أمن المعلومات أصبح جزءاً من الأمن العام الوطني، والمحرضون بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي أو فقهاء الإرهاب لا يقلون خطورة عن استعمال العنف، فالكلمة الصادرة من فقيه تعمل مثل فعل الانتحار، لأن المغرر بهم يعتبرونه رسولهم والمؤتمن على عقيدتهم وسلوكهم، وقد بدأ هذا الحماس مع أفغانستان في حربها ضد السوفييت والذي بورك وأُيّد ودُعم من غالبية المسلمين بدعوى غزو الكفار لبلد مسلم، لكن هذا المسوغ استغل من قبل المؤدلجين الإسلاميين، والذين رفعوا شعار الجهاد حتى داخل بلدانهم كامتداد لجماعات التكفير والهجرة، ثم بروز أعضاء مدرسة أفغانستان وانتشارهم وحملهم نفس الأفكار بإزالة ما يسمونه بالباطل أو الكفر، بالقوة بما فيها الانتحار بمفهوم الجهاد.. لدينا، وبشكل علني، دعاة يعلنون مواقفهم ودعمهم للإرهاب بالوسائط التقنية المتاحة أو بمدوناتهم ومواقعهم والفضائيات التي توظفهم أو رسائلهم الشخصية وبين بعض العائدين، حديثاً، والناجين من داعش، انهم وقعوا ضحية المعلومات التي يبثها هؤلاء الدعاة، وبينوا الصورة الحقيقية لممارسات الداعشيين اللاأخلاقية بما فيها تعاطي المخدرات والزنى، والقتل المتعمد للمسلم المسالم، ونحن هنا أمام تيار محرض شهدنا انكشاف البعض بعد إزالة حكم الإخوان في مصر، ثم التواصل كتعويض عن تلك الخسارة مع الداعشيين ولا نجد إحالة هؤلاء للقضاء وفقاً لتشريعات أمن المعلومات ومخاطرها وإصدار الأحكام بحقهم.. مع أحداث اليمن الأخيرة واحتلال الحوثيين صنعاء، برز بالصورة والاسم الصحيح دعاة النفير للالتحاق بالعناصر المناوئة للحوثيين، وتصور هؤلاء أن شبابنا جنود مرتزقة، كالذين جرى توظيفهم من قبل عدة قوى في محاربة خصومهم بالنيابة، وأمام هذا الخارج عن السلطة والشرع ومحاولة التورط بفعل لسنا طرفاً فيه ما يؤكد أن فقهاء الإرهاب لن يكونوا جزءاً من أمن الوطن، بل خطر عليه، وهذا ما التقى عليه الساسة، وعلماء الدين والمواطنون الذين يدينون أي فعل يتضرر منه المواطن والوطن.. إعلان التعبئة لليمن، لا ينفصل عن الدعوات التي انخرط بها شبابنا في العمليات الإرهابية بسورية والعراق وأفغانستان، والغريب أن بلداناً مثل الصومال ونيجيريا، وليبيا وهم امتداد للقاعدة وداعش، لا نجد من يدعو للذهاب إليها كمجاهدين وتبقى الأسباب غامضة، وأهمها البعد الجغرافي، وربما عدم التواصل مع قيادة تلك التنظيمات أو الرغبة في التركيز على البلدان المجاورة، باعتبارها الخيط الرابط بين دواعش المملكة ومحيطهم العربي القريب وزعزعة أمنه كرغبة ثابتة في أيدلوجياتهم.. حق حماية أمن المواطن والأسرة والمجتمع جزء من مسؤوليات الدولة الرئيسية وعملية أن يصبح المحرض طليقاً لا يحاسب على فعل مناقض ومحارب للشرع وما يفرضه من حقوق وواجبات، ومن يدعوهم إلى الذهاب لقلب المعارك، يجهل أن كل واحد منهم قاعدة كاملة لما هو أهم من التضحية بالنفس، فهو قائد كتيبة يعلن فتوى الإرهاب، ويجنّد ويمول، وهو بالنسبة لقيادات الإرهاب أهم من أي عنصر يصل إليهم طالما هو بهذه الفاعلية.. عموماً نحن أمام الإرهاب المتستر ودعاته ومحرضيه، والشرع يستطيع أن يقول كلمته في عمليات إدخالنا في حروب تهدد أمننا ووطننا، وبشكل يجعل الحق فوق كل الاعتبارات.