ينتظر أن يكون اليوم مهماً ومفصلياً في مجلس التعاون الخليجي الذي احتفل هذا العام بميلاده الثالث والثلاثين، إذ سيجتمع في جدة وزراء خارجية المجلس لعقد اجتماع دوري اعتيادي، لايتوقع أن يكون كذلك، فالكل ينتظر ما تمخضت عنه المداولات السياسية رفيعة المستوى المستمرة منذ عدة أشهر بشأن اتفاق الرياض الذي وقع في فبراير الماضي. اجتماع حاسم يعقد اليوم في جدة وزراء دول مجلس التعاون اجتماعهم العادي لبحث وتداول الأوضاع في المنطقة ومتابعة أعمال المجلس في كافة المجالات، إلا أن اتفاق الرياض سيطغى بلاشك على كل المواضيع التي اعتاد المجلس على مناقشتها خلال اجتماعاته الدورية، إذ سيحدد هذا الاجتماع إلى حد كبير إلى أين يمضي مجلس التعاون الخليجي الذي يبدو أنه يواجه اختباراً هو الأصعب منذ إنشائه عام 1981م، إذ ألقت الأزمات التي تمر بها المنطقة بظلالها على المجلس السداسي، الذي كانت إحدى مبادىء إنشائه الوحدة والهدف المشترك وهو ما ترى دول التعاون أن قطر قد حادت عنه. جوهر اتفاق الرياض الاجتماع الثلاثي الذي عقد في الرياض مطلع العام الحالي بين خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والشيخ صباح الصباح أمير الكويت والشيخ تميم بن حمد أمير قطر ونتج عنه تعهد قطري بالالتزام بالنهج الخليجي وهو مالم يحدث، جعل المملكة والإمارات العربية والبحرين تعلن عن سحب سفرائها من قطر بعد اجتماع عاصف احتضنته الرياض قبل أشهر استمر زهاء ست ساعات خرج منه الوزراء، ليقولوا أن الدوحة لم تلتزم بتعهداتها وأن الإحتمالات تبقى مفتوحة لإقرار إجراءات أخرى. الأمير خالد بن بندر الأمير محمد بن نايف العلة التي ساقها وزراء خارجية دول التعاون في اجتماعهم في مارس الماضي، ركزت على نقطة يبدو أن لدى الدول الثلاث الخليجية ما يثبتها وهي التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس، وهو ماتراه الرياض وأبو ظبي والمنامة مساس بسيادتها وأمنها. ولعل التطورات التي تحدث في المنطقة ساهمت كثيراً في خلق حالة التباس في ذهن الدوحة فتصرفت كدولة لديها الحق في الدفاع عن استراتيجيتها كجزء من سيادتها وهذا مسلم به، إلا أن الانغماس في تلك الاستراتيجية دفعها لنقاط تماس مع دول جوارها الجغرافي والأخوي وهو ما واجهته الدول الثلاث بحدة. الجولة الأخيرة قبل اجتماع جدة الوزاري قررت المملكة إيفاد ثلاث وزراء في جولة خليجية، تشير مناصب الوزراء إلا طبيعة الملفات التي تهم الرياض وهي الشؤون الخارجية والأمنية والاستخباراتية، الجولة التي استهلت بالدوحة التي استقبل فيها الشيخ تميم بن حمد أمير قطر الوزراء السعوديين الثلاثة الأمير سعود الفيصل والأمير خالد بن بندر والأمير محمد بن نايف، وكانت صور اللقاء التي ظهرت على شاشات التلفاز والصحف توحي بأريحية اللقاء الأخوي فظهر الجميع مبتسماً. توجه الوفد الثلاثي السعودي إلى المنامة، ليلتقي بالملك حمد بن عيسى، ولا يتضح أن الوفد الوزاري يحمل أخباراً سيئة من الدوحة التي للتّو قد أنهى زيارته إليها، بل نقلت وكالة أنباء البحرين عن الملك حمد تثمينه "الدور الرائد للمملكة العربية السعودية في دعم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعمل على تعزيزها وتطويرها لكل ما فيه خير وصالح أبناء دول المجلس". في اليوم التالي كان الوفد السعودي في أبوظبي وهناك التقى بولي عهدها الشيخ محمد بن زايد وشملت المباحثات استعراض مسيرة المجلس الخليجي والتأكيد على حرص البلدين على دعمه وتبني المواقف التي تصب في وحدة الصف الخليجي. الاحتمالات المفتوحة بالعودة إلى الجولة الأخيرة نلحظ أن (الزيارة الوزارية) كانت عالية المستوى، وكان هنالك حرص أن تعلن الزيارة وتظهر صور اللقاءات في وسائل الاعلام، كما أن قيام الوفد السعودي قبيل الاجتماع الوزاري بزيارة إلى الدوحة يمكن أن يكون اشارة إلى بداية جديدة، وتطور حاصل في الموقف الخليجي، حرصت المملكة على إيصاله عبر ثلاثة من أهم مسؤوليها. ويبقى المجال مفتوحاً على كل الاحتمالات في ظل تكتم شديد حول المعلومات التي لم يرشح منها ما يعكس نتيجة مؤكدة خصوصاً أن مهلة الاسبوع التي منحت للدوحة في اجتماع جدة الأخير قد انتهت دون إعلان عن أي قرار يخص الأزمة.