موسم الحج نفحات خير وبركة يعود كل عام بفضائله المتعددة وظلاله الوارفة، قال تعالى: ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) انه موسم الطاعات فمن فضل الله تعالى أن جعله لعباده يستكثرون فيه العمل الصالح الذي تتضاعف فيه الدرجات وتكفّر فيه السيئات ومن تلك الأيام المباركة يوم عرفة، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيّام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد». (رواه الطبراني في المعجم الكبير). إن قلوب المسلمين من أرجاء العالم تهفوا إلى بيت الله العتيق حيث أداء شعيرة الحج العظيمة وطلب الأجر والمثوبة، ويبقى الحج الرحلة الأهم والأسمى في حياة الإنسان المسلم، فالمملكة العربية السعودية تقوم بجهود جبّارة وتستنفر كامل طاقاتها وتتسابق مختلف الجهات على تقديم أفضل الخدمات لخدمة ضيوف الرحمن ففي موسم الحج تتضافر الجهود في مكان واحد، وفي فترة زمنية محددة بمشاركة مختلف القطاعات الحكومية وأبرزها وزارة الداخلية التي تحمل الجانب الأكبر من أعباء رعاية وخدمة حجاج بيت الله الحرام منذ استقبالهم وإجراء معاملات دخولهم إلى منافذ المملكة الجوية والبحرية والبرية والإشراف على تحركهم نحو الأراضي المقدسة، والسهر على راحتهم وأمنهم وتنظيم حركة المرور، والحفاظ على سلامة الحجاج وممتلكاتهم حتى مغادرتهم البلاد بعد أدائهم لمناسك الحج، ولوزارة الصحة وهيئة الهلال الأحمر السعودي نشاطات متواصلة خلال موسم الحج حيث الإشراف الشامل على الحالة الصحية للحجيج وتقديم مختلف أنواع الرعاية الصحية لهم ونقلهم السريع إلى المراكز الصحية والمستشفيات ومراقبة الأمراض المعدية والسارية ومكافحتها على الفور، ضمانا للحفاظ على الصحة العامة، ووزارة الثقافة والإعلام التي تقوم بدورها بالنقل الحي لكافة وسائل الإعلام العالمية بالإضافة لجهود الوزارات الأخرى: الشؤون البلدية والقروية، المياه والكهرباء، النقل والاتصالات، وغيرها.... إنها جهود عظيمة تبذلها المملكة لتيسير الحج ومتطلباته في مختلف المجالات، وقيامها على التطوير المستمر للخطط والمشاريع في الحرمين الشريفين والمشاعر. وتقوم المملكة أيضاً بمشروعات وبرامج وخدمات مساندة متعددة لخدمة ضيوف الرحمن منها: - إنشاؤها لمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى الذي يقدم البرامج البحثية والاستشارية والتنفيذية والتدريبية لتطوير منظومة شاملة للحج والعمرة والزيارة والارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن والحفاظ على البيئة الطبيعية بالأماكن المقدسة وتوفير أقصى درجات الراحة لجميع الحجاج والمعتمرين والزوار. - تركيب شاشات بساحات الحرم ومرافق دورات المياه وداخل الحرم في أقسام الرجال والنساء وعلى البوابات وقسم المصاحف وأكاديمية المسجد النبوي، بالإضافة القيام بتركيب شاشتين فوق باب السلام وباب البقيع فالشاشات حسب خصائصها تناسب الرؤية البعيدة وهي وسيلة مؤثرة وجاذبة لتلقي المعلومات بشكل أسرع والاستفادة منها وتهدف إلى توفير المعلومات التوعوية والإرشادية متعددة اللغات لضيوف الرحمن. - توزيع ملايين العبوات للمياه الباردة من مبرة خادم الحرمين الشريفين على حجاج بيت الله الحرام بواسطة أسطول من البرادات الناقلة لعبوات المياه بطرق حضارية ومنظمة تمكن الحاج من الحصول على المياه الباردة بكل يسر وسهولة بطريقة تتسم بالانسيابية والسرعة ويتواصل توزيع المياه الباردة حتى نهاية موسم الحج بنهاية شهر ذي الحجة - إقامة أنظمة تبريد للجو تتمثل في أنابيب ينبعث منها رذاذ ماء بارد فوق الحجاج للتخفيف من وطأة الحر. إن من أهم آثار الحج العظيمة غفران الذنوب وقبول الدعاء والفوز بالجنة. عن الصدّيقة بنت الصدّيق السيدة عائشة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ " أخرجه مسلم. حجا مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً لحجاج بيت الله الحرام.