بين الفينة والأخرى يتجدد الحديث عن الصناديق السيادية، أو برامج الادخار الوطنية، ومزاياها الاقتصادية، كرافدٍ مهم، لإيرادات النفط، وأداة استراتيجية لتنمية المدخرات الوطنية، لتعزيز قدرة الدولة على استدامة الإنفاق على الاحتياجات والمتطلبات الضرورية لمواطني المملكة، خاصَّة في مجالات الأمن، والتعليم، والصحة، والبنية التحتية، والإسكان، والتوظيف، والتكنولوجيا... الخ! الاقتصادي والكاتب د. خالد السويلم اعتبر إنشاء الصندوق السيادي -المُمول من إيرادات النفط- لخدمة هدف تنويع الموارد المالية للدولة! مُحذراً في الوقت نفسه من التباطؤ في اتخاذ قرار إنشائه، خاصَّة مع توفر فوائض مالية كبيرة، في هذه المرحلة! إذ قد يكون من الصعب مستقبلاً تحقيق الكثير من الطموحات والمتطلبات الضرورية بالكفاية المطلوبة، جرّاء تذبذب أسعار النفط، والضغوط المتوقعة على الإنفاق الحكومي، والعجز في الميزانية الذي قد يصاحب ذلك! في تقديري أنَّ الاهتمام والعناية بمشاريع التنمية، واحتياجات المواطنين الاقتصادية والمعيشية، وزيادة فرص التشغيل والتوظيف والاستثمار، وضمان مستقبلٍ أفضل للاقتصاد الوطني.. كل هذه الأمور، تدعم بلا شك فكرة إنشاء عدة صناديق سيادية، وليس صندوقاً سيادياً واحداً فحسب! إذ من شأنها أن تساعد على تحسين نوعية الحياة للإنسان السعودي، على نحوٍ أفضل، بتوفير احتياجاته، ورعاية مصالحه، وتنمية قدراته، وتأمين مستقبله! ولكن، ينبغي التأكيد، هنا، أنَّ إنشاء مثل هذه الصناديق السيادية، ينبغي أن يتوفر لها بيئة اقتصادية واستثمارية إيجابية، تُطبق معايير الجودة والكفاءة والشفافية والمهنية! بأدواتٍ وإدارات فاعلة! إلى جانب تفعيل مهام أجهزة المحاسبة والرقابة المالية والإدارية، لمعالجة التجاوزات والأخطاء، وتضارب المصالح، وسوء استخدام الصلاحيات الخ! هنا، فقط، يمكن أن تتحقق أهداف إنشاء مثل هذه الصناديق السيادية في حفظ مواردنا المتاحة، وتنميتها! دون ذلك، لن تكون لمثل هذه الصناديق جدوى اقتصادية، بل قد تُسهم في تحميل خزينة الدولة المزيد من النفقات في غير محلها، ودون وجهتها المستهدفة. مسك الختام: اقترح د. خالد السويلم أن تقوم شركة أرامكو بمهام إدارة الصندوق السيادي، على الأقل في مرحلته الزمنية الأولى، لرصيدها المُتراكم الناجح في إدارة الاستثمارات المالية، في الداخل والخارج! ويبدو أنَّ هذا الترشيح يتماهى مع الاتجاه الغالب في هذه الأيام في اعتبارها اللاعب الاستثماري الرشيد، والرئيس، في منظومة الاستثمار الوطنية! ومن المؤسف بالفعل ألا يكون لدينا جهات استثمارية موازية، تعمل برشادة وعقلية واحترافية أرامكو! فالحصافة الاقتصادية تفرض علينا تعدد جهات وأدوات الاستثمار الوطني! فنحن لا نطالب بعملٍ شفاف بالكلية، فهذا غير ممكن عملياً، حتى في أرامكو! ولكن المطلوب إدارة استثمارية واعية، تُحقق عوائد اقتصادية ومالية مُجزية، لخدمة حاضر الوطن ومستقبله! شَذْرَةٌ: الطريق لا يصنع الأقدام! الأقدام والإقدام يصنعان الطريق! (محمد الرطيان).