رغم الإجراءات الصارمة لمنع التحريض باسم الدين، من المؤسف أن نجد خطيبا وداعية يصر على بث أفكاره تلميحا ومداراة خشية العقوبة، بعد أن كان التحريض تصريحا وتجييشا في الفترات الماضية منذ تفجر فتن ما يسمى الربيع العربي، واصطفاف ما يسمى (التيار الإسلامي) في المجتمعات، وهو مصطلح يروق لهم وكأن الإسلام حصرا عليهم دون غيرهم من المسلمين والعلماء الأجلاء، فهؤلاء أوغلوا في ترويج أكاذيبهم وضلالاتهم، بأنهم حماة الدين في مواجهة الباطل، وتلك هي مداخيل الشر في كل عصر، و«الفتنة أشد من القتل» كما قال الحق تبارك وتعالى. لقد تفجرت الشرور بفتنة ما يسمى الربيع العربي، وتكالب أعداء الأمة والأوطان من كل اتجاه، واحتشد الإرهابيون وذوو الفكر الضال والمحرضون في استقطاب حاد وأشعلوا أوطانهم، ويقسمون الأمة بل الشعب الواحد إلى فسطاطين على طريقة مجرمي القاعدة وداعش والنصرة وغيرها من مشتقات إرهابية تحمل «للأسف» مسميات إسلامية يمارسون تحتها العنف والإرهاب باسم الجهاد والدفاع عن الدين والإسلام منهم براء. الفكر الضال بقفازاته الناعمة الماكرة يدغدغ العاطفة الدينية لدى العامة، ويستغلونها كذبا وبهتانا للتغرير ببعض الشباب والوعد بالفردوس وحور العين، لذلك فالمعركة خطيرة مع التضليل والتحريض. وكما للإرهاب الخفي خلايا نائمة قابضة على حقدها الفاجر، دائما هناك على امتداد عالمنا الإسلامي، خلايا مستترة من المحرضين على بعض المنابر وفي التعليم، سيئة الفهم عمياء البصيرة، لا فكر لها سوى الضلال والتضليل. إن وطننا ولله الحمد بخير ونعيش في أمنه الوارف ويتصدر العالم في محاربة الإرهاب، لكنه أيضا مستهدف من المخطط الجهنمي، لذا لابد من التناول المكثف والمستمر وبصوت عال، دعويا وإعلاميا وتربويا لهذا الخطر المدلهم، وننظر بالتدبر لما يحاك ضدنا وما يحدث حولنا. فالمحرضون دعاة التجييش للفتنة هم مصدر خطر كامن يستوجب التصدي لهم بحزم، وعلى المغيبين تدير قول الحق سبحانه في أكثر من موضع بالقرآن الكريم (أفلا يعقلون، أفلا يتدبرون...). أخيرا نقدر بسالات أجهزة الأمن اليقظة ليل نهار وإجراءات وزارتي التربية والشؤون الإسلامية، لكن العقوبات وحدها قد تحد من صوت الفتنة والتحريض إلى حين، بينما تظل الفتنة نائمة وناعمة، لذا لا بد من إعلاء خطاب العقل وصحيح الدين، أما شبكات التواصل الاجتماعي فساءت مستقرا وخرابا.