تجمعنا بعض الذكريات.. وتختزن ذاكرته ملامح مدينة جميلة.. تدعى الطائف.. يتحدث ويصف كل حركة بدقة.. ربما يعرف البعض أنه شاعر.. بل من الرواد.. وآخرون عرفوا ذلك الصحفي.. وأيضاً من الرواد.. ولكن ومع أهمية الشاعر والصحفي وأيضاً الكاتب.. فثمة أمر قد لا يعرفه إلا من جلس عنده وتحدث معه.. ومنحه فرصة استرجاع شخصيات غلفها النسيان. هو رجل آخر.. رجل من الزمن الجميل.. أكثر من صديق.. وبالنسبة لي.. الأخ الكبير الذي يحرص على اخوته بأن يكونوا الأفضل.. يتعامل معي و مع الآخرين القريبين منه.. بشفافية وصدق.. يتجاوز عن الأخطاء.. ويعاتب دون تجريح.. انه انسان مختلف.. في مرحلة سابقة من عمر جريدة الرياض.. كانت هنالك زاوية يكتب فيها بعض منسوبي الجريدة إضافة إلى بعض الكتاب الذين لديهم ملكة السخرية، وجد هذه النافذة الصغيرة مشرعة للولوج إلى ذلك العالم الجميل.. استل مجموعة من الشخصيات المغمورة والمختلفة وقدمها للقراء. لا اعتقد ان هنالك روائياً في المملكة، لديه عوالم موازية او مشابهة لعوالمه.. هذه العوالم قد تكون نواة لروايات، أو حكايات، أو ذكريات.. قد تكون جزءاً من سيرة ستكتب أو كتبت.. حين ينتهي عمله ويجد فسحة من الوقت.. يستل احدى الشخصيات التي كتب عنها.. أو استرجع موقفاً لها في وقت سابق ليواصل الحديث عنها.. شخصيات حاضرة.. ومتجددة على الرغم من أن أغلبها مضت سنوات قد تتجاوز أصابع اليدين على مغادرتها الحياة الدنيا. الأمر المهم هو أن يكون ذلك الرجل متميزاً.. وهو كذلك.. لذا أشعر بأن الحديث عن هذا التميز يحتاج إلى مساحة كبيرة.. وأنا هنا آخذ حيزاً بسيطاً لأعبر عن شعوري تجاه هذا الرجل المتميز والمختلف. لم اكتب اسم الأستاذ سعد الحميدين في سياق حديثي.. لثقتي بأن كل من يقرأ ما كتبت.. سيقف عند شخصية أسطورية، وأنا هنا لا أبالغ.. وبالذات في المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية.. فثمة شعراء.. عرفوا فقط كشعراء.. ولم يكن لهم حضور خارج إطار الشعر.. وهو.. شاعر.. ولكنه شاعر مختلف.. بدءاً من رسوم على الحائط حتى ديوان سين بلا جواب.. وماكتبه من قصائد بعده.. لغة مختلفة.. نسق شعري حداثي مختلف.. لذا فقد عرف بأنه رائد الحداثة.. وحتى كلماته الشعرية التي تجمع بين الفصحى والتراث القديم والشعبي المتداول.. مختلفة عن كل كلمات الشعراء.. قديماً وحديثاً.. ولكم ان تعودوا إلى الدراسات التي قدمت حول شعره. أما بالنسبة للصحفي.. فتاريخه حافل.. وأيضاً مختلف.. لم يكن همه أن يكون رئيساً للتحرير.. أو صحفياً كبيراً.. كانت شخصيتا المثقف والصحفي متوازيتين ومتمازجتين في تجربته الصحفية.. وقد حقق نجاحاً في المجلات والصفحات والملاحق الثقافية التي اشرف عليها.. أمر آخر وهو الكاتب الذي يلتقط لمحات ثقافية.. يتحدث عنها.. ويقدمها للقارئ.. ليستفيد ويزيد من معرفته. هنا في ثقافة اليوم "الملحق الثقافي لجريدة الرياض" نحتفي بسعد الحميدين.. ونحن على يقين أنه حاضر معنا.. ومواصل المسيرة التي بدأها.. قد يعيش الآن استراحة المحارب.. مازلنا نمد أيدينا له ليواصل العطاء.. ويحقق نجاحات أخرى.. ندعو لك بالصحة والعافية والعمر المديد.. وفي انتظار حكاياته التي لا تمل. عبدالعزيز الصقعبي