يقول الله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) – آية 27 - سورة الحج. روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: "لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قيل له: أذِّن في الناس بالحج، قال: رب وما يبلغ صوتي؟ قال: أذِّن وعليَّ البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه مَن بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون" (أخرجه الحاكم في المستدرك (3464)، ومن طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وفيه: "فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال، وأرحام النساء، وأول من أجابه أهل اليمن، فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ" (فتح الباري لابن حجر (3/478). ومنذ ذلك الوقت والزمان لم تزل جموع الحجيج تتلاحق جيلاً بعد جيل؛ قاصدين هذا البيت العتيق؛ يدخلون حرم الله باكين خاشعين، ذليلين متوجهين إلى الله بقلوبهم وأبدانهم، يترقبون في تلك المشاعر العظيمة من الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة ومنى، ورمي الجمار، وذبح الهدي على اسم الله، والحلق أو التقصير، وغيرها من أعمال الحج إلى أن يُودّعوا البيت، كل ذلك بقلوبٍ خاشعة، وأعينٍ دامعة، وألسنة مكبرة مهللة، ملبية داعية. إلا أنه يتعرَّض بعضُ الحجَّاج في أثناء تأديتهم للمناسك للإصابة ببعض الأمراض، التي يتميَّز بها موسمُ الحج وتكثر فيه. وهي ليست أمراضاً نادرة، بل هي أمراض معروفة، ولكن نسبة التعرُّض لها تزداد في هذا الموسم المبارك. النظافة الكاملة مطلب ديني وصحي في كل وقت وزمان ولكنها شيء صعب نوعًا ما مع العلم أن عدم توفرها والاهتمام بها ينتج عنه مشاكل صحية وبيئية خطيرة، قد لا يوجد لها حلولاً أحيانًا. تبرز أهمية الاهتمام بالنظافة العامة والشخصية في حالة التجمعات والازدحام كما يكون عادة في هذا الموسم المبارك من تجمع أعداد هائلة من حجاج بيت الله الحرام، حيث يكون الازدحام مع عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية ونظافة المكان سببًا لانتشار الكثير من الأمراض بين الحجاج. لقد علمنا الإسلام النظافة الشخصية حيث جعل الوضوء شرطًا لصحة الصلاة، وجعل الغسل فرضًا في بعض الأحوال ومستحبًا في أحوال أخرى وحثنا كذلك على نظافة الثياب، وقد جمع كل هذا في قوله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) فكثير من الأمراض كالإسهال والدوسنتاريا والتهاب الكبد الفيروسي وأمراض الجهاز التنفسي ناتجة عن عدم توافر النظافة. كثير من الأمراض كالإسهال وأمراض الجهاز التنفسي ناتجة عن عدم توافر النظافة فالنَّزلةُ المعوية مرضٌ مُعدٍ، يصيب الجهازَ الهضمي، يحدث نتيجة تناول الأطعمة الملوثة عن طريق الفم، وعدم نظافة الأطعمة، وأعراضُه في العادة قيء أو إسهال، أو قيء وإسهال معًا مصحوبة بالألم في البطن. وتسبِّبها جراثيم أو فيروسات أو فطريات تنتقل عبرَ الطعام أو الشراب الملوَّثين، وأشهرُ أنواعها النَّزلاتُ المعوية الفيروسية، ونزلة الإيكولاي (الإشريجية القولونية)، ونزلة السَّلمونيلَّة، ونزلة الأميبَة (الزُّحار) وغيرها. ولوقايتك أخي الحاج من الإصابة بالإمراض يجب عليك المحافظة على: حافظ على نظافتك الشخصية عن طريق التالي: غسل اليدين بالماء والصابون خاصة قبل الأكل وبعده كذلك بعد استعمال المرحاض وعند لمس شخص مريض. الاستحمام اليومي بالماء الدافئ والصابون غير معطر في حالة الإحرام لإزالة الأوساخ وفتح مسام الجسم وتنشيط الدورة الدموية. غسل الشعر بالماء والشامبو لإزالة الغبار والأوساخ العالقة. تنظيف الأسنان بالفرشاة والمعجون بعد الوجبات وقبل النوم ولا تستخدم فرشاة الأسنان الخاصة بغيرك. الحرص على استخدام الفوط والمناشف النظيفة وغسلها. تجنب المشي حافيًا. تجنب استخدام حاجيات الغير كالأمشاط والملابس والفوط. لا تقتصر نظافة الشخص على تنظيف جسده وملابسه بل ويجب عليه المحافظة على نظافة المسكن الذي يعيش فيه، والبيئة المحيطة به، وذلك بالتالي: تنظيف الفراش يوميًا. الحرص على تجنب الأكل في الفراش. الحرص على تنظيف الأدوات التي تستخدمها أخي الحاج داخل السكن. عدم إلقاء القمامة في أرضية السكن أو في الشوارع في غير الأماكن المخصصة لها، بل يتم تجميعها في الأكياس الخاصة بها، ووضعها بعد ذلك في الصناديق المخصصة لها، وذلك لتجنب وجود وتكاثر الحشرات الضارة حولها وإيذائها للحجاج ونقل الأمراض إليهم. اعلم أخي الحاج أن الطعام هو غذاء جسدك، وسبب بقائك، وقوة لجسمك، وسبب نموك فلا تجعله سبب هلاكك وضعفك، فاحرص على مراعاة وسائل النظافة في الطعام والشراب: حاول أن تنتقي طعامًا نظيفًا معدًا إعدادًا جيدًا، من مصدر تثق بنظافته وأمانته. تأكد من تاريخ صلاحية الاطعمة المعلبة. اغسل يديك جيداً قبل إعداد الطعام. اغسل الفاكهة والخضراوات جيدًا قبل أكلها. احرص على تغطية آنية الطعام والفاكهة، ولا تعرضها للغبار والحشرات، حتى لا تصاب بالتسمم الغذائي والأمراض المعدية. احرص على شراء الأغذية المغلفة وتذكر أهمية عدم تناول الأطعمة المكشوفة بصفة عامة، خاصة المباعة في البوفيهات. ابتعد عن شراء الأطعمة من الباعة المتجولين لتجنب مخاطر الإصابة بالتسمم الغذائي واحرص على التخلص من باقي الأطعمة وعدم تخزينها. تجنب تناول اللحوم والدواجن والسمك والبيض غير التام النضج وكذلك غير المعروف المصدر. يفضل شرب الحليب واللبن المبستر وكذلك المياه المعدنية المعبأة واختيار العصائر المغلقة. استخدم الأوعية والصحون النظيفة. احفظ الأغذية في الثلاجة مغطاة. احرص على تخزين الأغذية الجافة كالحبوب والبقوليات بعلب مغطاة وحفظها في مكان جاف. استخدام المياه النظيفة للشرب ولطهو الطعام وفي حالة عدم التأكد من نظافة المياه يجب غليها قبل الاستعمال. طهو الطعام جيدًا لقتل الجراثيم. تجنب رش المبيدات الحشرية أثناء إعداد الطعام أو تناوله. وإذا ما أصبت بالنزلة معوية لا سمح الله فإن أهمّ نقطة في علاج الإسهال هي تَعويض الجسم عمَّا يفقده من سوائل؛ ولهذا فعلى المصاب بالإسهال الإكثار من شرب الماء والعصائر، واستخدام محلول معالجة الجفاف بإذابته في ماء معقم وشربه، وفى حالة استمرار الإسهال وشدته يمكن تناول كبسولتين من عقار "الإيموديوم" وهو كفيل بمنع الإسهال في الحال، إضافة إلى ذلك يجب غسل اليدين بالماء والصابون بعد استعمال الحمام لمنع انتقال العدوى. ويمكن للشخص تحضير محلول التجفاف بنفسه كما يلي: وضع ملعقتين كبيرتين من السكَّر والعَسَل في لتر من الماء المغلي، مع رُبع ملعقة صغيرة من الملح، ورُبع ملعقة من كربونات الصودا. وفي حال عدم توفُّر الصودا، يمكن إضافةُ ربع ملعقة أخرى من الملح. أما في حال ازدياد شدَّة الإسهال وعدم الاستجابة لهذه الإجراءات البسيطة واستمر الإسهال لأكثر من 24 ساعة أو عند حدوث إسهال مصاحب بمخاط أو دم عند حدوث حمى، فعليك مراجعة المركز الصحي فوراً، حيث سيُعطى المصاب بالجفاف محاليل مغذِّية عن طريق الوريد، كما يُعطى أيضاً محلول الجفاف وأدوية أخرى حسب حالة المصاب. هناك ما يسمى بالحقيبة الطبية التي أنصح الحاج باقتنائها والاحتفاظ بها والتي قد يحتاجها الحاج أثناء حجه وتحتوي على مجموعة من الأدوية العامة مثل: خافض الحرارة مثل البراسيتامول مضاد السعال وطارد البلغم كريمات وفازلين وبودرة كريمات ومراهم لإصابات العضلات كريمات للجروح الأملاح التعويضية بالفم مثل أملاح الصوديوم والبوتاسيوم والتي قد يحتاجها الحاج لضربات الشمس والإرهاق الحراري أو نوبات الإسهال الشديدة أخي الحاج اعلم انَّ المقصودَ من هذا المقال هو التوعية ببعض ما قد يلم بك أثناء أدائك لمناسك الحج تقبل الله منك، فلا ينبغي أن يستولي عليك الخوفُ المفرط من هذه الأمراض بحيث إن قد يمنعك ذلك من أداء المناسك على الوجه الأكمل؛ بل الواجب هو التوكُّل على الله مع الأخذ بالأسباب. غسل اليدين بالماء والصابون خاصة قبل الأكل وبعده