قال صندوق النقد الدولي إن المشكلات المالية في أوروبا وبخاصة المخاوف المتعلقة بإيطاليا وأسبانيا تهدد الاقتصاد العالمي ككل. جاء ذلك في الوقت الذي قلص فيه صندوق النقد توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في العامين الحالي والقادم، بينما حذر من أن المخاطر "لا تزال تلوح بشكل كبير". بالنسبة للعام الجاري، خفض الصندوق وهو مؤسسة الإقراض الدولية وقت الأزمات ومقره واشنطن توقعاته العالمية التي صدرت في يناير بمقدار 1ر0 نقطة مئوية ليصل معدل النمو المتوقع إلى 5ر3%، للعام الحالي بينما خفض توقعاته لعام 2013 بمقدار 2ر0 نقطة مئوية إلى 9ر3%. وقال أوليفير بلانكارد كبير خبراء الاقتصاد في الصندوق إن "الخطر الرئيسي أصبح واضحا. فالدوائر الجهنمية التي باتت فيها إيطاليا أو أسبانيا أصبحت أقوى وتراجع الناتج بصورة أكبر وفقدت إحدى الدولتين القدرة على الاقتراض من الأسواق .. والتداعيات يمكن ان تعرقل بسهولة تعافي الاقتصاد العالمي ". ويتوقع الصندوق أن تظل أسبانيا في حالة ركود اقتصادي خلال العام المقبل مع انكماش ناتجها المحلي الاجمالي بنسبة 6ر0% خلال العام بعد تراجعه بنسبة 5ر1% خلال العام الحالي. كان الصندوق قد توقع في أبريل الماضي نمو الاقتصاد الأسباني خلال العام المقبل بنسبة 1ر0% من إجمالي الناتج المحلي. ووجد الصندوق أنه في ظل تعرض منطقة اليورو للركود والولايات المتحدة لتباطؤ النمو، تتباطأ اقتصادات صاعدة رئيسية منها الصين والهند والبرازيل بدرجة أكبر من المتوقع. قالت تقرير للصندوق إن "أكثر التحديات الحالية لا يزال يتمثل في أن التحرك السياسي المتأخر أو غير الكافي سيصعد بشكل أكبر من أزمة اليورو". وقال إن "من المرجح أن يظل الوضع في اقتصادات منطقة اليورو غير مستقر إلى حين اتخاذ كل السياسات المطلوبة لحل الأزمة". وأبقى التقرير الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو عند نسبة انكماش تبلغ 3ر0% هذا العام لكنه قلص النمو في العام القادم بمقدار 2ر0 نقطة مئوية إلى 7ر0%. من المتوقع أن تحقق ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في تكتل العملة الأوروبية زيادة بمقدار 4ر0 نقطة مئوية ليصل نموها إلى 1% هذا العام لكن توقعات الصندوق ستتراجع فقط بمقدار 1ر0 نقطة مئوية ليبلغ نمو الاقتصاد الألماني في العام القادم 4ر1%.قال الصندوق إن الاتفاقات التي توصل لها قادة منطقة اليورو الشهر الماضي وتشمل خطوات نحو إنشاء رقابة مصرفية موحدة "هي خطوات في الاتجاه الصحيح... لكن لا يزال هناك حاجة للمزيد من الخطوات". ولا تزال هناك حاجة إلى وجود تأمين على الودائع على مستوى أوروبا وعملية موحدة لتفكيك البنوك الفاشلة إضافة إلى "التنفيذ في التوقيت المناسب" لصندوق الإنقاذ الدائم لمنطقة اليورو الذي لا يزال يتعين التصديق عليه من جانب بعض الدول.كما دعا الصندوق إلى وضع خطط لتحرك حكومات منطقة اليورو صوب الاندماج في مجال الميزانية. كما جددت مؤسسة الإقراض الدولية دعوتها المستمرة منذ مدة طويلة للحكومات في أنحاء أوروبا بجعل اقتصاداتها أكثر قدرة على المنافسة. كانت دعت في الماضي إلى انتهاج إجراءات مثل الخصخصة وتحرير سوق العمل وتقليل العقبات أمام إنشاء الأعمال. أضاف صندوق النقد أن البنك المركزي الأوروبي الذي خفف بالفعل السياسة النقدية في الأسابيع القليلة الماضية "لديه من المجال .. لتحقيق تخفيف أكبر". وبلغت توقعات 2012 - 2013 للتضخم على مستوى العالم ما بين 3 إلى 5ر3% في تراجع من حوالي 5ر4% في أواخر عام 2011. قال الصندوق إن الربع الأول من العام الجاري كان أقوى بشكل طفيف من المتوقع مع ارتفاع الناتج الصناعي والتجارة العالمية لتستفيد من ذلك الاقتصادات الموجهة للتصدير وبخاصة ألمانيا واليابان. لكن الربع الثاني كان أسوأ من المتوقع مع "تعرقل" عملية خلق فرص عمل في الاقتصادات المتقدمة. أشار الصندوق إلى أن "المنحدر المالي" الأمريكي حيث سيخفض قانون حالي عجز الميزانية الاتحادية بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 عبر خفض حاد للإنفاق وزيادة كبيرة للضرائب سيتسبب في إيقاف النمو الأمريكي مع "انتشار ذلك بشكل كبير إلى بقية العالم". واستند التقرير على اقتراض أن الكونجرس سيتحرك نحو خفض "القيود المالية المبالغ فيها"، بينما دعا صندوق النقد إلى خطط متوسطة الأجل أكثر اعتمادية لإعادة العجزين الأمريكي والياباني تحت نطاق السيطرة. وتم خفض نمو الاقتصاد الأمريكي بمقدار 1ر0 نقطة مئوية إلى 2% هذا العام و3ر2% في العام القادم. وارتفع نمو الاقتصاد الياباني بمقدار 4ر0 نقطة مئوية إلى 4ر2% في عام 2012 لكن يتراجع بمقدار 2ر0 نقطة إلى 5ر1% العام القادم. في حين سيرتفع النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمقدار 3ر1 نقطة ليصل إلى 5ر5% هذا العام بينما أبقى صندوق النقد توقعاته لنمو المنطقة العام القادم عند 7ر3%.