فنظر للكرة كهواية، ومن هنا كان يؤديها باستمتاع ويجني ثمار العلم شهادة تلو أخرى حتى حصد الشهادة الجامعية في التربية الرياضية. وشارك سعد في دوري الناشئين عامين كان فيهما حرصه على التدريبات ليس على ما يرام وسط أسباب متعددة أهمها الدراسة، ومن ضمنها وسيلة المواصلات رغم حل النصراويين للأخيرة عندما أدركوا أن موهبة فذة متواجدة داخل أسوار ناديهم لا بد أن يوفر لها شيئا من الاستقرار. القروني المكتشف الحقيقي ارتداء القميص الدولي هو المحطة الأهم في تاريخ كل لاعب ولهذا كان عام 2000 نقطة التحول في حياة اللاعب عندما استدعاه المدرب القدير خالد القروني ليكون ضمن منتخب الناشئين في معسكر الإسكندرية استعداداً للتصفيات الآسيوية بعمان، وبعد عام ضمه الأرجنتيني بتشامي لمنتخب الشباب فشكل مع الثلاثي عيسى المحياني وياسر القحطاني وبدر الخراشي ثلاثي رائع، وتوج رحلة البداية الدولية بتألق لافت في تصفيات الكويت الآسيوية عندما نقل الأخضر لنهائيات قطر بهدفه الثالث في الشباك الكويت مفتتحاً عهد الود معها في لقاء انتهى سعودياً (3 2)، وفي عام 2002 كان ضمن منتخب الشباب في معسكر إيطاليا استعداداً لكأس العالم بالإمارات التي غاب عنها أيضاً لدواعي دراسية وهي نفس الظروف التي كان قد اعتذر بسببها قبل ذلك بعام عن عدم تكملة المشوار مع منتخب الشباب. مع محسن صالح وفي موسم 2003 2004 رأى فيه المدرب المصري محسن صالح أنه رقم يمكن الدفع به في التشكيل الرئيس للفريق الأول بنادي النصر ومن هناك كانت البداية التي أكملت ظهوره في دورة الصداقة بأبها مطلع ذلك الموسم. وبعدها سجل الحارثي الحضور الأقوى مع النصر وبقي لاعب الأمل في الفريق الذي يعاني ظروفا شتى منذ رحل رئيسه الأمير عبد الرحمن بن سعود في أغسطس من عام 2004م. ولأن الكرة السعودية ومنتخباتها مصدر دائم للنجوم كان الحارثي أحد مفاجآت المدرب كالديرون في خليجي 17 بقطر ليبدأ اللاعب أول خطوة له مع الأخضر الكبير حتى وإن كانت محدودة. في إبريل من عام 2005 استدعى المدرب الكبير ناصر الجوهر سعد الحارثي لمنتخب دورة التضامن فكانت الفرصة وكان الاستغلال الأمثل، سجل سعد في تلك الدورة حضوراً قوياً بجانب ياسر القحطاني وصالح بشير ومحمد أمين حتى نال الأخضر الميدالية الذهبية من أمام المغرب بهدف للقحطاني، وتوج سعد تألقه بهدفين وانتقل مع محمد أمين لصفوف الأخضر الكبير الذي يستعد آنذاك لتصفيات كأس العالم 2006م. وكان كالديرون يملك نظرة ثاقبة بإعطاء اللاعب الفرصة خلال المعسكر لتقديم نفسه، وعمق ذلك باختياره ضمن قائمة ال(18) أمام الكويت وأوزبكستان التي أجاد سعد استغلالها كما يجب أن يكون الأمر. قصة الكويت وأوزبكستان قبل 15 دقيقة من النهاية وحيث كان الشلهوب قد هز شباك شهاب كنكوني بثنائية مهدت الطريق للأخضر لتحقيق النقاط الثلاث دفع كالديرون باللاعب الشاب لداخل الميدان بمخطط هجومي نفذه سعد ببراعة في الدقيقة 83 حيث تجاوز أربعة كويتيين قبل أن يغادر كنكوني بحركة بارعة ويسجل بيمناه أول هدف دولي له وسط إعجاب تجاوز الحدود إشادة بقدراته المهارية. وفي مباراة أوزبكستان دخل الحارثي بديلاً للاعب (سامي جابر) قبل 22 دقيقة من النهاية وكان الجابر قد أعطى السعودية حق التأهل بهدفين لكن الحارثي أبى إلا أن يوقع حضوره بهدف خاطف عندما تلقى عرضية احمد البحري في الدقيقة 87 ليؤكد أن ما فعله أمام الكويت لم يكن بمحض الصدفة، كما أعلن بتحيته العسكرية لمسؤولي الكرة السعودية أن نجماً قادماً للساحة سيحمل مع زملائه لواء التجدد الكروي للكرة السعودية. أجمل أهدافه لسعد الحارثي أهدافاً جميلة لا تنسى، فمع النصر دائماً هو مفتاح الفوز والكل يتذكر أهدافه محلياً مثل هدفه في مرمى القادسية في مسابقة كأس ولي العهد أو أهدافه في الاتفاق والهلال والأهلي وغيرها من الأندية واغلب أهداف سعد جميلة لأنها تأتي بصنعه هو أيضاً وفيها مجهود ومهارة منه كما أن له أهدافاً مع النصر عربياً كهدفه في أولمبيك اسفي والفيصلي الاردني والكويت الكويتي. مزايا وعيوب ولأن كل لاعب يحتاج في بداياته للتطوير والدروس فإن مزايا سعد وعيوبه ستكون طريقه للاستمرار وهو ما يؤكده من تعاملوا معه خلال توجهنا لسؤالهم عن اللاعب. لماذا لقب بالذابح؟ الأهداف القاتلة يقول عنها النقاد والمحللون: إنها تذبح الخصم في وقت لا يمكن خلاله أن يلتقط انفاسه، وسعد من المهاجمين الذين كثيراً ما يسجل أهدافه في الوقت القاتل من المباراة سواء مع النادي أو المنتخب ولهذا فهم يطلقون عليه (الذابح) لأن أهدافه ذابحة لآمال الخصوم. وهنا بعد التعليقات من الذين عايشوا الحارثي عن قرب: المدرب كالديرون * عرفت سعد في (خليجي 17) ووجدت فيه استعداداً كبيراً للتطور، لقد تطور كثيراً ومن خلال المعسكرات سيزداد نضجاً. * إنه لاعب يثق بنفسه كثيراً ولديه طموح وهذا برأي سر تألقه مؤخراً وسر اعتمادنا عليه آنذاك عندما كنت مدرباً ل(الأخضر).. وأعتقد أنه سيواصل منهجه إذا حافظ على التدريبات وجرعات الاحتكاك لأنه يملك استعداداً بدنياً وذهنياً رائعاً. المدرب خالد القروني * لاعب طموح يجمع بين الموهبة والثقافة، لا يزال لديه الكثير، كما أن لديه مقومات المهاجم الفذ فهو قارئ جيد للمنطقة وذكي في تمركزه. * لديه قدم يسرى مميزة ويجيد استخدام رأسه وتلك من أهم خصال المهاجم المميز. * يعجبني فيه أنه لا يخضع للرقابة ويطلب الكرة. * الذي أتمناه لسعد أن يطور استخدامه للقدم اليمنى وأن يدرك طول المشوار ويعي أن في المستقبل محطات قد يجانبه التوفيق كأي مهاجم في العالم. * لا خوف عليه من الغرور في ظل وجود والد بمواصفات والده الذي يبحث بنفسه عن مصلحة ابنه ولهذا لا أخشى عليه شيئا. المحلل ماجد عبدالله * سعد لاعب ممتاز وأعتقد أنه سيكون أفضل لاعب إذا حافظ على موهبته وتعلم من التجارب. * لاعب قادم بقوة، لديه روح قتالية، ويجيد الانطلاق نحو الهدف، وسيكون مع القحطاني أمل الكرة السعودية القادم. إنجازاته الشخصية * مثل المنتخب السعودي في أكثر من مسابقة. * يعد سعد الحارثي أكثر لاعب إحرازاً للأهداف لمنتخب الفئات السنية على مستوى الناشئين والشباب. * هداف الدوري السعودي في أول موسم ظهر فية بالنسبة للمهاجمين السعوديين. * أفضل لاعب عربي واعد في عام 2005. * أفضل لاعب عربي واعد للمرة الثانية 2006 2007. * هداف دوري أبطال العرب 2006 2007. * حصل على جائزة (دايهاتسوا الرياضي) كأفضل لاعب. * اللاعب الأكثر جماهيرية في الدوري السعودي وحصوله على جائزة قناة أبوظبيالرياضية.