كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن التميز الوظيفي والسعي لتحقيقه في بيئة العمل للوصول إلى إنتاجية جيدة طموحة. ولعلي في هذا المقال أسلط الضوء على دور الإدارة ونوعيتها وأثرها في تحقيق التميز حيث إن من المعايير المعروفة للإدارة المتميزة هي تعظيم المبادرات الإدارية الذاتية وتمكين الموظفين من مهارة أداء العمل بروح الفريق وترسيخ قيم الشفافية واللامركزية داخل المؤسسة التعليمية، ولكن للأسف الشديد ما نلاحظه في بعض مؤسساتنا التعليمية أن التميز الوظيفي لدى الإدارة يكاد ينحصر في فئة معينة لها نصيب الأسد من التشجيع والتحفيز، وفي المقابل يهمش الآخر ويبقى حبيساً لتلك الصورة المستوحاة عنه من انطباع مدير سابق. إن التميز حق مشروع للجميع وليس محصوراً على أنماط معينه من البشر، ولو تحدثنا عن القواعد الثلاثية الذهبية للموظف المتميز لوجدنا أنها تكمن بالعطاء غير المشروط، التسامح المتكامل والتفاؤل التام ولو تطرقنا إلى مفاتيح التميز نجدها تتركز في الأداء والإنجاز، الكفاءة والفعالية، الإبداع ومهارات الاتصال الفعّال وهي ليست بالأمور التي يصعب على الموظف تحقيقها أذا ما توافرت له بيئة عمل نقيه صحية خالية من العلاقات الإنسانية السلبية والتي تؤدي إلى حالات من عدم الرضا الوظيفي، وقبل ذلك كله إلى قائد مبدع يمتلك عقلية الوفرة ويرسم طريق التميز لمرؤوسيه بالتحفيز والتشجيع والتأثير والإقناع. كم خسرنا من قدرات وكم أهدرنا من طاقات عندما قيدنا التميز وجعلناه حبيساً لفئة معينة ترسم إطاره وتحدد مساره، ولعلي في هذا الشأن أتذكر قصة معلمه قديرة لها في التعليم باع طويل قضت عمرها كله مخلصة لله سبحانه وتعالى أولاً ثم لعملها، لم تكل ولم تمل ولم تتمتع حتى بإجازتها المستحقة كباقي زميلاتها حرصاً على مصلحة طالباتها، عندما قررت أن تخدم الميدان في مجال آخر وأن تجرب نوعاً آخر من العطاء رُفض طلبها وفي المقابل تم قبول طلب زميلاتها اللاتي كن للكسل والتهاون عنوانا، أحبطت هذه المعلمة وقدمت على التقاعد وهي تتجرع ألم الخيبة والخذلان ولكني لن أغفل عن دور حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين أطال الله في عمره في التكريم اللائق لكل المبدعين المتميزين في الأداء التربوي عن طريق جائزة التربية والتعليم للتميز والتي أظهرت نتاج إبداع عدد هائل من المبدعين في جميع المناطق التعليمية. وختاماً.. إن في سجون التميز الظالم يقبع ملايين من المبدعين ينتظرون الفرصة للإفراج عنهم ليظهروا للعالم ما لديهم من إبداع وقدرات وطاقات ونحن في انتظار ذلك العفو!!!