من المؤكد أن المملكة تخوض حرباً ضروساً ضد مجموعة من الآفات والعلل المتكالبة والمتكاملة والمتمثلة في الإرهاب والتطرف ومدخلاتهما ومخرجاتهما، فهما يهدفان على المدى المتوسط والبعيد وربما القريب لو أمكن الى تقويض أركان الأمن والاستقرار والرخاء والبناء والإعمار والانفتاح والحوار كما أنهما يسعيان الى النيل من أركان هذا الكيان الشامخ وتفكيك وحدته وإعادة عقارب الساعة الى الوراء أي الى مربع رقم (1) الذي كان فيه الآباء والاجداد يتعايشون مع الفقر والمرض والجهل والفرقة وعدم الاستقرار وشظف العيش، ناهيك عن غياب كل وسائل العيش الكريم بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى حتى إن كثيراً منهم هاجر الى البلاد الأخرى طلباً للعيش كما اشتغل بعضهم كأجير عند الآخرين طلباً لكفاف العيش، ذلك أن مجتمع الجزير العربية في ذلك الوقت كان يعيش في عزلة تامة عن العالم الذي كان يبني إن هيبة أية دولة تتمثل في قدرتها على الحشد الذاتي مصداقاً لقوله تعالى «وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة». أما التحالفات فهي ضرورية لكنها تأتي في المقام الثاني لأن الأولى مضمونة والثانية تتغير ولاءاتها حسب متغيرات مصلحة الحليف خصوصاً إذا كان يعرف حاجة المتحالف معه إليه ويتطور بينما هو يعيش حياة الخوف وعدم الأمن والغزو وقطع الطرق والنهب والسلب والفرقة وتعدد الولاءات ناهيك عن غياب مقومات الدول للكل أو الجزء حتى قيض الله لهذه الأمة أمر رشد تمثل في قيام الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه -بقيادة شعبه نحو الوحدة والقوة والمنعة في معركة طويلة استمرت نيفاً وثلاثين عاماً (1319-1351) تكللت ببزوغ فجر أمة موحدة تحت اسم المملكة العربية السعودية التي نحتفل هذه الأيام بالذكرى ال(84) لولادتها والتى خاضت معركة بناء الدولة الحديثة عبر تلك السنين بقيادة الملك الموحد لله الموحد للوطن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه - ومن بعده الملوك الغر الميامين سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله- واليوم يرفع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله علم التطوير والإصلاح والبناء والتشييد والحوار والانفتاح، ويحارب آفة العصر المتمثلة بالإرهاب والتطرف ومشتقاتهما بكل حزم واقتدار جنباً الى جنب مع التحديث والتطوير والإصلاح ومحاربة الفساد وشد أزر الوحدة الوطنية، ويسانده في ذلك عضداه سمو ولي العهد وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله. نعم المملكة تحارب على أكثر من جبهة وتبني على جبهات عديدة ولعل أبرز الجبهات التي تخوض معها حرباً ضروساً آلت الدولة على نفسها أن تستأصلها من جذورها تتمثل في الحرب على الإرهاب والتطرف أياً كان مصدره ومنبعه آخذة بعين الاعتبار أن الإرهاب لبس لباس الدين لغاية في نفس(الإرهابيين) واستغله تدليساً وحشداً وادعاء جهاد وانخرط فيه عدد كبير من الانتهازيين الذين يبحثون عن دور يغطي على فشلهم في الحياة كما انخرط في خضم ذلك عدد من المحرضين الذين لايدركون الانعكاسات السلبية لتحريضهم على أمة الإسلام والمسلمين خصوصاً أن هناك من يستفيد من أقوال أولئك ويكبرها ويجعل منها قنبلة موقوتة تفجر إعلامياً واستخباراتياً وتمهد لكل عمل مضاد لأمة الإسلام والمسلمين. إن الإرهاب اليوم ينشر ويعمم وتنشر معه الفرقة والخصومة بكل الوسائل والطرق وذلك حتى تقتتل الأمة وتنشق على نفسها من أجل أن تقضي على نفسها ومستقبلها بنفسها والأعداء يتفرجون ويدعمون جميع الأطراف المتخاصمة حتى إذا استقوى أحدها تم تحجيمه ضمانا لاستمرار الاقتتال والتدمير وخير شاهد على ذلك ما يحدث في ليبيا واليمن والعراق وسورية وغيرها. أما الحرب على المخدرات بجميع أنواعها وطرق ترويجها وإيصالها وتهريبها فإنها أصبحت اليوم حرباً ضروساً ذلك أن المخدرات أصبحت أحد أهم أسلحة تدمير الشعوب والدول من الداخل، فهي كالسرطان الذي ينهش الجسم بصورة صامتة حتى إذا تفاقم وتعذر علاجه بانت مؤشراته الحيوية المهلكة. فتهريب المخدرات وترويجها يقف خلفهما منظمات ودول وأجهزة مخابرات وجماعات وأفراد تجمعهم أجندة واحدة هي الإجرام وجمع المال لأغراض متعددة يأتي في مقدمتها تدمير الشباب والشابات عماد الأوطان في السلم والحرب، ولعل أكثر الفئات المستهدفة العاملون في القطاعات الأمنية والعسكرية. إن ما يتم الإعلان عن إحباط تهريبه وترويجه قد يكون أحياناً أشبه بغيض من فيض. فاذا كان مايتم الكشف عنه مهولاً فإن الخافي أعظم وذلك بالنظر إلى مساحة المملكة الشاسعة وحدودها الطويلة جداً ووجود دول غير مستقرة على حدودها ولذلك فإن كثرة المكتشف يدل بكل تأكيد على أن غير المكتشف أكبر، وهذا يدل على أن الإرهاب وجد ضالته في المخدرات، فهي تجلب المال لتمويل حراكه وتفسد الشباب وتسهل اقتناصه.إن الحرب على المخدرات تجفف مصادر تمويل الإرهاب وتحمي الشباب وتوفر مصاريف علاج المدمنين التي تقدر بمئات الملايين وتحمي أركان الأمة وزهرة شبابها. أما الحرب على التحريض والشائعات فهما لايقلان أهمية عما سواهما ذلك أن آفة أي أمة تتمثل في الجهل لأنه مفتاح الانقياد لكل ناعق وكل شائعة على الرغم من وجود حقائق على أرض الواقع تدحض ذلك، ولعل أسهل الطرق لتجريد المحرضين من أسلحتهم تتمثل في تجفيف الوسائل التي يستخدمونها في التحريض والمتمثل بعض منها في البطالة ومشكلة الإسكان وغيرها مما لاتخلو دولة من الدول منها وكانت بنسب متفاوتة، هذا بالإضافة إلى الشفافية والعمل على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمحاربة التحريض والشائعات. وبما أن الشيء بالشيء يذكر فلابد من شن حرب شعواء ضد غسيل الأموال التي تعتبر نتاجاً طبيعياً لتهريب المخدرات وترويجها، فغسيل الأموال وتزييف العملة وتهريب السلاح والمخدرات عمليات متشابكة ومتكاملة. نعم إن الدور الإيراني والإسرائيلي والمنظمات الدارجة في فلكيهما ومخابراتهما من أكبر المتعاملين في تلك المجالات فهذه الأعمال مصادر تمويل من لا تمويل له. فما يحدث في اليمن والعراق وسورية ومصر ولبنان وليبيا ليس ببعيد عنا بل هو يحيط بنا إحاطة السوار بالمعصم وهذا وغيره تتطلب اتخاذ إجرات استثنائية تتمثل في:زيادة القدرات العسكرية بجميع فروعها واختصاصاتها عدداً وعدة أضعافاً مضاعفة وذلك لتعدد الجبهات الملتهبة على الحدود، ففي الجنوب اليمن وفي الشمال العراق وسورية وفي الشرق التهديد الإيراني وتدخلاته في الشؤون الداخلية لدول الخليج وفي مقدمتها المملكة وارتباطه بما يحدث في العراق واليمن وسورية ولبنان وغيرها من الدول. نعم هيبة أية دولة تتمثل في قدرتها على الحشد الذاتي مصداقاً لقوله تعالى "وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة". أما التحالفات فهي ضرورية لكنها تأتي في المقام الثاني لأن الأولى مضمونة والثانية تتغير ولاءاتها حسب متغيرات مصلحة الحليف خصوصاً إذا كان يعرف حاجة المتحالف معه إليه. دام عزك ياوطن ودامت مملكتنا قوية عصية على الأعداء حانية رؤوفة وراعية للأهل والأصدقاء.. والله المستعان.