ما تحدث به الفنان حسن عسيري لقناة ام بي سي مؤخراً عن معاناته وزملائه المنتجين من سوء تقدير المجتمع للفن هو في واقع الأمر حقيقة ﻻ يختلف عليها أحد، ذلك أن المجتمع ما زال يتعامل مع الفنون بمختلف أنواعها على أنها نوع من الهزل وتضييع الوقت، كما ينظر لها وسيلة من وسائل هدم القيم والأخلاق. هذا الانطباع الذي تبنته مجموعة صغيرة من أفراد المجتمع قبل سنوات ساهمت في تعميمه ليشمل معظم المجتمع وهذا انعكس بالتالي على جودة الفن وقيمته. إن ما يواجهه المشروع الفني لدينا من محاوﻻت إجهاض دائم وتصويره على انه نوع من أنواع الموبقات كان كافياً لخلق حالة من عدم الجدية فيما ينتج أو يعرض من أعمال درامية، واصبحت كل تلك اﻻعمال تصب في خانة التهريج لأن القائمين على الشأن الثقافي هم من يبارك هذا التوجه الذي لا يجلب لهم مشاكل مع المجتمع. بل ويساهم بعضهم على ان تستمر تلك اﻻعمال في هذا المستوى الهزيل خوفاً من اعتراض بعض الذين اعتبروا أنفسهم أوصياء على المجتمع من خلال اعتراضهم الدائم على أي منشط ثقافي خلاق وبناء. الصعوبات التي تحدث عنها عسيري صعوبات وهمية صنعها بعض المتشددين وباركها المجتمع بأغلب مؤسساته مما أوجد حالة من الرفض التام لكل ما هو جميل ومزهر في المجتمع. إن الدراما والمسرح والفنون بأنواعها رافد مهم في توعية المجتمع وتنويره ومن المؤكد ان الدراما التلفزيونية متى ما كانت جادة ومتميزة ستكون أكثر تأثيراً من وسائل أخرى لم يعد لها ذلك المفعول وثبتت أنها كانت وسائل إساءة ﻻ تثقيف. إن ما يمر به المجتمع الآن من منعطف كبير وخطير يؤكد على اهمية اعادة النظر في الشأن الثقافي بشكل كامل وإعطائه الفرصة للمشاركة في إعادة تأهيل وعي المجتمع الذي أصبح أسير فكر واحد. ﻻبد أن يكون للفن دور في اعادة تشكيل وعي الشباب من خلال الدعم المادي والمعنوي لمختلف المناشط الفنية، هذا الدعم الذي ﻻبد ان يتزامن مع تشريعات تمنع من يرفض لمجرد الرفض أن يفرض رغبته على الجميع، وان يعاقب من يعطل اي منشط ثقافي لأي سبب.