لم يكن كرامة مرسال "1946 - 2014 م" المطرب اليمني قريباً من الإعلام لفترة دامت طويلة. رغم هذا البعد الا انه اسماً كبيراً مروجاً للفن في اليمن وثرائها من التراث، ولد المغني الراحل في مدينة المكلا. بين تلك الأسرة الميسورة الحال والتي تتجلى بثقافتها وعلومها، كرامة كسائر المبدعين كان مردداً لما يسمعه من والديه عندما يغنيان بعض الاغاني الشعبية في مدينة المكلا. هكذا يبين تاريخ الراحل كرامة مرسال في تلبس الغناء في احساسه، عندما دخل الفن مطلع العام"1963 " وارتبط اسمه في سن السابعة عشر بالعديد من الشعراء "الحضارم" بينهم حسين أبوبكر المحضار الذي كان سببا في تألق أغانيه وغنى من اشعار عمر أبوبكر العيدروس وأحمد سالم البيض وأحمد سالم بامطرف وجمعان بامطرف وجنيد باوزير وعباس الديلمي، هناك قدم أعمالا فنية وطنية كثيرة ورصيدا كبيرا في الغناء وجدوا فيه ما لم يجدوه في غيره. يرى أن الوداع من أصعب وأمر الأشياء في الحياة أشياء من بدايته.. شكل الراحل "المغني" محمد جمعة خان رحلة واضحة في حياته، لم يكن من كرامة مرسال الا ان استلهم الغناء من ذاك الذي يعتبره اسطورة في الغناء الحضرمي، عندما شائت الصدفة أن يتوفى في بداية ظهور كرامة "1963م"، حيث بدى مرسال مقلداً ومتبنياً عظمة هذا الفنان الراحل محمد جمعة خان الذي يعد حينها أحد أشهر فناني اليمن، ويعتبر فقدانه اثر سلباً على الاغنية الحضرمية، بينما ترك أثر وفاته فراغا في الساحة الفنية، لكنه أي كرامة حاول أن يسَّد ذلك الفراغ.!، عندما كان يحيي الحفلات الشعبية والأعراس على أنغام الراحل محمد جمعة خان ما أعطاه خطوة قوية للظهور على الساحة الفنية. الرئيس اليمني عبد ربه منصور مكرماً كرامة مرسال قبل وفاته يستفيد كرامة مرسال من امكانيات صوته البكائية النادرة البحة العملاقة كما يقول من رافقه، ويستمد من إلمامه في التراث والأغنية الشعبية موهبة التلحين التي جعلته صانعاً في النغم لكثير من الفنانين باليمن والخليج العربي. قبل هذا.. بدأ كرامة بإطلاق أول اغنياته واسطواناته في "1969م" في أول حوار فني بينه وبين الشاعر حسين ابوبكر المحضار "رحمه الله" عندما لحن تلك المجموعة بنفسه وأطلقها في أول اسطواناته، حيث لم يفترق هذا الثنائي طوال مسيرتهما بالفن متلازمين مع رحلة الفنان ابوبكر سالم حتى توفي المحضار عام "2000م". ما يميز كرامة مرسال في مشواره وحياته الفنية انه لم ينعزل عن الغناء وتقديم كل الالوان الحضرمية، الكثير منه ذو اللون الحضرمي الذي بدى لامعاً في سماء الخليج العربي، حتى تجلت أغنية "متيم" وتغنى بها العديد من مغنيين الخليج العربي، رغم امتلاكة تلك الخزينة والمكتبة العظيمة من التراث والفن في اليمن. يعتبرونه أهل اليمن والخليج العربي مطرباً كلاسيكياً عظيماً وذو شهرة واسعة على مدى السنوات التي أسس فيها لوناً جديداً مغلفاً بالتراث اليمني محتفياً بأساس الراحل محمد جعة خان، لذا تجده يحيي في كل عام أكثر من ستة حفلات خاصة وعامة في دول الخليج العربي والسعودية على وجه الخصوص. يقول كرامة مرسال عن الحب في نفسه "انه نبراس الحياة وحياة بدون حب لا تساوي شيئاً" فربما كان مليئا في ثنايا قلبه الذي عبر عنه في الأغاني، في نفس الوقت تجده مناصراً للمرأة ويضعها تاجا على راس كل رجل بعد ان قال عنها "المرأة شريان الحياة فهي الأم والأخت والزوجة". كرامة ذاك الإنسان البسيط في معناه يستصعب أمر الوداع فيراه "أصعب وأمر الأشياء في الحياة" كما بينت رحلته وأشياء من بقاياه. بعد نجاح العملية الجراحية في مصر على نفقة الدولة يجد محبو كرامة مرسال ان فقدانه من اصعب الاشياء التي تمر على الحالة الفنية في الجزيرة العربية. يتذكرون تلك الصور المبُكية.! قال حينها إن الفنان الذي لا يكرم في حياته ولا يعتنى به لا يمثل في نفسه شيئا، معبراً عن حالة البؤس التي مّر فيها وغيره. الشهرة والنجومية.. متيم الهوى .. لم يترك "متيم" و" شربة ماء" و" مالي بحبهم نصيب" و"صادق النية" وغيرها من الاعمال الخالدة في أرشيف الفن اليمني، لكنه قال في احداها "عشت عمري" مع "مذكرات قلبي" لتضل راسخة في عقل الإنسان المحب للغناء، هناك الهوى والحب الذي يتصف بروحه الفكاهية ويتفرد بها في حفلاته ومقابلاته التلفزيونية، وتعبيراته الساخرة الجريئة التي يطلقها بين الحين والاخر. جاء دخوله الفن ليكون رفيقاً لاهم شاعر حضرمي حسين المحضار وأشهر فنان أبو بكر سالم بلفقيه، لكنه في نفس الإطار عاشقاً لصوت الأرض طلال مداح، عندما قال عنه في قطر "إن الساحة الفنية تفتقد الرأس وبدونه لا يمكن ان يكتمل المخلوق، هذه حالة الغناء في الجزيرة العربية فما نسَّمع لا يعبر عن هوية" توفي الفنان كرامة مرسال مطلع الاسبوع يوم الأحد الماضي في مدينة حضرموت اليمن عن عمر ناهز الثالثة والسبعين عاماً إثر مرض عضال ألمّ به وترك خلفة تراثاً حضرمياً لا يضاها. كرامة مرسال - للبساطة معنى خاص