لا يخفى على أحد أن تجمع الدهون في منطقة البطن أو ما يعرف بالسمنة المركزية من أهم مسببات الأمراض المزمنة عامة ومثال ذلك مرض السكري وأمراض القلب وكذلك الأمراض النفسية ونحوها. وأود في هذه المقالة التطرق إلى تعريف سمنة البطن وحدودها ومقاييسها بالنسبة للرجل والمرأة وماهية الأمراض المرتبطة بها وكيفية تفادى الأمر ومضاعفاته. * ما الحدود الطبيعية لسمنة البطن المسببة للأمراض المزمنة: - سمنة البطن أو سمنة الكرش كما يسميها البعض هي عبارة عن تجمع للدهون في منطقة البطن وبين الأعضاء الداخلية. والحد الطبيعي الأعلى لمحيط البطن لدى الرجل والذي إن زاد عن حدوده يعتبرا خطرا هو 102 سم أما بالنسبة للمرأة، فإن الحد الطبيعي الأعلى والذي إن زاد عن ذلك يعتبر خطرا هو 88 سم. هذه الحدود والمقاييس قد تختلف من بيئة إلى بيئة أخرى ومن مجتمع إلى مجتمع آخر. فعلى سبيل المثال، رأت بعض الجهات الصحية في الهند مثلا أن محيطا قدره 102 سم مبالغ فيه لدى الهنود وأن محيط البطن الطبيعي الأعلى لديهم يجب ألا يزيد على 90 سم لدى الرجل وليس 102 سم كما هو في الغرب. وقد ينطبق الأمر علينا نحن أيضا في المملكة العربية السعودية، حيث أن أحجام أجسامنا ليست بالكبيرة كما هو الحال في الغرب ولذا يجب علينا الحرص حتى وإن تتجاوز محيط أوساطنا المئة سنتمترا. وهناك طرق أخرى أيضا يمكننا الاعتماد عليها في تحديد مدى خطر السمنة المركزية كما يسميها البعض والتي ارتبط اسمها بالأمراض المزمنة وهو نسبة محيط منطقة الخصر إلى نسبة محيط منطقة الورك أو الردفين. فكما هو معلوم أن محيط منطقة الورك هو أقل من محيط منطقة الخصر عادة لدى الإنسان الطبيعي ولكن إن فاق محيط منطقة الخصر محيط منطقة الورك أو الأرداف فإن ذلك يدل على السمنة المركزية. وهذا لايلغي حسابنا وتقديرنا لوزن الجسم عامة أو ما يعرف بمعدل كتلة الجسم المعتمدة على وزن الجسم وطول القامة. فجميع هذه المقاييس تؤخذ في الاعتبار. * ما نسبة انتشار ظاهرة السمنة المركزية - تظهر الدراسات العلمية أن الرجل أكثر عرضة لما يعرف بالسمنة المركزية من المرأة بنسبة تفوق الضعفين وقد يكون هذا هو سبب زيادة نسبة حدوث أمراض القلب لدى الرجل مقارنة بالمرأة. ولعل العامل الهرموني يلعب دورا في هذا الأمر، فهرمون الاستروجين وهو الهرمون الأنثوي المعروف يعمل على تجمع الدهون في منطقة الأرداف والفخذين ويقلل من نسبة تراكمه في منطقة البطن. ولذا إن تقدم العمر لدى المرأة وانقطاع الطمث جراء قلة نسبة هرمون الاستروجين، فإن الدهون تتجمع في منطقة البطن أكثر من تجمعها في منطقة الأرداف وأصبحت المرأة عرضة للسمنة المركزية ومضاعفاتها على القلب وغيره. وكذلك الأمر بالنسبة للرجل، فإن هرمون التستستيرون وهو الهرمون الذكري يعمل على زيادة قوة عضلات الفخذين ويمنع تجمع الدهون فيهما وفي مناطق الجسم معظمها. ولكن إذا انخفض هذا الهرمون بفعل تقدم العمر فإن ذلك يساعد على تجمع الدهون في منطقة البطن. كما أن الدهون نفسها تعمل على تحويل الهرمونات الذكرية إلى إنثوية مما يساعد على تجمع الدهون لدى الرجل في منطقة الأرداف وكذلك في منطقة الصدر. * ما علاقة السمنة المركزية بالأمراض المختلفة - ترتبط سمنة البطن بمرض السكري النوع الثاني خاصة. فهناك العديد من الدراسات التي تثبت هذا الأمر. فكلما زادت الدهون المتراكمة حول البطن كلما زادت مقاومة الجسم للإنسولين وهي الخطوة نحو الإصابة بمرض السكري النوع الثاني. والسبب غير واضح بهذا الصدد ولكن يعتقد أن الخلايا الدهنية تفرز هرمونا أو عاملا معينا يسمى إديبوكاين أو ريسيستين يعمل على عدم الاستفادة من سكر الدم وبالتالي يرفع تدريجيا من مستوى سكر الدم. وهناك من الدراسات العلمية والملاحظات التشخيصية التي تبين أن السمنة قد تسبب ضيق التنفس أو تزيد من حالات الربو، فمن الملاحظ حقا أن سمين الجسم يصعب عليه التنفس نتيجة ضيق الشعيبات الهوائية لديه او صغر حجم الرئة. وهناك علاقة أيضا بين سمنة البطن وأمراض الشيخوخة التي منها مرض الزاهماير وذلك أن الخلايا الدهنية خاصة تلك المجتمعة في منطقة البطن تفرز ما يعرف بالانترليوكين والذي يؤثر سلبا على كثير من خلايا جسم الإنسان. * ما كيفية علاج المشكلة؟ - لا شك أن العلاج سهل لمن أراده كذلك، ويكمن في الحفاظ على الوزن بممارسة التمرين الرياضي المنتظم والحمية الصحية الدائمة. ويعتقد البعض خطأ أن استخدام الأجهزة الموضعية الهزازة حول البطن تخفض أو تقلل من تجمع الدهون المركزية وهذا اعتقاد خاطئ، حيث أن هذه الأجهزة قد تقوي العضلة نوعا ما ولكن لا تقلل ولا تحرق الدهون كما يسوق لها البعض. إن استئصال هذه الدهون المتجمعة جراحيا بما يسمى بعمليات الشفط ونحوها قد يفيد البعض ولكن يفضل أن يكون العلاج رياضيا وغذائيا. ولابد من أخذ خطوات جبارة في هذا الصدد لكون عدد زائدي الوزن في تزايد حيث تشير الاحصاءات الى أن هناك أكثر من اثنين بليون شخص يعاني من زيادة الوزن وأن هناك أكثر من سبعة مئة مليون شخص يعاني من السمنة في العالم. إن استخدام أدوية السكري قد تساعد في خفض الوزن لدى مرضى السكري ومثال علاج الميتفورمين والفيكتوزا والاكسنيتايد ونحوها. إن العلاج التصرفي وهو الذي يتحكم بتصرف الشخص وطريقة حياته وكذلك العلاج الجماعي يعتبر أفضل وسائل العلاج ويكون ذلك بمشاركة أفراد العائلة والعمل على كسب التشجيع والمثابرة على العمل الرياضي او الحمية الغذائية ونحوها. إن انتشار النوادي الرياضية في الآونة الأخيرة وإقبال الشباب عليها من الأمور التي تبشر بالخير وتدل أن مسألة زيادة الوزن قد تكون في انحسار.