عن الشاعر تحديداً: سانتياغو فيلافانيا 1971 شاعر فلبيني معاصر يكتب باللغة الإنجليزية بالإضافة إلى لغته الأم البانغاسينانية التي هي واحدة من اللغات الفلبينيية الاثنتي عشرة وقد صدرت له عدة دواوين شعرية من بينها "الحبيبة وقصائد أخرى" و"أصوات من كابولون" و(سونتات من مالاغليون". يعتبر فيلافانيا من أبرز أدباء إقليم بانغاسينن فاز بعدة جوائز كان أبرزها جائزة "أسنا" للثقافة والفنون لعام 2010 وعرف عنه اهتمامه بإحياء وترسيخ اللغة البانغاسينانية كلغة أدبية. يتميز شعره بشموليته للحياة الإنسانية ومظاهرها وقوة الصورة الشعرية وثراء المعنى وحيويته. قصيدة مختارة (حين نظرت إلى القمر): "لقد أخطأت كثيراً بحقّ عينيّ حين نظرت إلى القمر قلبي الآن ضرير أعيدي إليّ بصري فصوتك قد لايكون كافياً لأن يجعلني أراك أتوق إلى أن أتحسسكِ في أبيات شِعركِ التي تجبُر كَسْرَ قلبي" * في البدء؛ التكوين الثقافي الفلبيني قد يكون بني على آثار الاستعمارات التي مُنيت بها الفلبين سابقاً وأثر فيما بعد على أساليب وتكنيكات الكتابة؛ صف لي بشكل عام الجنس الشعري قبل وبعد الاستعمار إلى عصرنا الحالي؟. - الأدب في الفلبين قبل الاستعمار الإسباني كان بالتأكيد مختلفًا بشكل كبير عنه الآن. كانت الأساطير تنتقل من جيل إلى آخر عبر التقليد الشفهي. تلك الأساطير تم تدوينها أخيرًا عندما قمنا بتبني الحروف الأبجديّة اللاتينية للغاتنا. أغلب ما أُنتج من الأدب الفلبيني الجيد، كان خلال فترة الاستعمار الإسباني، وبدأ الشعراء الأوائل بكتابة أعمالهم بالإسبانية والعاميّة. كانت القصائد والنصوص الرومانسيّة الموزونة منتشرة في تلك الحقبة كوسيلة للمتعة. وكانت أغاني أويت وكوريدو منتشرة كذلك في اللغة التاغالوغية. تظهر أغاني أويت في رباعيات، بينما تظهر كوريدو في رباعيات ثُمانيّة المقطع. وهنالك العديد من الأشكال المختلفة من هذه الأغاني في اللغة التاغالوغية: بيكول، الونغو، پامبانغو، الوكانو، ولغة البانغاسينان. وأعظم فترة للأدب الإسباني كتبت خلال مرحلة الكومنولث الأمريكي، بجهود الكتّاب والمثقفين البارزين الذين تلقّوا تعليمهم بالإسبانية أو عاشوا في مجتمع يتحدث الإسبانيّة وتأثروا بمن يُطلق عليهم "موديرنيسمو"، مزيج من عناصر المدرسة البرناسيّة الفرنسية، وعناصر المدارس الرمزيّة، بفضل بعض كتّاب أمريكا اللاتينية وشبه الجزيرة الإسبانية. بداية دخول الإنجليزية كلغة للتعليم في الفلبين، عجّل بزوال الإسبانية من الفلبين خلال أقل من نصف قرن، الكتابة بالإنجليزية كانت قد أخذت السيطرة من الكتابة بالإسبانية. جلبت الفترة الاستعماريّة الأمريكيّة تغييرات جديدة في الأدب الفلبيني. أشكال أدبيّة جديدة دخلت إلى الكتابة مثل الكتابة الحرّة من الوزن. وبجانب هذا التغيّر، استمر الشعراء العاميّون بالكتابة في مقاطعاتهم. اليوم، ظهر الأدب الفلبيني من جديد بلغات عديدة. واستمر شعراء الفلبين المعاصرون بطباعة ونشر أعمالهم، سواءً كانوا يكتبون بالإنجليزية أو بالفلبينية، أو بلغاتهم الأصلية. * هل ما زالت آثار الاستعمار الإسباني قائمة حتى الآن خصوصا في الوجه الثقافي الفلبيني باستثناء الأسماء الشخصية التي مازالت حتى الآن مشابهة إلى حد كبير بالأسماء الإسبانية؟. - لا، لا أثر للإمبريالية الإسبانيّة الآن. لقد تم استبدالها بالإمبرياليّة الأمريكية. لقد سيطرت أمريكا على الفلبين كنتيجة لحربها مع إسبانيا. اتفاقيّة باريس تخلّت عن غوام، بورتوريكو، والفلبين بسعر محدد. لقد خاضت الفلبينوأمريكا حربًا دمويّة من سنة 1899 إلى 1902، وانتصرت أمريكا. قتل أكثر من مليون فلبيني نتيجة لتلك الحرب. وبرغم انتصار أمريكا إلا أنها قررت مساعدة الفلبين على أن تصبح دولة مستقلة. وحدث ذلك فعلا في الرابع من يوليو، سنة 1946. * كيف تصف لنا حركة النشر والقراءة حالياً لديكم في زمن استولت عليه الثيمة السنيمائية التي ما زالت تجذب الكثيرين خصوصاً أن اتجاه الجمهور لديكم قد يكون سمع - بصري غير قرائي؟. - من الصعب أن تنجح في نشر أعمال أدبيّة في الفلبين، إلا أن كانت هذه الأعمال تنتمي لتيّار مشهور ومسيطر. الكتّاب الشباب يتجهون عادةً إلى ورش الكتابة الإبداعيّة، ثم تبدأ محاولة الفوز بالجوائز الأدبية المحليّة، حتى يتم طبع أعمالهم في مطابع الجامعات. مازالت الكتب الأجنبية تسيطر وتكتسح الأرفف في الفلبين. نعم، السينما تجذب العديد من المتلقين، وبسبب أن أغلب القرّاء الشباب يميلون لثقافة الصورة، هذا يجعلهم يفضلون مشاهدة الفيلم المأخوذ من الكتاب على قراءة الكتاب نفسه. * تعدد اللغات الفلبينية واللهجات كونت بيئة خصبة لإمكانية بزوغ العديد من الوجوه الأدبية الفلبينية. إلا أننا في العالم العربي لا نجد نماذج معينة لشعراء فلبينيين؛ برأيك ما سبب ذلك؟. - نعم، لدينا ما يقارب المئة وسبعين لغة، وأكثر من خمسمئة لهجة. وبما أن المدارس الحكومية تدّرس باللغة الإنجليزية، تطلّعنا باتجاه الغرب. الفلبين مستعمرة أمريكيّة. أعتقد أن السبب كان في أن كتّابنا قاموا بأخذ كتّاب أمريكا وأوروبا كنماذج للاقتداء بها. خلال فترة دراستي بالكلية لم أتعرف على الأدب العربي إلا على القرآن، وبالتأكيد الترجمة الشهيرة لألف ليلة وليلة، وبعض شعر الغزل، ورباعيات الخيّام. وربما كان السبب الرئيسي الآخر هو أن غالبيّة الشعراء لدينا لم تتم ترجمة أعمالهم إلى العربيّة. ستكون فكرة رائعة لو تم البدء ببرنامج للتبادل الثقافي بين شعراء العالم العربي وشعراء الفلبين. بإمكاننا بهذه الطريقة أن نقدّم كتّابنا المعاصرين. إن لم أكن مخطئًا أظنني واحدًا من أوائل الشعراء الفلبينيين الذين تمت ترجمة شعرهم إلى العربية. أشعر بالامتنان للشاعر نزار سرطاوي. * في عام 2011 بلغ عدد الفلبينيين الذين يعملون في الخارج حوالي 11 مليوناً. ألا يشكل هذا فرصة ثمينة لأن يبدع أحدهم شعرا أو نثرا؟ مَن مِن الشعراء الحاليين خارج الفلبين برع في ذلك؟. - منذ بدايات القرن التاسع عشر، وسكّان الفلبين يهاجرون لكل دول العالم. بعضهم كتّاب مبدعون. ولأذكر بعضهم: بينفيندن. سانتوس (1911-1996) كان كاتبًا فلبينيًا-أمريكيًا يكتب الشعر والقصة والمقالات، خوسيه غارسيا فيلا (1908-1997) كان شاعرًا فلبينيًا، ناقدًا أدبيًا، كاتب قصص قصيرة، ورسامًا، وفاز بجائزة الفنان الوطني للفلبين فرع الأدب سنة 1973؛ وكارلوس س. بولوسان (1913-1956) كان روائيًا يكتب باللغة الإنجليزية، وكان شاعرًا أيضًا قضى معظم حياته في أمريكا. * تنوع مناخات الفلبين والتي تقع في أرخبيل ب 7107 جزيرة يجعل منها مكاناً مرغوباً لكل فنان يمارس فيها طقوسه؛ هنا سأسألك عن أي الأماكن تلهمك للكتابة؟. - أستطيع الكتابة في أي مكان، سواء كان ذلك المكان هو الريف، أو المدن الحديثة، ولكني أتلقى إلهامي وحماسي حين أكتب بالبانغاسينانية. تاريخنا المحلي، أساطيرنا وخرافاتنا، لغتنا، وثقافتنا، كل هذه العناصر كانت مناطق أاستكشفها في شعري. * أنت تكتب باللغتين الإنجليزية والبانغاسينانية؛ أيهما التي تمنحك فضاءً أكثر رحابة في التعبير عن كوامنك وعن رعشات الأشياء من حولك؟. - كلاهما. قصائدي الأولى كانت بالإنجليزية، وبسبب الأعمال القليلة في البانغاسينانية، أردت الكتابة بها لإعادة بعث أدبنا المحتضر. والشعر بشكل خاص. بدأت بكتابة الشعر بلغتي الأم في سنة 2001، وقد خرجت بخمسة مجاميع شعرية حتى الآن من هذه التجربة. بينما أستطيع الكتابة أو الترجمة من الإنجليزية إلى البانغاسينانية، أو العكس، أصبحت الآن مرتاحًا أكثر لكتابة النصوص الطويلة في البانغاسينانية، ونصوصًا أقصر في الإنجليزية. * في قصائدك أشعر بلذة تنهض بالمعنى إلى مداراتٍ بعيدة ؛ وقوة في التعبير تصف أرهف أشياء الحياة؛ بمن تأثر سانتياغو ليكون حساسا إلى هذا الحد؛ بالطبيعة أم بطفولته؟ ولمن يقرأ باستمرار؟. - إنني متأثر بطبيعتي وبطفولتي. لقد ولدت في منطقة محاصرة بحقول الأرز، بالهضاب، بالأنهار والبحار. كطفل، لطالما كنت مبهورًا بقصصنا الشعبيّة. لذلك أؤمن بأن بيئتي وطفولتي منحتني خيالا تضخّم أخيرًا بفضل الكتب التي قرأتها. بدأت بكتابة الشعر بالإنجليزية حين كنت منغمسًا بقراءة الأعمال الكلاسيكيّة خلال فترة دراستي. كنت مهتمًا بالشعراء الرومانسيين بالتحديد، كممنغز، خوسيه غارسيا فيلا، بابلو نيرودا، بايت هين، سعدي الشيرازي، حافظ الشيرازي، ماتسوو باشو. وأغلب هؤلاء الشعراء أثروا في كتابتي. * الشعر فسيفساء لحياة قد تكون طويلة لو صيغت في رواية؛ لكن هناك أشياء قالبها الأجمل هو النثر؛ هل جرب سانتياغو النثر مدفوعاً إثر تكدس حزن تكالب عليه؟. - نعم، كانت هنالك محاولة لكتابة رواية، ولكني لم أنتهِ منها بعد. وما زلت أحاول أيضًا أن أكتب بعض الخيال العلمي. ولكني في الفترة الحالية، لا أكتب النثر سوى حين أكتب مقالتي في الصحيفة المحلية عن الفنون والآداب المنشورة باللغة البانغاسينانية.